*25% من أصحاب المليارات في الولاياتالمتحدة هم من اليهود الذين يشكلون 8ر1% من السكان *نسبتهم في وول ستريت ومؤسسات الحكم وهوليوود أعلى بكثير من نسبتهم بين السكان *يسيطرون على غالبية وسائل الإعلام والصحف المركزية في إسرائيل *هم الرافد الأساس للتبرعات لإسرائيل وضغوطهم تحقق الدعم الأميركي للحكومة الإسرائيلية *السؤال الذي يقلق أوساطا في إسرائيل: هل ستتوقف التبرعات؟* أثار رئيس الكونغرس اليهودي العالمي رون لاودر، من نيويورك، في الآونة الأخيرة، عاصفة كبيرة حين دعا إسرائيل للشروع فورا بمفاوضات مع الفلسطينيين، وهذه التصريحات تم اعتبارها على أنها انتقاد لصديقه الشخصي، رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، وقد أوضح لاودر بعد ذلك أنه "مؤيد بشكل قاطع لسياسة نتنياهو". وأفرزت تصريحات لاودر عناوين في وسائل الإعلام، وأثارت ردود فعل متحمسة وغاضبة، وليس فقط بسبب المكانة الهامة التي يحتلها، وإنما أيضا لأن الحديث يجري عن ثري جدا، إذ تقدر مجلة فوربس ثروته بحوالي 7ر2 مليار دولار، وتمتلك عائلته شبكة مصانع "إيستي لاودر"، وهو واحد من جامعي الفنون الكبار في العالم، وله أسهم في عشرات قنوات التلفزة ووسائل الإعلام في الولاياتالمتحدة والعالم، بما في ذلك 25% من أسهم القناة العاشرة للتلفزيون الإسرائيلي، وهو متبرع لعدد لا يحصى من المنظمات والأطر والشخصيات اليهودية والإسرائيلية، بمن فيها نتنياهو. مراكز القوة والمال! لاودر ليس اليهودي الأميركي الوحيد الذي يُدخل أموالا إلى إسرائيل، وبشكل عام يؤثر أيضا على الدولة، وإسرائيليون متقدمون في السن حصلوا ذات مرة على رزمة من "العم الثري في أميركا"، وآلاف التنظيمات، بما في ذلك مستشفيات وجامعات، حصلت على تبرعات من الولاياتالمتحدة بمليارات الشيكلات، فقد وجد بحث أعد في الجامعة العبرية في القدس أن ثلثي التبرعات في إسرائيل تصل من هناك. كما أن كل قادم (مهاجر) إلى إسرائيل يحصل على مساعدة من الوكالة اليهودية، التي غالبية ميزانيتها تصل من تبرعات من الولاياتالمتحدة الأميركية، وكثير منا يسكنون على أراض تابعة للكيرن كييمت، التي اشترت الأراضي من العرب بأموال يهودية أميركية. وطالب معهد ديني من الحريديم يحصل من حكومة إسرائيل على ألف شيكل شهريا، وكذلك على ثلاثة آلاف شيكل من متبرعين حريديم أميركان، وكل هذا لا يشمل المساعدة الأميركية الفيدرالية، التي قسم كبير منها تموله الضرائب التي منها ما يدفعه اليهود. تدعي الموسوعة اليهودية أن في الولاياتالمتحدة يعيش اليوم 6ر5 مليون يهودي، وهذا لا يشمل نصف مليون إسرائيلي، وهم يشكلون 8ر1% من السكان في الولاياتالمتحدة، وغالبية اليهود تعيش في مدن الشاطئ الكبرى والثرية: ميامي ولوس أنجلوس وفيلادلفيا وبوسطن وبالأساس نيويورك. ووجد بحث لمعهد "بيو فوروم" نشر في العام 2008 أن اليهود هم المجموعة الدينية الأغنى في الولاياتالمتحدة، فلدى 46% منهم مدخولات سنوية بأكثر من 100 ألف دولار، مقابل نسبة 19% لدى مجمل الأميركان، ووجد استطلاع لمعهد غالوب نشر في شهر كانون الثاني من العام الجاري، أن 70% من اليهود في الولاياتالمتحدة يعيشون في مستوى معيشة عال، مقابل 60% لدى مجمل الأميركان. أكثر من 100 شخص من أصل 400 شخص من أصحاب مليارات الدولارات في الولاياتالمتحدة هم من اليهود، وهذا بحسب القائمة التي نشرتها مجلة