جدة شاكر عبدالعزيز ومنير عبدالقادر وأحمد شرف الدين تصوير: إبراهيم بركات وغرم عسيري : أكد معالي محافظ الهيئة العامة للاستثمار الأستاذ عمرو بن عبدالله الدباغ أن القرارات التاريخية التي أصدرها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز (حفظه الله) قبل أيام ستسهم في تحريك عجلة الاقتصاد والاستثمار بشكل غير مسبوق خلال السنوات القادمة، ومنها دعم الهيئة العامة للإسكان ب 250 مليار ريال لبناء 500 ألف وحدة سكنية ورفع الحد الأعلى لقرض صندوق التنمية العقاري إلى 500 ألف ريال والذي سوف يضخ المزيد من الاستثمارات في العديد من القطاعات مثل صناعة مواد البناء والمقاولات والإنشاءات. وأشار في كلمته خلال الجلسة الثالثة باليوم الختامي لمنتدى جدة الاقتصادي أمس الثلاثاء أن رفع الحد الأعلى للقرض التمويلي لبناء المستشفيات الخاصة من 50 مليون إلى 200 مليون يمثل دعما كبيرا ومشجعا على الاستثمار في القطاع الصحي في كافة مناطق المملكة،يضاف إلى ذلك أن حجم الإنفاق التنموي المرصود للقطاعات التنموية في خطة التنمية التاسعة (2010-2014م) يبلغ نحو (1444) مليار ريال، وهو أكبر مبلغ رصد في مسيرة المملكة التنموية، وسيوفر آلاف الفرص الاستثمارية في مختلف القطاعات وتحدث محافظ الهيئة العامة للاستثمار عن (مستقبل الاستثمار في المملكة العربية السعودية) خلال الجلسة التي أدارها الدكتور غازي بن زقر عضو مجلس إدارة شركات بن زقر.. مشيرا إلى أن الهيئة تبنت مصطلح " التنافسية " ليكون اللغة المشتركة بين كافة الجهات الحكومية ذات العلاقة بالاستثمار من خلال إيجاد عمل مؤسسي يتعامل مع التحديات والمعوقات التي تواجه القطاع الخاص المحلي والأجنبي من خلال مقارنة إجراءات الاستثمار في المملكة مع أفضل الممارسات العالمية ومن ثم تطويرها وقياس هذا التطور من خلال التقارير الدولية التي تمثل أفضل وسيلة محايدة لتقييم تنافسية بيئة الاستثمار في الدول المختلفة. جاء ذلك خلال الكلمة التي ألقاها في منتدى جدة الاقتصادي يوم أمس الثلاثاء الذي شهد ايضا اختتام اعمال المنتدى وفعالياته التي امتدت اربعة ايام وشارك فيها عدد من المسؤولين ورجال الاعمال وخبراء في الشأن الاقتصادي والاستثماري. وأستعرض الدباغ أبرز الملامح الرئيسية لإستراتيجية الهيئة العامة الاستثمار للسنوات القادمة من 2011م إلى 2015م، حيث أوضح أن الاستراتيجية تنطلق من الدور الهام للاستثمار كعنصر أساسي في منظومة اقتصادية كبرى تستهدف تحقيق عدد من الأهداف التنموية التي وضعتها المملكة، وان الهيئة العامة للاستثمار ستركز في استراتيجيتها على أداء أربع مهام رئيسية: الاولى الاستمرار في تحسين بيئة الاستثمار المحلي والأجنبي في المملكة ورفع تصنيفها في تقارير التنافسية الدولية، ووضع أُطر إضافية لرفع تنافسية عدد من القطاعات الاستثماريه بالمملكة الى جانب رفع تنافسية المناطق من خلال التركيز على المزايا والمقومات الاستثماريه لكل منطقه. والمهمة الرئيسية الثانية جذب وترويج الاستثمارات المحلية والمشتركة والأجنبية لثمانية قطاعات رئيسية (الطاقة والبتروكيماويات، الصناعات الثقيلة والتعدين، صناعة المنتجات الاستهلاكية، الاتصالات