لم يُثِر توصيف الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو بأنه «كاذب» أي رد فعل خاص في الدولة العبرية، ربما لأن ساركوزي ليس الزعيم الأول الذي ينعت نتانياهو بهذه الصفة، وربما لأن الإسرائيليين اعتادوا على سماع كلمتي «نتانياهو كذاب» في مناسبات عدة، سواء من خصومه السياسيين المحليين أو من الإعلاميين الذين يحرصون على مواجهة تصريحات نتانياهو المختلفة مع الحقائق على الأرض. لكن مع ذلك، أن يصدر هذا التوصيف عن شخص طالما تباهى نتانياهو بصداقته الشخصية معه، فإن في الأمر إحراجاً لرئيس الحكومة الإسرائيلية، يُضاف إلى إحراج مماثل سببته تسريبات من أوساط «صديقة» أخرى، هي المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل مطلع الشهر الماضي، أفادت أنها «تغلي غضباً على خداع نتانياهو» لها. وأبرزت وسائل الإعلام العبرية على مواقعها على الإنترنت أمس نص حديث خاص بين الرئيس ساركوزي والرئيس الأميركي باراك أوباما في قمة مجموعة العشرين التي عقدت في كان الأسبوع الماضي، وصف فيه الأول رئيس الحكومة الإسرائيلية بأنه «كاذب». وسمع صحافيون كانوا في مكان قريب هذا الكلام لأن الزعيمين لم ينتبها إلى أن المايكروفونات كانت مفتوحة، لكنهم احترموا طلب ساركوزي عدم نشر كلامه، حتى تم نشره أمس في موقع إخباري فرنسي. وبحسب الموقع، قال ساركوزي للرئيس أوباما: «لا يمكنني تحمل نتانياهو. إنه كذاب». ورد عليه أوباما قائلاً، طبقاً لما قاله مترجم فرنسي: «أنت سئمت منه، لكنني مضطر للتعامل معه كل يوم». ولم يعط الموقع تفسيراً لانتقاد ساركوزي، لكن ديبلوماسيين أوروبيين وأوساطاً سياسية إسرائيلية عزته إلى انهيار الجهود الأوروبية لاستئناف محادثات السلام بين إسرائيل والفلسطينيين على خلفية مواصلة الأخيرة البناء الاستيطاني في الأراضي الفلسطينيةالمحتلة، وهو ما دفع باريس إلى التصويت إلى جانب اقتراح قبول فلسطين عضواً كاملاً في منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونيسكو). وطبقاً للموقع انتقد أوباما خلال الاجتماع الثنائي مع ساركوزي في قمة مجموعة العشرين قبل أيام موقف فرنسا هذا. ونقل عن أوباما قوله: «لم ترق لي الطريقة التي عرضتم بها الأمر في ما يتعلق بعضوية فلسطين باليونيسكو. هذا أضعف موقفنا. كان يجب التشاور معنا. لكننا تجاوزنا هذا الموقف الآن». وعارضت واشنطن بشدة انضمام فلسطين إلى «يونيسكو». وقال أوباما لساركوزي إنه قلق من أثر احتمال سحب واشنطن التمويل من هيئات أخرى تابعة للأمم المتحدة مثل منظمة الأممالمتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) والوكالة الدولية للطاقة الذرية في حالة منح العضوية الكاملة للفلسطينيين بهما. وتابع: «لا بد من إيصال رسالة إلى الفلسطينيين مفادها أن عليهم التوقف عن هذا على الفور». من جهته رد ساركوزي على أن فرنسا لن تتخذ أي قرار من جانب واحد عندما يبحث مجلس الأمن الدولي مسألة العضوية الفلسطينية الكاملة في الأممالمتحدة المتوقع هذا الشهر. ورد أوباما: «أتفق معك في هذه المسألة». وكانت تقارير إعلامية أفادت مطلع الشهر الماضي بأن ميركل لا تثق بأية كلمة تبدر عن نتانياهو، وذلك غداة محادثة هاتفية أجراها معها في شأن استئناف المفاوضات مع الفلسطينيين أبلغته فيها أن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس مستعد لذلك شرط تجميد الاستيطان من دون الإعلان عن ذلك، لكن نتانياهو أعلن غداة هذه المحادثة بناء مئات الوحدات السكنية الجديدة في مستوطنة «غيلو» ما أثار غضب ميركل لتسببه في إجهاض الجهود الألمانية وعليه قامت بمهاتفته وتوبيخه على البناء. وأضافت التقارير أن ميركل ثارت غضباً بعد أن جندت كل طاقتها لمساعدة إسرائيل في إجهاض المشروع الفلسطيني لنيل اعتراف الأممالمتحدة بدولة مستقلة. وزادت أن ثمة «أزمة ثقة عميقة وحقيقية» بين ميركل ونتانياهو لا بد أن تنعكس سلباً على العلاقات بين البلدين. ويتناول إعلاميون إسرائيليون في العادة ما يصفونها «أكاذيب نتانياهو» فيذكرون له إطلاق تصريحات أو نسب أمور لشخصه لا صلة لها بالحقيقة. ويذكر الإسرائيليون على الدوام مقابلة صحافية أجراها نتانياهو قبل عودته إلى كرسي رئاسة الحكومة تحدث فيها عن ذكرياته من الانتداب البريطاني في فلسطين ولقاءاته مع جنود بريطانيين وهو طفل، علماً بأنه ولد بعد عام 1948. وأصبح هذا الكلام مدعاة للتندر من نتانياهو وأكاذيبه.