بشرت الأمسية الشعرية التي أقامها نادي الشرقية الأدبي إحتفاء باليوم العالمي للشعر بعهد جديد للشعر الذي عزل كيانه عالم أغرقته الماديات الصارخة وأقصت رسالته هموم وطموحات شاردة. لقد جاءت الأمسية مستذكرة شاعر أصيل له تجربة جميلة وراسخة عبرت عن صوته الصادح بنص شعري أعاد للقصيدة الشعرية الحديثة اعتبارها وحرر الشكل من رتابته واعطى اضافة قوية لكل تشكلات الشعر وقيمه أنه محمد الثبيتي الذي فضل الشاعر حسن الربيح الحائز على جائزة الشارقة الأدبية البدء بقصيدة تهدى إليه سماها (سيد البيد). أمسية النادي كانت إستثنائية حسبما ذكر ذلك رئيس مجلسه الناقد محمد بودي الذي يقول أن النادي جاء محتفيا بكل هذا لاجل قيمة الشعر الإنسانية الذي زاحمها رواية وقصة وجعلها تتوه ويضعف وهجها في زمن أصبح للعزلة عنوانا، مضيفا أن هذا اليوم جاء ليعبر عن كينونته ورفع كل مقومات الأزمة عنه فهو الحياة نفسها بل وهو المجدد الذي يتماشى مع وقع الزمن ولايتراجع. الجولات المتتالية لفرسان الأمسية جاءت متنوعة وممتزجة بحديث عن الماضي الجميل والحال المتمترس خلف قوى داهمة أجبرت الشعراء على التعبير عن عوالم ظاهرة وأخرى خفية وراء كلمات وعبارات التزمت الرمزية تارة واخرى واقعية ومباشرة دون مواربة، بل زاد على هذا تصوير جميل لحالة إنسانية نادرة تعبر عن الهموم والطموح على مسرح حياة راهنة أصبح للشعراء فيها أماكن قليلة. فهذا الشاعر حسن السبع يقرأ نصف الضجيج ويقول: هل غادر المنفى احتمالاً واحداً فأدق بابَهْ هل لانهمارِ القلبِ من وطنٍ فأسكب ما تبقى مزنةً أولى.. لتنبتَ غابةً من بعد غابَهْ عبث الخريفُ بكلّ أوراق الطفولةِ من تخضُّ دمي وتبتدئُ اصطخابَهْ من تستفزُّ تدفّقَ العشرين في قلمي فأشطب حكمةَ الموتى وأستدعي قرنفلةَ الكتابَهْ يصطادني نصفُ اقترابكِ كلَّما رفَّ الذي في القلبِ أجلت انسكابَهْ لأغيبَ في نصفِ الضجيجِ وفي كلامٍ ناشبٍ في الحلقِ في نصفِ الكتابَهْ.. ثم أتبعه طلال الطويرقي بقراءة قصيدة «لا أقل ولا أكثر» ومنها: -1- يدركونَ بأنا خُلِقْنا/ ببعض ملامحِهِمْ/ التشابهُ فخُ الكنايةْ/ والبساطةُ أغنيةٌ -2- ربما يلمسون تقاسمنا بابتهاجٍ/ كذا لن يغالوا بكبتِ ابتساماتهِمِ/ عندَ رؤيةِ أعضائنا الداخليةْ./ بعدها سوفَ ندركُ ما فاتَ/ من دورةٍ للتناسل بين ملامح أجسادِهِمْ. ثم الشاعر محمد خضر الغامدي في نص اغتياب ويقول: في غيابك كنا نتحدث عنك ونضحك نسخر منك ونضحك الكرسي الذي كان معدا لك والذي لم يجلس عليه أحد وجدناه يبكي ويتبعه بنص (حركة في الظلام) ويقول فيه: لم يبق إلا صدى سهرة فاجرة آخر العربات مرت من هنا لا شيء في الشارع إلا أنا واسمع حركة وراء الجدار حركة في الظلام ليلتي هذه قرأتها في حليب الصباح ثم يعقب ذلك مقتل (طَرَفة) لحسن الربيح ويقول فيها: حملَ الغيبَ في يَدِهِ، مُوغِلاً في الرَّحِيلْ مدَّ ناحِيةَ الرَّغَباتِ القَصِيَّةِ طَرفًا، وَشَدَّ علَى الأُفقِ سَرجَ الجُنُونِ الجَمِيلْ كانَ يبحثُ عن أَيِّ شيءٍ؛ يعيدُ له فَرَحًا غابَ مِن زَمَنٍ في النَّخِيلْ في مَرايا السَّرابِ، تلُوحُ طُعُومُ الثَّراءِ الشَّهيَّةُ، لم يَنتبِهْ أَنَّه كانَ طُعمًا لها، وَالمسافاتُ أُنثَى؛ تجلَّت لهُ بالصُّدودِ الخَجُولْ لم تكنْ حِكمةُ (المُتلمِّسِ)، تُغرِيهِ، من فَرطِ أَحلامِهِ كان متَّكِئًا واهمًا فوقَ (ناقلةِ النِّفطِ) يحلمُ بالمستحِيلْ. وأخر سماه وادي عبقر.