وتقنية المعلومات، علوم الحياة والصحة، تنمية الموارد البشرية والتعليم، النقل والخدمات اللوجستية والخدمات المعرفية)، موضحا بأن اختيار هذه القطاعات تم وفقاً لعدة معايير منها مدى حاجة المجتمع السعودي والاقتصاد الوطني لهذه الاستثمارات ومدى قدرتها على نقل وتوطين التقنيات والمعارف الحديثة وتأهيل وتوظيف الكوادر السعودية وزيادة الناتج المحلي الإجمالي إضافة إلى مدى مساهمتها في تحقيق التنمية الإقليمية المتوازنة حيث ستتوسع الهيئة خلال الفترة القادمة في جهود ترويج الاستثمار لكافة مناطق المملكة الثلاث عشرة. وأضاف: المهمة الثالثة هي العمل على تطويع رأس المال الأجنبي لبناء الكادر السعودي المؤهل للعمل في المشاريع الاستثمارية وسيتم إطلاق عدد من البرامج المسترشدة بتوجيهات ولاة الأمر بأن يكون الهدف الإستراتيجي الأول من جذب الاستثمارات الأجنبية هو تدريب وتأهيل وتوظيف أبناء الوطن، مع الالتزام التام من قبل الهيئة العامة للاستثمار بالعمل عن قرب مع كل مستثمر من أجل توفير ما يحتاج من موارد بشرية بالتعاون مع وزارة العمل. وأكد أن الهيئة أطلقت مبادرة " كادر" التي تقوم في مراحل مبكرة من إنشاء المشاريع بتصميم البرامج التدريبية لأبناء المنطقة التي تحتضن الاستثمار وفقاً للمجالات التي يحددها المستثمر.وأبان الدباغ بأن مبادرة " كادر" قامت بتأسيس كلية تقنية في جازان بشراكة مع أحد أعرق المؤسسات التدريبية في العالم وهي مؤسسة Algonquin الكندية لتهيئة أبناء المنطقة للعمل في مدينة جازان الاقتصادية وذلك في تخصصي الكهرباء الصناعية والميكانيكا الصناعية ويفوق عدد المنضمين لهذا البرنامج الموجه لمدينة جازان الاقتصادية حتى اليوم 700 طالب، وسوف يصل عدد الخريجين إلى 2000 طالب خلال ثلاث سنوات، ويعتبر هذا البرنامج الأول في سلسلة من البرامج المزمع إطلاقها بالشراكة مع وزارة العمل والمؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني ويتم فيها الاستفادة من رأس المال الأجنبي في إيجاد مبادرات تهتم بتدريب وتوظيف أبناء وبنات الوطن في جميع مناطق المملكة. وأشار في هذا الصدد، إلى جهود الدولة في جذب استثمارات إلى بعض مناطق المملكة من خلال دعمها بحوافز إضافية ستسا هم الى جانب زيادة تدفق رؤوس الأموال لهذه المناطق، فتح مجالات اوسع للتوظيف والتدريب في هذه المناطق من خلال مايتم تقديمه للشركات التي تحتوي على رأس مال أجنبي والراغبة في تأسيس مشروعاتها في المناطق الأقل نمواً من حوافز ضريبية، حيث يتم استقطاع 50% من تكلفة تدريب وتوظيف السعوديين و50% من تكلفة برامج الأبحاث والتطوير و50% من قيمة الاستثمارات الرأسمالية من الوعاء الضريبي. وتحدث الدباغ عن المهمة الرئيسية الرابعة التي تتمثل في تركيز الهيئة خلال الخمس سنوات القادمة على تطوير الخدمات المقدمة للمستثمرين وبما يمكِّن المستثمرين ورجال الأعمال من سرعة الحصول على الخدمات الحكومية اللازمة لبدء المشروع وخلال فترة عمل المشروع إذ سيتم التوسع في إنشاء مراكز للخدمة الشاملة في جميع مدن المملكة بحيث تخدم المشاريع السعودية إضافة إلى المشاريع الأجنبية والمشتركة مؤكدا بأن الهيئة حصلت على موافقة معظم الوزارات