تواجه إسرائيل اليوم هجمات درامية تستهدف شرعية وجودها كدولة يهودية وديموقراطية، وتستهدف الجماعات التي تروج لنزع الشرعية عن إسرائيل إلى عزل الدولة العبرية، وفي النهاية تحويلها إلى دولة منبوذة، وفي هذا التقرير يتتبع معهد "ريؤت" العبري تلك الاستراتيجية ومكوناتها، حيث واجهت إسرائيل في السنوات الماضية هجمات حادة على شرعية وجودها، وهناك شواهد عديدة على تدعيم تلك الاستراتيجية والإطار الأيدلوجي الخاص بها، وذلك منذ نهاية مؤتمر دوربان الأول في 2001، كما حظي هذا الاتجاه بتدعيم سياسي كبير بسبب عدم التقدم المنظور في عملية التسوية السياسية بين إسرائيل والجانب الفلسطيني، وما فاقم ذلك أيضًا هو عملية الرصاص المصبوب على غزة. وحتى الآن ربما لا تمثل تلك الجماعات التي تهدف نزع الشرعية عن إسرائيل سوى ظاهرة هامشية في السياسات الغربية، وبالرغم من أن تلك الجماعات تقول أنها تحتج على السياسات الإسرائيلية، إلا أنها كثيرًا ما تتخطى حدود النقد المسموح به لتلك السياسات إلى محاولة تقويض حق إسرائيل في الوجود، وبالتالي استطاعوا التأثير على شرعية إسرائيل على الساحة الدولية. وتهدف تلك الجماعات إلى عزل إسرائيل دوليًا ثم تحويلها في النهاية إلى كيان منبوذ، من خلال تشويه صورة البلاد وتمثيلها في صورة شيطان، ثم بعد ذلك الترويج إلى مقاطعة إسرائيل وفضحها وفرض عقوبات عليها، ثم إطلاق حملة قانونية لملاحقة الدولة ومواطنيها، وقد تكشفت العديد من العوامل والمكونات لتلك الاستراتيجية مؤخرًا، وفي هذا التقرير نعرض لأهمها. معالم الاستراتيجية: تحويل إسرائيل إلى كيان منبوذ: • مخاطبًا المؤتمر الدولي عن فلسطين في لندن صرح بيتي هانتر من حملة التضامن مع فلسطين في بريطانيا قائلاً: "إن هدفنا هو عزل إسرائيل وتحويلها إلى دولة منبوذة" (المؤتمر الدولي عن فلسطين، لندن 5 /12 /2004). • متحدثًا في كلية هامبشاير أوضح علي أبو منة قائلاً أن "ما أدى إلى تغيير ظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا هو أنه فقد شرعيته، وعندما يفقد نظام ما شرعيته فلا تستطيع كل أسلحة العالم أن تحميه، وقد بدأنا نرى بوادر فقدان شرعية الكيان الصهيوني (في مؤتمر كلية هامبشاير في 21 /11 /2009). شيطنة إسرائيل: إن تحويل صورة إسرائيل إلى شيطان يوفر تبريرات أيدلوجية لاتخاذ خطوات ملموسة تهدف إلى نقض شرعية الدولة الإسرائيلية، وتلك الشيطنة متجذرة في الأدبيات التي تتحدث عن إسرائيل باعتبارها كيان استعماري غير شرعي ولد في الخطيئة ويمارس النازية والعنصرية والفصل العرقي، وتلك الأدبيات انتشرت في الكثير من المجالات، مثل التظاهرات الشعبية والاحتجاجات العامة وفي وسائل الإعلام وفي النشاطات الجامعية. • فقد اندلعت مظاهرات في البرازيل ومدريد وبونيس أيرس رفع فيها لافتات قارنت بين الزعماء الإسرائيليين وما يفعلونه بالمذابح النازية وما وقع فيها (يديعوت أحرونوت في 11 /12 /2009). • تم تنظيم العديد من الفعاليات التي ترثي غزة نظمتها التجمعات الفلسطينية في خمس جامعات بلندن، ومن المتوقع أن تستمر في يناير وفبراير من عام 2010 (جيروزاليم بوست في 21 /1 /2010). • تدشين أسبوع "التمييز العنصري