(المضمون: تحذيرات إسرائيل لأعدائها المختلفين مكررة ممجوجة لم تعد تخيف أحدا من الأعداء). في مستهل الأسبوع تحدث قائد الجبهة الداخلية، اللواء إيال آيزنبرغ، عما في قلبه أمام حلقة مدعوين في معهد ابحاث الأمن القومي فقال: "يسمى هذا ربيع الشعوب العربي لكنه يمكن أن يصبح شتاءً اسلاميا متطرفا، ويزيد هذا في احتمال حرب عامة شاملة حتى مع احتمال استعمال سلاح إبادة جماعية". يثير كلامه عاصفة لأن كلامه الحذر أيضا ("احتمال") يُرى انه تحدٍ للسلامة السياسية التي تبلورت في غسرائيل في شأن الصبغة الحقيقية لذلك "الربيع". ولأنه أسمى الليل ليلا مخالفا الحالمين. على أثر التحليل (الذي كان يرمي الى رسم صورة وضع لا الى التهييج) وبّخ وزير الدفاع آيزنبرغ. وحضر مساعد اهود باراك، عاموس جلعاد، ايضا المعركة وقال لآريه غولان في الشبكة الثانية: "لم يكن وضعنا الامني قط أفضل مما هو الآن". تثور قشعريرة في ظهور اولئك الذين يتذكرون أن هذا القول صدر ما يشبهه تماما عن قادة الدولة عشية حرب يوم الغفران، فهل يكرر التصور العام نفسه - والتاريخ في هذه الحال ايضا؟. رد باراك قائلا: "لا أحد من أعداء اسرائيل معني بالمبادرة الى حرب عليها". ألا أحد؟ ولا حتى محمود احمدي نجاد؟ فلماذا حشد حسن نصر الله عشرات آلاف الصواريخ؟ ألا يُسمع أي صوت للحرب من مصر في المدة الاخيرة؟ ولماذا تُهرب الى قطاع غزة صواريخ يستطيع بعضها اصابة مطار بن غوريون؟ وهل يوجد من يعلم ماذا يولد اليوم في عمان؟. ويحذر باراك قائلا: "انهم يعلمون جيدا لماذا لا يحسن أن يستعملوا السلاح الكيماوي، ويعلمون جيدا لماذا لا يحسن أن يفكروا حتى في استعمال هذا السلاح على اسرائيل". كلا، انهم لا يعلمون. فباراك وأشباهه من المهددِّين الدائمين علموهم أن التهديدات على شاكلة "لا يحسن بهم" هي تهديدات باطلة. ففي الانتفاضة الاولى للحجارة والزجاجات الحارقة هددوهم بأنهم اذا استعملوا السلاح الحي فستكون القواعد "في الحرب كما هي في الحرب". وجاءت الانتفاضة الثانية وأطلقوا النار ونفذوا عمليات انتحارية وقتلوا منا قتلا كثيرا، وبعد شهور كثيرة فقط من "ضبط النفس هو القوة" جاءت عملية "السور الواقي". وآنئذ جاءت المرحلة الثالثة من التهديدات: فاذا تجرأوا على اطلاق صواريخ على السكان المدنيين فستصبح مدنهم مع سكانها أنقاضا. وكان بين المهددين كبار الأدباء في الأدب العبري وكبار الساسة من اليسار. وقد علمنا أن التهديدات على شاكلة "لا يحسن بهم حتى التفكير بسلاح كيماوي" لاغطاء لها ولن يكون لها غطاء أبدا. إن المسدس الاسرائيلي مشحون في الحقيقة برصاص فتاك لكن اسرائيل - وهذا محقق في الوقت الذي يكون فيه باراك وزير دفاع - لن تضغط الزناد أبدا، إلا في يوم القيامة وندعو الله ألا يأتي أبدا، لا قبل ذلك. ولن يرد اليهود حتى لو أُصيب مواطنوهم بسلاح كيماوي عليهم أبدا بالقدر نفسه. لهذا حينما يستمر اطلاق الصواريخ من غزة على مواطني الجنوب – وحتى لو كان فيها عنصر كيماوي – فان الرد سينحصر في "رصاص مصبوب" اخرى (لن تستكمل مرة اخرى حتى النهاية ولا توجد أي عملية اسرائيلية تنتهي الى اخضاع العدو وهذا أحد اسباب الحرب الأبدية). واذا لم يخطر ببالنا اخضاعهم بمرة واحدة والى الأبد بسلاح تقليدي فما معنى التحذير الأجوف من رد من نوع آخر؟.