يحاول العاملون في الحقل الدعوي والتوعوي مواكبة الأفكار الجديدة، واستحداث النظم والآليات التي تتسق مع المنظومات الجديدة لاتجاهات المجتمع المدني. وتعتبر المكاتب التعاونية لدعوة وتوعية الجاليات من تلك المشروعات التي تم إنشاؤها بهدف نشر الإسلام، والتعريف به ، إلى جانب الحفاظ على احترام الإسلام في أوساط غير المسلمين، من خلال التعريف برسالته بأساليب عصرية.فما الآليات التي تخاطب بها المكاتب التعاونية الجاليات الوافدة؟ وما مشروعاتهم وفعالياتهم؟ وما مدى نجاح التجربة وما أبرز العقبات؟ وما النتائج التي تحققت حتى الآن ؟ . حول تلك المحاور سيكون حوارنا مع الشيخ ( فؤاد كوثر) مدير المكتب التعاوني للدعوة والإرشاد وتوعية الجاليات بالمدينة الصناعية بجدة. - بداية ما الذي يستفيده المجتمع السعودي من دعوة أفراد قد يرحلون في أي وقت؟ هؤلاء الذين ندعوهم فيسلمون يعملون في بلدنا، وبعد أن ينتهي عملهم يعودون إلى بلدانهم، وهنا تأتي الفائدة الأكبر من إسلامهم، حيث يعمل هؤلاء على نشر الإسلام في بلدانهم بالدعوة المباشرة أو بالقدوة من خلال الآداب والسلوكيات والمعاملات الإسلامية، وهذا هو هدفنا الأكبر، أن يأخذ هؤلاء الإسلام من منابعه الأصيلة ثم ينطلقون إلى بلادهم لينشروا الإسلام الصحيح في أقطار الأرض. - كيف ترى الأوامر الملكية في دعم أعمال الدعوة؟ لا شك أنها لفتة كريمة من خادم الحرمين الشريفين، وتدل على اهتمام ولاة الأمر في البلاد بالبنية التحتية المطلوبة للارتقاء بالعمل الإسلامي، وإبراز دور الإسلام الحضاري في مواجهة التحديات وحل المشكلات، وهذا الإنفاق الكبير - بشموله وسخائه - يمثل عطاء تاريخيًّا، يضاف بمزيد من التقدير والتثمين لسجل خادم الحرمين الشريفين لخدمة الإسلام والمسلمين، كما يعكس ما يشغله العمل الدعوي والإسلامي في وجدانه وقلبه. - ما أبرز الفعاليات والأنشطة التي يقوم بها المكتب لتحقيق أهدافه الدعوية؟ هناك عيد الجمعة، حيث نقيم نشاطًا في كل يوم جمعة تُفتح فيه أبواب المكتب من الصباح الباكر للتدريس في الفصول، وهذه الدروس تكون إما ترجمة لخطبة الجمعة، أو بعض المحاضرات عن السنن وكيفية أدائها، كما نقيم وجبة غداء لجميع الحضور البالغ عددهم 500 شخص تقريبًا كل أسبوع، بالإضافة إلى إقامة المناشط الرياضية والاجتماعية التي تنتظم من الساعة 9 صباحًا إلى 7 مساء. وهناك أيضًا أنشطة موسمية تتمثل في إقامة الدورات المكثفة لتأهيل الدعاة الجدد، يتم فيها تدريس الوسائل والأدوات الاحترافية للدعوة والتوعية، مع التركيز على تسليح الداعية بالعلم الشرعي ومصادر المعلومات الإسلامية، كما يقيم المكتب بشكل دوري ندوات وورش عمل لتوعية الدعاة وتعزيز مهارات العرض، ولدينا برامج إعادة تأهيل مكثفة لسلوك الدعاة، وحلقات عمل تستمر 6 ساعات متواصلة، وذلك للحفاظ على اطلاع المشاركين على أحدث الأفكار والتطورات في مجال الدعوة الإسلامية. - هل هناك ثمة تداخل بين نشاطكم ونشاط جهات أخرى لها أنشطة مماثلة ؟ نحن مهتمون بمسلمي الداخل فقط، أما الندوة العالمية وهيئة المسلمين الجدد فيركزان على المسلمين في خارج البلد, فمثلاً الهيئة تعمل في أوروبا عبر دعوة غير المسلمين لاعتناق الإسلام في أوروبا، أما الندوة فمهتمة بشرق آسيا. - ما الإجراءات الرسمية التي يقوم بها المسلم الجديد؟ الإجراءات الرسمية تبدأ بتوثيق إسلام العامل في مركز الدعوة والإرشاد التابع للوزارة، حيث يعقد هناك اجتماع أسبوعي صباح كل يوم اثنين لجميع من أسلموا حديثًا خلال أسبوع في كل المكاتب التعاونية بجدة. ويقوم كل داعية بإنطاق الشهادة لمجموعته فردًا فردًا أمام الشيخ المختص في الوزارة الذي يسألهم عن قناعتهم بدخول الإسلام وهل هم مجبرون أم مقتنعون، وبعد ذلك يبدأون في إجراءات تغيير الديانة حتى يمكنه من الذهاب إلى الأماكن المقدسة لأداء العمرة أو الحج. وهناك ورقة تصدر من مركز الدعوة تساعد على دخول هؤلاء المعتنقين للإسلام إلى مكة بعد أول أسبوع من إسلامهم؛ لأن تغير الهوية يتطلب وقتًا. - ما الإجراء المتخذ في الشخص الذي أعلن إسلامه ثم ارتد؟ هل يقام عليه الحد؟ طبعًا لا نستطيع إقامة حد الردة إلا بأدلة قوية، كإبرازه للصليب وإشهار الكفر مثلاً، وهكذا فهنا ممكن تطبق عليه حدود الردة، وهذا الحكم مخول لجهات مختصة، وأنا خلال عملي في حقل الدعوة منذ 28 عامًا لم أواجه مثل هذا الموقف ولم يأتني شخص أسلم ثم ارتد، فالحمد لله كل الحالات لدينا دخلت في دين الإسلام واستمرت عليه. - هل للنساء نصيب في خارطة اهتماماتكم؟ - نعم بالفعل، فهذه السنة بدأنا العمل بشكل مركز على النساء، وأنشأنا قسمًا خاصًّا بهن، ولدينا حاليا سبع داعيات بأربع لغات مختلفة، ونتيجة لهذا الجهد أسلم عندنا 50 امرأة في هذه السنة. ولدينا عدة فعاليات موجهة للنساء. وحاليًا نحن بصدد توظيف نساء جدد لديهن خبرة إدارية، لكي يتم ترتيب قسم النساء بشكل أفضل، ونتوقع إن شاء الله هذه السنة إنتاجًا أكبر، حيث نستهدف الممرضات والعاملات في المشاغل ومراكز التجميل، إلى جانب بعض العاملات في المنازل. - ما تطلعات المكتب المستقبلية؟ مكتب الدعوة وتوعية الجاليات بالمدينة الصناعية يعتبر من أقدم مكاتب الدعوة في المملكة، ولدينا خطط لإنشاء مكتب فرعي في المدينة الصناعية الجديدة بالخمرة، ولقد حصلنا على الموافقة المبدئية من الجهات الحكومية المعنية، ونحن الآن بصدد وضع خطط لبناء المباني، . وقد شرعنا في بناء المقر الجديد الذي سيكلف 6 ملايين ريال سعودي، وهو مكون من أربعة طوابق على مساحة 2200 متر مربع، وسيتكون المقر الجديد من مركز ثقافي وأقسام منفصلة للرجال والنساء، وملاعب وقاعات للمؤتمرات ومركز تجاري مع 30 محلاً تجاريًّا، ونحن نعمل أيضا من أجل تحقيق شهادة الجودة (أيزو) في غضون سنتين. - برأيك ما أفضل الطرق لدعوة غير المسلمين؟ أعتقد أن التنشئة الاجتماعية هي أفضل وسيلة لتحقيق تقارب نوعي مع غير المسلمين، كما أن علينا أن نقدم الإسلام بطريقة علمية وجذابة باستخدام التكنولوجيا الحديثة، بالإضافة إلى التعامل مع غير المسلمين بعفوية وبساطة عند الإرشاد للإسلام، فهذا سوف يفتح شهيتهم لمعرفة المزيد عن الإسلام. - هل ترى أن المكاتب التعاونية تقوم بدورها الدعوي المتكامل؟ أعتقد أننا ما زلنا بحاجة إلى بذل الكثير من الجهود لجعل الدعوة أكثر جاذبية للجمهور المستهد، وينبغي أن يكون لدينا مرافق وبنية تحتية قوية لتكون قادرة على تلبية توقعات الناس. وينبغي أن نركز أيضًا على استخدام الإنترنت بشكل أكثر فعالية. وأنا أحث القطاع الخاص على دعم برامج الدعوة و تمويلها. ما فلسفتكم في المجال الدعوي؟ نحن نسعى دائمًا لأن تكون جميع برامجنا ضمن معايير شرعية، ونستخدم كل الوسائل الممكنة، ونركز في دعوتنا على احترام آراء ووجهات نظر الآخرين دون تحيز أو تعصب، كما أن عمل المكتب الدعوي يقوم على ثلاث ركائز أساسية، وهي المعرفة بحيث لا يسمح لأي عضو بالمكتب بتنفيذ أية مهمة دون المعرفة الصحيحة، وثانيًا المهنية بحيث تقوم أعمالنا على تطبيق أحدث النظم والتقنيات الحديثة، والتي تجعل برامجنا ومشاريعنا أكثر فعالية ونجاحًا، وأخيرًا المرونة، فنحن نشجع الابتكار في الأنشطة والبرامج، ونطبق نظام التحسين المستمر لتحقيق أفضل النتائج الممكنة. أين وصلتم في إصدار ترجمة معاني القرآن الكريم باللغة الفلبينية؟ نحن انتهينا بالفعل من إصدار أول ترجمة فلبينية لمعاني القرآن الكريم على مستوى العالم، والإصدار حصيلة عمل مجموعة من الدعاة بقيادة المكتب التعاوني استمر 10 سنوات، وتم مؤخرًا الفسح من وزارة الإعلام السعودية لتوزيع الكتاب. ونحن نقوم حاليًّا بتسويق المشروع من أجل طباعة 20 ألف نسخة كمرحلة أولى، والإصدار يأتي كجزء من جهود المكتب لنشر رسالة الإسلام بين الجالية الفلبينية، باعتبار أنهم يشكلون أغلبية المسلمين الجدد بالسعودية، حيث تم إشهار إسلام أربعة آلاف فلبيني من الجنسين من خلال مكتب صناعية جدة.