الإسرائيلي" والذي يعقد سنويًا وتنظمه مجموعات معادية للصهيونية، والتي تهدف إلى عقد مقارنة بين إسرائيل وبين نظام الفصل العنصري السابق في جنوب إفريقيا لمقاطعته. وفي عام 2009 توسع أسبوع التمييز العنصري الإسرائيلي ليشمل 27 مدينة في عدة دول، بما فيها إنجلترا وأمريكا وجنوب إفريقيا والضفة الغربية والمكسيك واسكتلندا والنرويج • عقدت جامعة بطرسبرج مؤتمرًا بعنوان "كشف ممارسات الفصل العنصري الإسرائيلي" (لجنة بطرسبرج للتضامن مع فلسطين) • اتهم مايريد ماجوير الفائز بجائزة نوبل للسلام دولة إسرائيل بأنها تمارس سياسات "تطهير عرقي" في شرق القدس (وكالة الأنباء الفرنسية في 21 /4 /2009). الحملة العالمية للمقاطعة : وفرت محاولات شيطنة إسرائيل الأرضية الأيدلوجية والأدبية لمتابعة سياسات تلك الحملة العالمية في المجالات الأكاديمية والاقتصادية والثقافية والرياضية والأمنية. وبالرغم من أن تلك الحملة شارك فيها العديد من الأكاديميات والنقابات العمالية والجماعات الكنسية حول العالم، إلا أنها لم تقم سوى ببعض الممارسات المحدودة حتى الآن، ولكن أثبتت تلك الجهود نجاحها الكبير في حشد الرأي العام وتحريك النشطاء ضد إسرائيل، كما استطاعت بكفاءة أن توحد معارضي الصهيونية مع منتقدي بعض السياسات الإسرائيلية. ويتمثل الخطر على إسرائيل من مثل تلك الحملات في عقد مقارنة بين إسرائيل وبين جنوب إفريقيا في حقبة الفصل العنصري، كما استطاعت تلك الحملات أن تخترق الضمير العام والسياسي في مختلف البلدان، وبالنظر إلى أن إسرائيل تعتمد بصورة كبيرة على نشاطها المتبادل في المجالات التجارية والعلمية والأكاديمية والتقنية مع الدول الأخرى، فإن تلك الحركات التي تهدف إلى عزل إسرائيل يمكن أن تمثل تهديدًا استراتيجيًا على الدولة العبرية. المجالات الأكاديمية: • تنوي واحدة من أكبر المعاهد الأكاديمية النرويجية، وهي جامعة بيرجين، إلى فرض مقاطعة أكاديمية رسمية على إسرائيل بسبب ما تزعم أنه سلوكيات عنصرية (يديعوت أحرونوت 24 //2010). • عقد مجلس جامعة ترونديم في النرويج تصويتًا بشأن تبني مقاطعة عامة ضد إسرائيل، وقبل ذلك بثلاثة أيام استضافت المؤسسة محاضرة عن استخدام إسرائيل لمعاداة السامية كأداة سياسية (هاآرتس). • أطلق مجموعة من أستاذة بالجامعات الأمريكية الحملة الأمريكية للمقاطعة الأكاديمية والثقافية لإسرائيل • أصدر 400 أكاديمي بريطاني خطابًا يحثون فيه على مقاطعة وتعرية إسرائيل وإصدار عقوبات ضدها (الجارديان البريطانية). الثقافة والعلوم: • أثار مهرجان الفيلم الدولي بتورنتو عاصفة من الانتقادات لاختياره ل "تل أبيب" موضوعه الرئيسي في ذلك المهرجان، وقام كبار المغنيين بالتوقيع على بيان دعمًا للمنتجين الذين انسحبوا من ذلك المهرجان (الجارديان 7 /9 /2009). • تم تأجيل معرض يحتفل ب "تل أبيب المدينةالبيضاء" كان مقررًا عقده في بروكسل، وذلك بعد أن تلقى المنظمون المحليون عدة طلبات بمقاطعة الثقافة الإسرائيلية (يديعوت ). • أعاد مهرجان الفيلم الدولي في إدنبره عام 2009 هدية قيمتها 300 جنيه إسترليني إلى السفارة الإسرائيلية بعد تلقيه احتجاجات (الجارديان ). • طالب أكثر من 400 أكاديمي متحف