على الرغم من تزامنه مع معارض أخرى، وبرودة طقس مدينة الرياض هذه الأيام، إلا أن معرض الإعلام وتكنولوجيا وسائل الاتصال، الذي أقيم مؤخرا ونظمته مجموعة علاقاتي الدولية للعام الرابع على التوالي، شهد حضورا كبيرا، فاق ال6 ألاف زائر من الجمهور المهتم بوسائل الإعلام والاتصال، وشهد كذلك كثافة في المشاركة الخاصة بتقنيات الإعلام والاتصال والقنوات الفضائية. وخلال 3 أيام متتالية، شهد المعرض، الذي أقيم تحت رعاية وزير الثقافة والإعلام الدكتور محي الدين خوجه، ودشنه الأمير تركي بن خالد بن فيصل، إقبالا أكبر هذا العام نظرا لإضافة بعض الفعاليات الجديدة التي لم تكن موجودة من قبل، وكذلك مشاركة واسعة من الصحفيين والإعلاميين والمصورين الفوتوغرافيين وأيضا المهتمين بالإنتاج المرئي والصوتي ممثلا في كبرى القنوات الفضائية والشركات الإعلامية، عبر أجنحتها المميزة في المعرض، وحضور نخبة من نجوم الإعلام والدراما السعودية والخليجية، وشخصيات اجتماعية بارزة في تظاهرة إعلامية كبيرة، كما خلق المعرض فرص عمل واسعة للمختصين، وشهد المعرض عقد عدد من الصفقات بين شركات الإنتاج والقنوات الفضائية التي تجاوزت في مجملها حاجز الخمسين مليون ريال جاء في معظمها عقود تشغيل قنوات إضافة لاتفاقيات شراكة بين عدد من شركات الإنتاج.. وخلاله كرمت الشركة الأردنية السعودية للبث الفضائي(جاسكو) المدينة الإعلامية، غرضها الاستثمار في مجال الإعلام من خلال منظمة البرامج التي تشرف على بثها أو إنتاجها، كرمت أكثر من 10 قناة فضائية حديثة أبرزها قناة الدانة 2 وقناة نايلات وقناة صوت البادية، نظير انطلاق بثها عبر جاسكو وأيضا لانضباطهم ومهنيتهم الإعلامية المتميزة. وبعد النجاح الكبير الذي حققه المعرض في الأعوام الماضية كأول معرض يتم تنظيمه في منطقة الشرق الأوسط، يأتي المعرض هذا العام في وقت تشهد فيه المملكة تطورا كبيرا في مجال وسائل الإعلام وتقنيات الاتصال، ما يعزز من فرص الاستثمار في مجال الإعلام وخلق فرص عمل واسعة وشراكات اجتماعية وكيانان إعلامية قوية قادرة في المستقبل على أن تكون نواة مدن إعلامية ضخمة، وهدف إلى تعريف كافة الأجهزة المعنية بآفاق الاندماج بين الإعلام والتكنولوجيا وتأثير المستقبل الرقمي وثورة الاتصالات على صناعة الإعلام. ولأول مرة شهد المعرض عددا من الفعاليات المصاحبة لم تكن موجودة من قبل، حيث أقيمت 4 ورش عمل وأمسية شعرية وأداء العرضة السعودية، وتم تكريم 3 من رواد الإعلام السعودي وهم ماجد الشبل وسلوى شاكر وتركي الشبانة، بالإضافة إلى الفنان سعد خضر، وفايز المالكي، ومحمد العيسى، وسناء بكر يونس، ومريم الغامدي، وعلي المدفع، ومحمد الطويان، والفنان والمنتج حسن عسيري، ومن الكويت جاسم النبهان ومحمد جابر، وكذلك الإماراتية هدى الخطيب، والعمانية فخرية خميس. وعلى هامش المعرض أقيمت 4 ورش العمل حضرها جمهور كثيف وتجاوب معها بمداخلات واستفسارات رد عليها القائمين على الورش، التي بدأها رئيس تحرير صحيفة قوول أون لاين الأستاذ خلف ملفي حيث قدم ورقة عمل باسم (الرياضة السعودية والإعلام الجديد)، تطرق خلالها إلى تجربة "صحيفة قوول أون لاين" منذ تاسيسها عام 2009، مرورا بمراحل التطوير التي شهدتها الصحيفة الإلكترونية الأولى في المملكة، مؤكدا أنهم يحرصون بشدة على الصياغة والجودة، مضيفا أن الإعلان مطلوب بالنسبة للصحيفة لكن المساحة محدودة في الموقع. ومن جانبه، قدم الرئيس التنفيذي لشركة اصيلة للإنتاج التلفزيوني الأستاذ فهد السعوي ورقة العمل الثانية باسم (الإنتاج التلفزيوني في المملكة)، أكد خلالها أن القاعدة الأساسية للإنتاج تعتمد على الجودة والسرعة والتكلفة المالية، مضيفا أن مزاج الرأي العام السعودي تغير من شركات الزينة والعطور عام 2009 إلى ثورة الاتصالات عام 2010، واعترف السعوي أن سوق الإنتاج في المملكة يعاني من بعض المشكلات مثل فقده لروح المبادرة وعدم احترام التخصص، مطالبا بارتقاء سوق الإنتاج لثقافة مهنية عالية، وعرج في الختام للسؤال المطروح لماذا نحن كسعوديين لا نبحر بإنتاجنا إلى آفاق عليا؟ وعلل ذلك بعدم قراءة مشهد الرأي العام جيدا وبيروقراطية القرار، وكذلك لم يتم تقدير حاجة المتلقي بصورة حقيقية، وأن المنتج يريد فقط السقف الأعلى في كل شيء، لكن بجهد ووقت قليل. أما الورشة الثالثة ضمن الفعاليات المصاحبة، فقدمها الفنان والمنتج المعروف حسن عسيري وكانت عن (الدراما السعودية) أكد خلالها أن القنوات الفضائية لم تعد ترفا ولا وسيلة للتسلية وقضاء أوقات الفراغ، بل أضحت وسيلة تقود إلى الثورات و إيصال صوت الجميع إلى أعلى سلطة في العالم. وطالب عسيري الدولة بدراسة مشكلات الإنتاج التلفزيوني وتأسيس أكاديميات بشكل فوري وسريع لأن ذلك من شأنه المساعدة في دعم صناعة الإنتاج السينمائي في المملكة، مشددا على الاعتراف بمهنة الفنان، وتواجد جهات أكاديمية وتعليمية تهتم بالإنتاج التلفزيوني، ولفت النظر إلى سرعة حساسية المجتمع السعودي من الأعمال التي تلامس قضاياه واعتباره من ضمن الفضائح والكوارث. وناشد عسيري في ختام ورقته وزارة التربية والتعليم بضرورة الاهتمام بالمسرح المدرسي من خلال أكاديميين متخصصين، مع موجود منظومة أو هيئة تهتم بالإنتاج التلفزيوني أو السينمائي بشكل مؤسسات خاصة كما هو موجود في دولة الإمارات العربية المتحدة، مشددا على ضرورة الارتقاء بالمهنية ومشاركة صاحب القرار مطالبا الجميع بالفاعلية وابداء الرأي السديد لصناع القرار وعدم الاكتفاء بالمشاهدة فقط. وكانت الورقة الأخيرة بعنوان (الإعلام الجديد وإيصال المحتوى عبر الإنترنت) قدمها مدير التطوير في UTV الخبير الأمريكي كاب شيء، الذي حضر خصيصا للمعرض، طرح خلالها أحدث ما وصلت إليه التقنية في الإعلام الجديد، مقدما بالصوت والصورة أمثلة حقيقية لما وصلت إليه التكنولوجيا في مجال الإنترنت. وفي نهاية البرنامج الخاص بأوراق العمل، كرمت الجهة المنظمة كلا من رئيس جمعية المنتجين السعوديين محمد الغامدي والمخرج التلفزيوني يحيى مساوى ورئيس تحرير صحيفة قوول أون لاين خلف ملفي، كما تم منح شهادات حضور للإعلاميين والزوار المشاركين في الورش. ولم يغب "الربيع العربي" عن المعرض، ، فقد ظهر من خلال الأمسية الشعرية، ضمن الفعاليات المصاحبة للمعرض، للأمير الشاعر خالد بن سعود الكبير، الذي استهل الأمسية بالثناء على المنظمين واعدا بأمسية جميلة وخفيفة، مشيدا بالترحيب والحفاوة التي قوبل بها، وبدأ الأمسية بقصيدة وطنية سماها (أنا سعودي وعبدالله) قوبلت بالثناء والتصفيق الحار من بين الحضور الكبير، وأخرى نظمت خصيصا لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بعد شفائه من العملية التي أجريت لسموه مؤخرا، وثانية ترحما على روح صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز رحمه الله، ونظم أيضا قصيدة بعد تولي صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز ولاية العهد وكسب ثقة الشعب السعودي بأكمله، ثم قصيدة بعنوان (وحدة شعب) تفاعل معها الجمهور بصورة واضحة. ولم يغب "الربيع العربي" عن الأمسية، على الرغم من تأكيد سموه أنه "خريف" وليس ربيعا، من خلال ثورات الشعوب في عدد من الدول العربية مثل تونس ومصر وليبيا واليمن وسوريا، فقط ظهر "الربيع العربي" وبقوة ومن غير استحياء، من خلال بعض القصائد التي ألقيت، وفي ختام الأمسية عرج الشاعر الأمير خالد وبطلب من الكثيرين إلى "الربيع الآخر" وهو الغزل، حيث ألقى بعض القصائد العاطفية مثل "الجوهر الغالي" و"عقد الأسرار" وعدد آخر من القصائد نالت استحسان الحضور وقوبلت بتفاعل كبير وتصفيق حار. وأخيرا.. من المؤكد أن المعرض يشهد تطورا سنة بعد أخرى من حيث الشركات المشاركة وتنوعها مما يعني دخول الشباب السعودي في المجال الإعلامي.. ومن المؤكد أيضا أن هناك بعض الملاحظات تم تدوينها من قبل الجهة المنظمة من خلال الاستبيان الواسع واستطلاع أراء الزوار والعارضين أبدوا خلاله بعض الملاحظات التي بلا شك لن تغب عن المنظمين وستكون محور اهتمامهم ليتم تلافيها في الأعوام المقبلة.