على أنغام الهول واليامال، أختتم مهرجان الدوخلة الوطني السابع، والذي أقيم لمدة عشرة أيام متتالية، تحت رعاية صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن فهد بن عبدالعزيز أمير المنطقة الشرقية، وبتنظيم مشترك بين لجنة التنمية الأهلية بسنابس وبلدية محافظة القطيف. فوسط جمع غفير من الحضور، بلغ حسب الاحصاءات الرسمية ما يقارب ال (248) ألف زائر خلال أيام المهرجان العشرة، امتزجت دموع الفرح بدموع الحزن، فرحا بنجاح المهرجان الذي ازداد تألقا هذا العام، وحزنا على وداع «عرس» أشبع نهم الجميع. «زفة المعرس» تبهر الحضور في اليوم الأخير كانت «زفة المعرس» بالطريقة القديمة، والتي نظمها القائمون على القرية التراثية، خير ختام لمهرجان الدوخلة في عامه السابع، فقد اجتمع الآلاف من الحاضرين للاستمتاع بعزف (الليوة)، التي كان صداها يصدح في كل أرجاء المهرجان، ومما زاد من روعتها، مشاركة العديد من الزائرين لأعضاء الفرقة في أداء أغاني التراث الجميلة. يذكر أن القرية التراثية، والتي مثلت بتصميمها الرائع الواجهة الرئيسية للمهرجان في هذا العام، قد استقطبت ما يزيد عن (80) ألف زائر، وهو ما يعتبر رقما قياسيا آخر يصعب تحطيمه في مكان وزمان آخر. «السيرك المصري» يشهد إقبالا جماهيريا كبيرا في آخر عروضه اختتم السيرك المصري آخر عروضه بالمهرجان وسط حضور جماهيري كبير، تفاعل كثير مع فقراته المختلفة، مثل: استعراض البالونات، استعراض الكرات، التوازن، المرتفعات، وخفة اليد، التي أذهلوا من خلالها جميع المتابعين للمهارة الكبيرة التي امتلكوها فيها. من ناحيته، شكر المشرف العام على السيرك القائمين على المهرجان، وأشاد بدور المتطوعين فيه وتفاعلهم مع الحدث، مؤكدا سعادته الكبيرة بهذه التجربة الجميلة والمفيدة جدا. وأضاف، قدمنا العديد من العروض في مختلف مناطق المملكة، لكنني وزملائي تفاجأنا من وجود مثل هذا المهرجان الضخم والمبهر بمحافظة القطيف. وجه من المهرجان: الدكتور عبدالله آل عبدالمحسن يعتبر الدكتور عبدالله حسن آل عبدالمحسن، هو أول من ألف مسرحية الطفل على مستوى الوطن والخليج العربي، لذلك يصنف الآن كرائد لمسرح الطفل في الخليج، وقد ألف آل عبدالمحسن أيضا العديد من المسرحيات للكبار، بلغت الأربعين مسرحية، حصل أغلبها على المركز الأول على مستوى المملكة في مسابقات الرئاسة العامة لرعاية الشباب، وله العديد من الكتب والمخطوطات في التراث، والطب الشعبي، والأمثال الشعبية القطيفية. وقد حاز آل عبدالمحسن على العديد من الجوائز والدروع، فقد كُرم من قبل وزارة الثقافة والإعلام بدولة قطر في العام (1408ه)، كما كُرم من قبل وزير الثقافة والإعلام السعودي السابق الأستاذ إياد مدني بمهرجان المسرح السعودي الرابع في العام (1429ه)، بالإضافة إلى حصوله على الجائزة الدولة لأدب الطفل في العام (2008م). يذكر أن الدكتور عبدالله آل عبدالمحسن، قد شارك هذا العام في إخراج إحدى لوحات أوبريت مهرجان الدوخلة الوطني السابع، وبسؤاله عن الدوخلة، قال: «هي قديمة، وعرفت بدايات العصر الإسلامي، حين كان الحجاج يسافرون على الجمال ويتطلب ذلك وقتاً طويلاً ربما يستغرق ستة أشهر أو أكثر ذهاباً وإياباً، فكان الصغار في البيوت يبكون لفراق آبائهم وأبنائهم، فابتكر الأهالي فكرة الدوخلة، وهي عبارة عن إناء من الخوص توضع به بذور وعلى الأطفال سقاية هذه الدوخلة حتى يكبر الزرع، وذلك لإشغالهم عن تذكر الآباء والأمهات وقتل فراغهم، وعند قرب وصول الحجاج من الحج يتجمع الجميع بنشيدهم المعروف: دوخلتي حجي بي حجي بي ليمن يجي حبيبي حبيبي حبيبي حبيبي غايب مكة... مكة مكة، ومكة المعمورة فيها السلاسل والذهب والذهب والنورة والنورة والنورة وكم تكون فرحتهم