فوربس، كذلك فإن ستة من أصل أكبر 20 صندوق ائتمان في الولاياتالمتحدة هي بملكية يهود، ومؤسس غوغل سيرغي براين، هو ابن لرجل يهودي، ومؤسس الفيسبوك مارك تسوكربيرغ هو يهودي، ومثله نائبه ديفيد فيشر، وهو أيضا نجل محافظ بنك إسرائيل المركزي ستانلي فيشر، وأيضا رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي بنشالوم بيرنانكي هو يهودي، مثل سابقه إيلان غرينسبان. إن اليهود ممثلون في وول ستريت بنسبة أكبر بكثير من نسبتهم من مجمل المواطنين، وكذا الأمر في الكونغرس والبيت الأبيض وهوليوود وشبكات التلفزة والصحافة الأميركية. إن الولاياتالمتحدة هي من اكبر الدول ثراء في العالم، كما أن يهود الولاياتالمتحدة هم المجموعة الإثنية الأكثر ثراء في العالم، وقصة نجاحهم تبرز أكثر، حينما نبين السرعة الفائقة التي حققوا فيها الثراء. مع إقامة الولاياتالمتحدة في الرابع من تموز العام 1776، عاش في الولاياتالمتحدة بضعة آلاف، غالبيتهم الساحقة تم إرغامهم على الانتقال إلى الولاياتالمتحدة، إذ جرى طردهم أو هربوا من اسبانيا إلى المستعمرات الشمالية في أميركا الجديدة، وفي منتصف القرن التاسع عشر هاجر إلى الولاياتالمتحدة نحو 200 ألف يهودي، غالبيتهم من ألمانيا ووسط أوروبا، وكانت غالبية المهاجرين من الإصلاحيين، ومن الميسورين اقتصاديا، رأوا أنفسهم كألمان وأيضا كأميركان أكثر من كونهم يهودا، وانتشروا في القارة الجديدة وأقاموا المصالح الاقتصادية والتجارية، من فتح حوانيت إلى إقامة مصانع صغيرة وحتى بنوك مالية عملاقة مثل ليهمان براذراس وغولدمان زاكس. وقد بدأت موجة الهجرة الكبيرة في العام 1882، فروسيا القيصرية التي عاش فيها نصف يهود العالم شهدت ثورة صناعية فاشلة، وكانت على حافة انهيار، وواجه اليهود في المدن المختلفة هجمات وبوغرومات، وعلى مدى 42 عاما انتقل إلى الولاياتالمتحدة مليونان من اليهود، من أوكرانيا وغرب روسيا وبولندا ولاتفيا وروسياالبيضاء ورومانيا، وكانوا بذلك ربع اليهود في تلك الدول، وشكلوا 15% من يهود العالم، و10% من اليهود الذين هاجروا في تلك السنوات إلى "أرض إسرائيل" (فلسطين)، وبهذا تحولت الولاياتالمتحدة إلى مركز كبير لليهود في العالم، أما الهجرة الكبيرة إلى فلسطين فقد بدأت في العام 1924 بعد أن سنت الولاياتالمتحدة قوانين متشددة تلجم الهجرة إليها. ووصل المهاجرون إلى الولاياتالمتحدة بسفن مهاجرين مكتظة، وكانت غالبيتهم فاقدة كل شيء، وكتب باحث في تلك الفترة، يدعى روبرت روكافي، إن 80% من يهود الولاياتالمتحدة قبل الحرب العالمية الأولى، مارسوا الأشغال الصعبة، وغالبيتهم في مشاغل النسيج، وأغلقت في وجوههم أماكن عمل كثيرة بفعل حملة تحريض لاسامية قادها الصناعي هنري فورد، وعاش معظم اليهود في اكتظاظ وأحياء فقر ملوثة في نيويورك- بروكلين. أفلام وكتب كثيرة وصفت العالم الذي نشأ في تلك الأحياء: عالم نشط بشكل كبير، ولكن فيه صعوبة واستبداد، فقد نشأت هناك عصابات مافيا يهودية مع زعماء إجرام مشهورين، مثل مئير لانسكي وأفنير تسيفيلمان ولويس بوخهلطير، وكثير من اليهود كانوا اشتراكيين حينما كانوا في أوروبا، ونشطوا في كثير من التنظيمات والنقابات وشاركوا في الإضرابات ومظاهرات العاملين، وكثير من النقابات، مثل نقابة عاملي النسيج، أقيم على يد اليهود. إلا أن المهاجرين اليهود خرجوا من دائرة الفقر وتقدموا