العلوم البريطاني المرموق بإلغاء ورشة تروج للإنجازات العلمية الإسرائيلية، كان مقررًا عقده لأطفال المدارس (الإندبندنت البريطانية ). الأمن: • قام صندوق معاشات الحكومة النرويجية ببيع حصته في شركة "إلبيت سيستمز" بسبب دور الشركة في بناء الجدار الأمني الإسرائيلي • قامت الحكومة البلجيكية بحظر تصدير أسلحة لإسرائيل باعتبار أنها "تساهم في تقوية جيشها" (هاآرتس في 1/2/2009). • صوت اتحاد العمال البريطاني على تأييد حظر استيراد بضائع منتجة في "المستوطنات غير الشرعية" في إسرائيل، وأنهوا صفقة سلاح مع إسرائيل (أسوشيتدبرس ). الاقتصاد: • وافق المجلس المحلي للنقابات التجارية الأيرلندية على قرارين يتبنيان مقاطعة البضائع والخدمات الإسرائيلية وتأييد قرارات بحظر الشركات التي لها تعاملات تجارية تستفيد من احتلال الضفة الغربية وقطاع غزة (الحملة الأيرلندية للتضامن مع فلسطين ). • انضم مجلس النقابات التجارية بجنوب إفريقيا إلى مقاطعة إسرائيل، ووصف إسرائيل بأنها "دولة عنصرية" (يديعوت). القانون الدولي: بالإضافة إلى كل المجالات السابقة، هدفت الأفراد والجماعات إلى مكافحة إسرائيل على الساحة القانونية أيضًا، وتمثلت تلك المحاولات في استخدام القوانين في بعض البلدان الأوروبية من أجل اتهامات الجنرالات والسياسيين الإسرائيليين بجرائم حرب، ورفع دعاوى ضد إسرائيل في المحكمة الجنائية الدولية وفي محكمة العدل الدولية، وتوجيه اتهامات ضد الشركات التي تدير أعمالاً تجارية مع إسرائيل. • أصدرت محكمة بريطانية مذكرة اعتقال بحق تسيبي ليفني بتهمة ارتكابها لجرائم حرب يزعم أن ليفني ارتكبتها عندما كانت وزيرة خارجية إسرائيل أثناء عملية الرصاص المصبوب (الجارديان بتاريخ 14 /12 /2009). • تم رفع دعوى قضائية في إحدى محاكم مقاطعة كولومبيا في واشنطن ضد موشيه يعالون رئيس الأركان السابق للجيش الإسرائيلي، وقد أصدرت محكمة مقاطعة أوكلاند النيوزيلاندية طلبًا بالقبض على يعالون بتهم ارتكابه جرائم (جيروزاليم بوست ). • تم رفع دعاوى قضائية في محكمة نيويورك ضد آفي ديختر المدير السابق لوكالة الأمن الإسرائيلي بتهمة "ارتكابه لجرائم حرب وانتهاكات جسيمة أخرى لحقوق الإنسان" فيما يتعلق بتورطه في الضربة العسكرية على غزة (إن جي أو مونيتور . • استطاع اللواء دورون ألموج الإفلات من القبض عليه في بريطانيا بعد أن ظل في طائرة "العال" ورفض النزول منها ثم عاد مرة ثانية إلى إسرائيل، بعدما أصدرت محكمة بريطانية أمرًا بالقبض عليه بتهمة خرقه للقوانين الدولية أثناء سيطرة إسرائيل على غزة (بي بي سي ). • تم رفع دعوى قضائية بارتكاب جرائم حرب في المحاكم الإسبانية من المدعي العسكري العام السويسري ضد وزير الدفاع الإسرائيلي السابق بنيامين بن أليعازر، ورئيس أركان الجيش الإسرائيلي السابق شاؤول موفاز والمدير السابق لوكالة الأمن الإسرائيلي دورون ألماج (اللجنة اليهودية الأمريكية ، وسي إن إن في ). • تم رفع دعوى قضائية ضد الحكومة البريطانية في برمنجهام تتهمها ببيع معدات عسكرية إلى إسرائيل خرقت فيها التوجيهات بشأن تصدير السلاح مما ساهم في قمع الفلسطينيين في الأراضي المحتلة (لندن تايمز 30 /5 /2007).