وهم يتوجهون للبحر أو العيون لرمي الدواخل، وكأنها تعبير عن أن لا عوض عن الوالدين... نرمي دواخلنا التي سلتنا طيلة غياب الحجاج... وأنتم أيها الحجاج الآباء والأمهات سلوتنا وعزوتنا وحياتنا كلها لا غنى لنا عنكم. وعن ذكرياته مع هذه العادة، قال: «تذكرني بطفولتي في الديرة، ببراءة الطفولة وألعابنا الشعبية وعاداتنا وتقاليدنا، وقد عادة بي هذه العادة إلى حارات تاروت وبيوتها ونحن نمر بها حاملين الدواخل بأناشيدنا وفرحتنا حتى نصل إلى يمين العوينة ونرمي دواخلنا، ثم نعود فرحين على أمل لقاء أهالينا الحجاج وقد فتحت بيوتهم، والتهاني والسلامة بالوصول تهل على الجميع، ونحن لا شغل لنا إلا السؤال عن الهدايا والحلويات التي تقدم في بيوت الحجاج. آل طلاق: شراكة البلدية كانت نقطة التحول الأبرز للمهرجان من ناحيته، قدم الأستاذ حسن حبيب آل طلاق (رئيس المهرجان) شكره الجزيل لبلدية محافظة القطيف ممثلة في رئيسها المهندس خالد الدوسري، ولجميع أجهزتها الإدارية والتنفيذية على جهودهم التي قدموها طوال أيام المهرجان من أجل تذليل كافة الصعوبات والتأكد من توفر كل متطلبات مهرجان الدوخلة. وبين آل طلاق بأن شراكة البلدية في التنظيم، كانت نقطة التحول الأبرز بالمهرجان، مشيدا في نفس الوقت بهذا التوجه «الوطني والتنموي»، الذي برز من خلال هذه الشراكة المتميزة بين لجنة التنمية الاجتماعية بسنابس وبلدية محافظة القطيف، في تبني هذا المهرجان السياحي والترفيهي الكبير، ليكون متنفسا لأهالي المحافظة وجاذبا لزوارها من مختلف مناطق الوطن بل ومن الدول المجاورة. كما أبدى آل طلاق، استغرابه الكبير من قلة الاهتمام الذي تبديه «الهيئة العامة للسياحة والآثار» لمهرجان بحجم وسمعة مهرجان الدوخلة بسنابس، مؤكدا بأن دعمها للمهرجان لم يتجاوز ال (65) ألف ريال، بالرغم من تجاوز ميزانية المهرجان ل (3) ملايين ريال. أما عن اقتصار مدة المهرجان على (10) أيام فقط، قال آل طلاق: «لدينا أهداف ثابتة، وهي بث وتشجيع روح العمل التطوعي بين أفراد المجتمع، وزيادة أيام المهرجان قد تخل كثيرا بهذا المفهوم»، موضحا بأن إدارة المهرجان، تدرس حاليا اقتراحا بتقديم موعد بداية المهرجان، كي تختتم نشاطاته وفعالياته المختلفة قبل عودة الموظفين والموظفات لأعمالهم، وكذلك الطلاب والطالبات لمدارسهم بعد إجازة عيد الأضحى المبارك. وأضاف آل طلاق: «حقق مهرجان هذا العام تناميا في عدد المؤسسات والأفراد المشاركة، حيث وصل عدد الجهات المشاركة والداعمة إلى أكثر (31) جهة حكومية وأهلية، في حين تجاوز عدد الفعاليات ال (34) فعالية ترفيهية واجتماعية وثقافية، فيما وصل عدد المتطوعين إلى حوالي (1200) متطوع ومتطوعة». وختم آل طلاق حديثه، بتوجيه شكره الجزيل لكل المتطوعين والمتطوعات في المهرجان، الذين ضحوا بأهلهم وبوقتهم الثمين، من أجل رسم البسمة على أوجه أكثر من (200) ألف زائر وزائرة. آل سيف: انتهينا من وضع الخطط لبناء مواقع دائمة لمهرجانات القطيفوأكد المهندس شفيق آل سيف، مدير عام الشؤون الفنية ببلدية القطيف على أن ما قدمته البلدية وتقدمه من مساهمات وجهد لإنجاح مهرجان الدوخلة أو غيره من مهرجانات المحافظة، إنما جاء من قناعتها التامة بأن العمل لا يكتمل إلا بتكاتف الجهود، وبمشاركة الجهات الرسمية جنبا إلى جنب مع الجهات الخيرية والاجتماعية، وهذا ما تم بالفعل، ليمثل الجزء الأهم في قصة نجاح هذا المهرجان. وأضاف، إن ما قدمته البلدية من تأهيل لأرض الموقع من سفلتة وإنارة وأرصفة وكذلك أعمال النظافة المستمرة طوال أيام المهرجان، وكذلك مشاركة إدارة المهرجان في الإشراف الإداري، ما هو إلا جزء من رسالة البلدية من أجل خدمة المواطنين والمقيمين، وتنفيذا لتطلعات ولاة الأمر.