بسرعة أكثر من أي مجموعة مهاجرين أخرى، وحسب الكاتب روكافي، فإنه في سنوات الثلاثين كان 20% من الرجال اليهود يعملون في أعمال حرّة، وهذه نسبة تساوي ضعفي النسبة التي كانت قائمة في المجتمع الأميركي ككل، وضعفت اللاسامية بعد الحرب العالمية الثانية، والقيود على قبول اليهود في أماكن العمل تقلصت، وفي نهاية الأمر ألغيت في إطار الإعلان عن ميثاق حقوق الإنسان والمواطن، الذي أعلن في العام 1964، وبفضل نضال ناشطين ليبراليين، الذين كان كثيرون منهم يهودا. وفي العام 1957 كان 75% من اليهود في الولاياتالمتحدة يعملون في أعمال الياقة البيضاء، مقابل 35% من مجمل السكان في الولاياتالمتحدة، وفي العام 1970 كان 87% من الرجال اليهود يعملون في أعمال مكتبية، مقابل 42% من مجمل البيض في الولاياتالمتحدة، وتقاضى 72% من اليهود رواتب أعلى من معدل الرواتب العام، والأمر الوحيد الذي بقي فيهم ويرتبط بفقرهم السابق، هو دعمهم لسياسة الرفاه وللحزب الديمقراطي الأميركي. مقابل الثراء المتنامي، اندمج اليهود في المجتمع، وانتقلوا من الأزقة إلى الضواحي العصرية والمتطورة، وتركوا لغة الييدش (لغة تدمج في الأساس بين العبرية والألمانية)، وتبنوا الزي والثقافة والعادات والتقاليد اليومية ومنها نهج المشتريات غير اليهودية، وغالبية اليهود تركت الدين مع هجرتها إلى الولاياتالمتحدة، ولكنها عادت إليه لاحقا، وانضمت إلى مجموعات دينية إصلاحية ومحافظة، وبهذا باتوا مشابهين للأميركان الذين كانوا بغالبيتهم مسيحيين متدينين. اليهود تعلموا أكثر إلى جانب اليهود، وصل إلى الولاياتالمتحدة ملايين المهاجرين من إيرلندا وإيطاليا والصين وعشرات الدول الأخرى، وهم أيضًا ثبتوا أنفسهم منذ ذلك الحين، لكن اليهود نجحوا أكثر منهم كلهم. كل الخبراء الذين سألناهم قالوا إن السبب هو التحصيل العلمي لدى اليهود، فقد فحصت منظمة الطلاب الجامعيين اليهود الأميركان "هيلل" وتبين لها أن نسبة الطلاب اليهود الجامعيين اليهود في الجامعات المتقدمة في الولاياتالمتحدة يشكلون ما بين 9% إلى 33% من مجمل الطلاب. ويقول الملحق التجاري السابق في السفارة الإسرائيلية في الولاياتالمتحدة، داني هلفرين، إن اليهود تعلموا وتقدموا بشكل خاص في كثير من المجالات التي كانت منغلقة في وجوههم، فالكثير من الإيرلنديين جرى استيعابهم في سلك الشرطة ومؤسسات الحكم، مقابل قلة من اليهود، لقد دخل اليهود إلى مجالات جديدة كان فيها فراغ، وكانت حاجة لأناس لديهم روح المبادرة، فهم لم ينخرطوا في البنوك التقليدية، بل أقاموا بنوك استثمارات. ولقد نشأت صناعة السينما في سنوات الثلاثين، وكان لها اليهود، الذين سيطروا عليها فعليا، وحتى اليوم يوجد كم كبير من الأسماء اليهودية في قمة هوليوود وشبكات التلفزة، وبعد ذلك دخلوا بقوة إلى قطاع التقنية العالية، وأيضا في كل مجال جديد يحتاج إلى مبادرة ومؤهلات. ويقول البروفسور في الاقتصاد آفيا سفيباك، الذي شغل في الماضي منصب نائب محافظ بنك إسرائيل المركزي، إن "اليهود كانوا ملزمين بأن ينجحوا، لقد تراجع التمييز في غالبية الدول، وأعتقد أن اليهود نجحوا في أميركا بشكل خاص لأن الرأسمالية جيدة لليهود، فلليهود قابلية للمبادرة، فهم يتعلمون أكثر ويتمتعون بإمكانية استيعاب أكبر، ويعرفون كيف من الممكن الإمساك بفرص سانحة بسرعة، ولهذا فإن اليهود يتفوقون في المنافسات".