ذات مرة، قال لي صديق مدنف بقصيدة (عبد الله الحارثي): هذا الشاعر يحصبنا بالورد.. ثم، يعيرنا أجنحة. كان قد فرغ لتوه من ترتيل " شباك ريم " وكان وجهه مضرجا بالشجن، كما لو أنه عاشقا آتيا من حالة فراق ثم، قال : أنظر ل " هذه" القصيدة التي يكتبها " عبد الله ".. كيف يبنيها، ورقة، ورقة، كما تبني العصافير شجرة. ..... وتتخذها أعشاشا لها. ثمّة، شيء في هذه القصيدة.. يصنع لك، حديقة، ودارا، وحبيبة. وصوت ناي يشغلك.. شجن يثير جلبة في روحك.. ثم: يهبك وردة في سلة عاشقة.. وكنت أنا مشغولا ببعضي الذي غادرني منذ قليل.. إلى شجر في أراضيه الأخرى كنت قد رأيته يحاذي النهر ويستأذنه.. أن يعيره البجع في رقصة طارئة. هذا الشباك : يدعونا بصوت هادي بأن نتجاسر ونظل نخطف من القمر فضته. النشوة تتمدد على العشب.. وجمر النافذة يمور خجلا من الليل الذي يطيل جلوسه في الجهة المقابلة. هناك شيء يحرض الورد والندى، الاثنين معاً في دلال ساخن.. لينصبا خيمة لهذا الضيف الذي أوثق قلبه بجذع شجرة.. وبادر يتلو مذكرات الضوء الخافت الذي يباشره من مكان ليس ببعيد.. ثمة : طير أرّقه السهر... مشغولا بهمهمة الضوء المهرّب.. من ثقب موارب في ظل هذا الجدار. فتحت له النافذة المعلقة في أريجها استراحة تبتكر: نهرا، وبجعا.. وقارب صغير يعتمر قبعة النهر الزاهية , ويسرّب أغنية.. عسى ألاّ تحتجب الغابة التي كانت قد وعدت أن تجيء. ماذا بوسع العاشق أن يفعل خلف هذا الظل وهذا الجدار... سوى : أن يبارك روحه التي تتمدد على حواف النافذة.. ..." شباك ريم "، تتمادى في حلمها. وتهدينا غصنا وهي تقول : كونوا سعداء بحلمكم... أجل، أجعلوا الحب أكثر رقّة.. ولا تمنعوا الحياة من أن تكون جميلة..