في كل صيف تتعدد الأمسيات الشعرية الشعبية في المهرجانات السياحية التي تقام في الكثير من مدن ومحافظات الوطن ..ورغم كثرة تلك الأمسيات إلا أنه تظل مشكلتها قائمة ومستمرةولا يتم العمل على تجاوزها في سبيل خدمة الشعر والذائقة ،وهي أن نفس الأسماء التي حلت في العالم الماضي في عدد من الأمسيات هي نفسها التي يتم اختيارها لأمسيات هذا العام،وإن حدث تغير في الأسماء فإننا لا نجد شعراء يستحقون أن يمنح شعرهم فرصة أن يلتقوا بجمهور الشعر من خلال تلك الأمسيات ، وإنما نجد أسماء مجهولة مبتدئة وبمستويات شعرية متدنية وهناك كثيرون ممن هم أحق منهم في المشاركة تبعاً لجودة شعرهم وقلة مشاركاتهم في أمسيات الشعر . هذه المشكلة التي تظل تتكرر تعود بالطبع لسبب واحد وهو أن القائمين على تلك الأمسيات آخر ما يهمهم هو الشعر الجيد والشعراء الجيدون ، فأغلبهم من هواة الظهوربأي شكل سعياً لمصالحهم الخاصة ، ولذلك فإن عملهم يبقى هو نفسه بدون تغير، لأن البعض منهم لا يعرف من هو الشاعرالجيد من سواه ، وكل ما يفعله هو تقليد سواه في الاختيار، ولذلك فإن من يختارون لهذا المهرجان هم على الأغلب نفس من يتم اختيارهم للمهرجان ذاك، لأن القائمين على هذا يقلدون القائمين على ذاك ، وهكذا دواليك بدون أي اختلاف .. وهناك دائماً حجة جاهزة يقدمونها لمن يتساءل عن سر هذا التكرر الدائم في الأسماء وهو أنها أسماء مطلوبة والجمهور يريدها ، لكن حقيقة الأمر أن الجمهور ليس له رأي ولا اختيار، فكل المسألة تدور بين التقليد وبين المصالح المتبادلة وخدمة بعض الأسماء لعلاقات خاصة كما هو الأمر من بعض المحررين.. كما أن بعض القائمين على تلك الأمسيات يظلون يمارسون ما يشبه الإرهاب الفكري والتجني والكذب في حق كل من ينتقد تلك السلبيات المستمرة في أمسيات المهرجانات الصيفية، ومن أسخف ما يواجهون به بعض المنتقدين، وخصوصاً إذا كانوا شعراء، هو أن انتقادهم يجيء بسبب عدم اختيارهم في الأمسيات التي يتولون أمرها .. وليس كل من انتقد يهمه المشاركة بتلك الأمسيات، بل إن البعض منهم كما أعرف يرفض المشاركة بها ، لكن يهمهم الشعر في المقام الأول ويهمهم أن تتاح الفرصة لشعراء رائعين ليس لهم وجود في تلك الأمسيات رغم جودة شعرهم وحقهم في أن يكون لهم حضورهم. وفي تصوري أن الأمسيات الشعرية في المهرجانات الصيفية ستظل بلا شعر جدير بالذكر، وسيظل كل ما هنالك هي قصائد معادة مئات المرات في كثير من الأمسيات لشعراء تكرار الحضور في كل مهرجان ، وقصائد هلامية نظمية هزيلة لأسماء مجهولة لا ندري من أين أتت، ولولا علاقة أصحابها بأولئك المنظمين لما كان لهم حضور، ولن يتغير هذا الوضع المزري في حق الشعر وفي حق الشعراء إلا عندما يتم تغيير أولئك القائمين على أمر الأمسيات الشعبية ممن يظلون يراوحون في مكان واحد، اختيارا وتنظيماً وإعداداً.. وهذه هي مهمة المعنيين في المقام الأول بالمهرجانات الصيفية إذا كان يهمهم أن تكون الأمسيات الشعبية بجودة الفعاليات الأخرى للمهرجانات ذات التجدد والفاعلية والحيوية . إننا نريد على الأقل القليل من الشعر إن أمكن، ولن يتوافر ذلك من خلال أسماء مكررة لا جديد لديها، كما هي بعض الأسماء ذات الهالة الإعلامية بدون أي إبداع شعري يذكر، وخصوصا ممن يظهر البعض منهم كمهرجين أكثر مما هم شعراء بالفعل، وهم وإن وجدوا جمهور تسالي وتنكيت وكلام فارغ، فإنهم جناية على جمهور الشعر .