كان لمجرد قبول عضوية فلسطين في منظمة اليونيسكو ردود أفعال إسرائيلية يمكن وصفها بالأقرب إلى الهيستيرية.ً رافقتها على الأرض مسارعة نتنياهو إلى إعطاء أوامره "بتعجيل" عملية التهويد الدائرة في القدس وسائر الأراضي المحتلة ما بعد العام 1967 . تم الإعلان عن البدء في بناء ألفي وحدة سكنية في العاصمة الفلسطينيةالمحتلة ، ومجمعي الكتلتين الإستعماريتين الكبريين "غوش عتسيون" و"معالية أدوميم" التهويديين لإنجاز الإطباق الكامل عليها. وكان هذا الى جانب قرار وقف عملية تحويل الأموال الفلسطينية إلى سلطة رام الله ، وإعطاء جيش الاحتلال الضوء الأخضر لشن عمليات عدوانية برية على غزة ، سارع جنرالاته إلى إطلاق مسمى "المفاجآت" عليها ، كما شرع في تنفيذ عمليات الإغتيال الجوية المخططة سلفاً والتي منها كانت المؤجلة ، خارقاً الهدنات الأخيرة المتلاحقة المتوافق عليها بين الإحتلال والمقاومة على جبهة غزة ، والتي جهد الوسطاء المصريون في عقدها بعيد ساعات لااكثر من إعلانها . كان الإسرائيليون واضحون في إعلانهم بأن هذا أنما هو مجرد عقاب سريع للفلسطينيين لقاء هذه التي يعدونها "الخطيئة" التي ارتكبوها عندما تقدموا لطلب العضوية وصوتت اليونيسكوا على قبولها . لاحقاً لم يغيّرفي هذا زعم نتنياهو في الكنيست بأن الأمر لم يكن كذلك ، وحين أرجع القرارات العقابية إلى ما هو أوقح ، قوله أنها جاءت في سياق مواصلة ما هو عادي في إطار متواصل العملية التهويدية المتبعة والمستمرة . وكان مكتبه أكثر وقاحةً حين قال في بيان رسمي معللاً الأمر بأن "هذا التوسع الاستيطاني يتم في مناطق ينظر إليها بأنها سٍتكون من نصيب إسرائيل في إطار أي اتفاق سلام مستقبلي مع الفلسطينيين"! الأمريكان لم يكونوا أقل غضباً من الإسرائيليين، كلاهما عاقباً اليونيسكو بقطع تمويلهما لها. وكان الأمريكان قد شنوا حرباً ديبلوماسية استباقية في أروقة المنظمة وخارجها لمنع قبول الطلب الفلسطيني ومارسوا كل ما لديهم من أسلحة الضغط الهائلة التأثير عادةً ، وحيث لم ينجحوا كادوا أن يصنفوا اليونيسكو منظمةً إرهابية! لعل كل هذا هو في حكم المتوقع، ومن غير المستغرب ، بل ويعد أنموذجاً مصغراً للمعركة الكبرى القادمة في هيئة الأممالمتحدة حول عضوية فلسطين في هذا المحفل الدولي الذي تنظر واشنطن له وكأنما هو ملحق للخارجية الأميركية ، أما أسرائيل فكأنه ما كان إلا لكي يشرّع جرائمها ويقونن عدوانيتها . هذه المعركة كانت قد بدأت فعلاً حتى قبل تقديم طلب هذه العضوية ، التي لم ولن يتردد الأمريكان والإسرائيليين ، ومعهم الغرب كله هذه المرة ، في خوض معركتها باستماتة أكثر لمنع قبول هذه العضوية رغم رمزيتها ، هذا إن تحققت باعتبار أن الفيتو الأمريكي في إنتظارها في مجلس الأمن ، مما يعني أن مآلها هو إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة ... خوضها باستشراسٍ أين منه موقعه اليونيسكو وما تبعها من ردود ألأفعال المشار إليها. ليس في ردود الأفعال الإسرائيلية والأمريكية من جديد أو ماهو غير المتوقع ، الأمر الذي ينسجم مع طبيعة الكيان الغاصب وثوابته ولا يتنافى مع سياسات راعيه الأمريكي ومشاريعه الإمبراطورية الاستعمارية .