والجهات الحكومية الممثلة في المراكز على خدمة ممثليها للمستثمرين السعوديين. واضاف محافظ الهيئة العامة للاستثمار أنه تم في هذا الإطار أيضا، إطلاق برنامج 60 - 24 - 7 وهو خاص بالمدن الاقتصادية ويهدف إلى توفير كافة الخدمات الحكومية في فترة لا تتجاوز 60 دقيقة لكل خدمة حكومية للمستثمرين في المدن الاقتصادية وذلك على مدار الساعة وطيلة أيام الأسبوع السبعة بحيث يتم تطبيق هذا البرنامج بداية ً في المناطق الاقتصادية تحقيقاً للمادة العاشرة من تنظيم هيئة المدن الاقتصادية على أن يتم تعميم هذه الآلية لاحقاً على جميع مراكز الخدمة الشاملة في المملكة. وعن الاهداف الرئيسية للمدن الاقتصادية التي تم إطلاقها في مناطق المملكة المختلفة قال الدباغ: إطلاق أربع مدن اقتصادية في رابغ وجازان والمدينةالمنورة وحائل يهدف الى جذب الاستثمارات المحلية والأجنبية للمناطق الأقل نمواً والذي لا يمكن أن يتم دون توفير بنية تحتية متكاملة كجزء من منظومة اقتصادية متكاملة وستساهم في توظيف السعوديين وبخاصة أهالي المناطق التي تقام فيها المدن الاقتصادية. وأشار إلى الخطط الخمسية المتتالية التي ركزت جميعها على ضرورة تحقيق التنمية الإقليمية المتوازنة، وقال: لا يمكن أن يتحقق ذلك إلا عبر ضخ استثمارات حقيقة تعمل كمحركات اقتصادية رئيسية لجذب استثمارات محلية وأجنبية من شأنها تحقيق قيمة مضافة لتنمية اقتصاديات المناطق التي لم يسبق لها استقطاب مشاريع استثمارية كبيرة مبينا بأنه تمت دراسة نماذج مختلفة حول العالم ومنها المناطق الاقتصادية الخاصة حيث يوجد أكثر من 3000 منطقة اقتصادية خاصة حول العالم، ساهمت في مضاعفة تدفق الاستثمارات إلى المنطقة المقامة فيها مرة كل خمس سنوات. واستطرد قائلا : هناك ثلاثة قواسم مشتركة بين المناطق الاقتصادية الخاصة الناجحة وهي وجود جهة واحدة لتقديم كافة الخدمات الحكومية، ووجود الكادر البشري الملائم للاستثمارات المستهدفة، وقرب المنطقة الاقتصادية الخاصة لمدينة عصرية تتوفر فيها الخدمات الصحية والتعليمية والترفيهية والسكنية المتطورة، ومن هنا تم الخروج بمنتج أطلق عليه " المدن الاقتصادية " يحتوي على القواسم المشتركة في المناطق الاقتصادية الخاصة الناجحة حول العالم،.وشدد على أن بناء مدن اقتصادية يتم تمويلها بالكامل من القطاع الخاص وبهذا البعد التنموي الكبير ليس بالأمر البسيط، فهو يستغرق فترة طويلة وحسب برنامج زمني يعتمد على شراكات فاعلة بين القطاعين العام والخاص، ولا يمكن إنجازه بين يوم وليلة لما تحتاجه تلك المدن من تجهيزات وبنى تحتية لازمة لتقديم الخدمات الأساسية لمقومات الحياة الاجتماعية والاقتصادية وذلك لا يمكن تحقيقه إلا بتضافر جميع الجهود وعلى مدى زمني قد يستغرق 15 عاما من أجل اكتمال جميع مكونات المدينة الاقتصادية، وقد تلقت المدن الاقتصادية دفعة هائلة بصدور تنظيم المدن الاقتصادية وتأسيس هيئة المدن الاقتصادية في شهر فبراير من عام 2010م، لتصبح الجهة المعنية الوحيدة التي تشرف وتنظم وتقدم كافة الخدمات للمستثمرين والساكنين في المدن الاقتصادية. وكان معالي المحافظ أستعرض في بداية كلمته،أهم النتائج التي حققتها إستراتيجية الاستثمار للفترة من عام 2005م حتى 2010م، وتم إعداد ها بمشاركة مسئولين من الجهات الحكومية ورجال الأعمال السعوديين والأجانب ونخبة من المفكرين والاقتصاديين بالإضافة لدراسة تجارب أهم الدول الناجحة في استقطاب الاستثمارات ونصت رسالة الهيئة على "الوصول بالمملكة إلى مصاف أفضل 10 دول في العالم من حيث تنافسية بيئة الاستثمار بنهاية عام 2010م وذلك من خلال إيجاد بيئة عمل صحية ومجتمع قائم على المعرفة، حيث قال: ركزت الهيئة عند البدء في تنفيذ إستراتيجيتها عام 2005م على حل المعوقات التي تواجه المستثمرين السعوديين والأجانب، وتم رصد 300 مؤشر تستخدم في التقارير الدولية لتقييم تنافسية بيئة الاستثمار في الدول المختلفة، وطوال هذه السنوات ومركز التنافسية الوطني التابع للهيئة يعمل بطريقة احترافية مع كل جهة حكومية لتطوير إجراءات وأنظمة الاستثمار وفقا للمعايير الدولية وتتماشى مع افضل التطبيقات والممارسات المعمول بها في الدول المتقدمة في هذا المجال. واضاف بان جهود الدولة في مجال تحسين بيئة الاستثمار يعكسها تحسن تصنيف المملكة في التقارير الدولية التى تقيِّم الوضع الاقتصادي والاستثماري في دول العالم ، فقد حققت المملكة المركز (11) عالمياً وفقاً لتقرير سهولة ممارسة اداء الاعمال الصادر من البنك الدولي بعد أن كانت في المركز (67) قبل خمس سنوات وحققت المركز (8) من حيث حجم التدفقات الاستثمارية طبقاً لتقرير منظمة الأممالمتحدة للتجارة والتنمية (الاونكتاد) للعام 2010م حيث إستقطبت المملكة في عام 2009م 133 مليار ريال، ليصبح اجمالي مخزون الاستثمارات الأجنبية بالمملكة 552 مليار ريال، وساهمت في إيجاد 375 ألف وظيفة، بإجمالي أجور ورواتب سنوية تبلغ 29 مليار ريال، يشغل السعوديين من هذه الوظائف أكثر من 100 ألف وظيفة، ووصلت المبيعات السنوية للمشاريع التي تحتوي على رؤوس أموال أجنبية إلى 395 مليار ريال، كما وصلت مشترواتها المحلية السنوية 225 مليار ريال، وتشكل نسبة صادرات الاستثمارات الأجنبية والمشتركة إلى اجمالي صادرات المملكة بدون النفط الخام حوالي 57%، ووصلت قيمة الضرائب المدفوعة من قبل رؤوس الأموال الأجنبية في عام 2009م، أكثر من 7 مليار ريال سعودي. واضاف الدباغ: اطلقت الهيئة ايضا العديد من المبادرات لرفع تنافسية القطاعين الحكومي والخاص في المملكة ضمن فعاليات منتدى التنافسية الدولي، ومعظم هذه المبادرات موجهة لخدمة القطاع الخاص المحلي ومنها مؤشر وجائزة الملك خالد للتنافسية المسؤولة، التي تمنح للشركات السعودية التي تطبق برامج فعالة لتعزيز تنافسيتها مع القيام بمسئولياتها الوطنية والاجتماعية، ومبادرة أسرع 100 شركة سعودية نمواً والتي يتم تنفيذها برعاية القطاع الخاص بينما تقوم الهيئة بخدمة هذه المنشآت في مراكز الخدمة الشاملة وتساعدهم على إنهاء الإجراءات الحكومية كما هو الحال مع المشاريع الناشئة المدعومة من صندوق المئوية، ومبادرة وبرنامج أكسفورد لتطوير القيادات الإدارية وتم من خلاله عقد دورات تدريبية مكثفة في السعودية وبريطانيا ل (120) قيادياً سعودياً في القطاعين العام والخاص ومبادرة الشباب السعودي الأكثر تنافسية في مجالات الابداع والابتكار.