مدير جامعة الملك فهد للبترول والمعادن وتتوالى السنوات الخيرة، وتستمر مسيرة النماء والعطاء، التي حققت مستويات قياسية من التقدم، وشملت عطاءاتها مختلف مناحي الحياة، وتبوأت بلادنا بفضل الله ثم بفضل هذه الجهود العظيمة مكانة رفيعة، وأضحت نموذجاً لبناء تجربة تنموية تستند إلى مبادئ سامية وقيم رفيعة مستمدة من كتاب الله وسنة رسوله الكريم عليه الصلاة والسلام . لقد حققت تجربتنا التنموية والحمد لله إنجازات مستمرة، ووصلت إلى درجة عالية من التطور، الذي طال مختلف القطاعات، وشمل أرجاء الوطن، ولبى احتياجات المواطن وواكب متطلباته وآماله، واعتنى بالإنسان وتأهيله علماً وفكراً وسلوكاً باعتباره أغلى الثروات وأبقاها وانطلاقاً من كونه ركيزة التنمية وهدفها . ويجدر بنا في ذكرى اليوم الوطني لمملكتنا الشامخة أن نعود إلى نقطة البدء في المسيرة العطرة وأن نستعيد كفاح البطل ونستلهم إرادة المؤسس جلالة الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه، الذي استطاع برؤية عميقة وعزيمة صلبة وبعد كفاح طويل توحيد هذه البلاد تحت لواء كلمة التوحيد الخالدة " لا إله إلا الله محمد رسول الله " ، وأن يحارب التشتت والجهل ويبسط العدل والمساواة والعلم، مؤسساً هذا الكيان الشامخ الذي يسير بخطوات متسارعة نحو الرفعة والأزدهار . ثم واصل أبناؤه البررة من بعده مسيرة البناء بإخلاص وعزيمة، وليشهد كل عهد إنجازات عملاقة تضيف إلى الكيان العظيم شموخاً واستقراراً وصولاً إلى هذا العهد الزاهر الذي استطاع قيادة مسيرة الخير إلى آفاق جديدة من التطور، وشهدت فيه بلادنا الكثير من المنجزات على مختلف الأصعدة . فعلى الصعيد الاقتصادي، تحققت إنجازات كثيرة ساهمت في تعزيز النمو الاقتصادي وحققت الاستفادة القصوى من الموارد الاقتصادية، ونظمت مساهمة موارد أخرى غير النفط في التنمية الاقتصادية، ودشنت مشاريع عملاقة وساهمت في زيادة فرص العمل للمواطنين . وعلى الصعيد السياسي، واصلت بلادنا جهودها في دعم التضامن العربي والإسلامي، وتعميق الروابط الأخوية بين الدول العربية والإسلامية، واستثمرت وزنها الإقليمي والدولي في تحقيق كل ما فيه الخير للعرب والمسلمين . وعلى صعيد التعليم، حققت بلادنا إنجازات كثيرة انطلقت جميعها من أن هذا الحقل الحيوي يشغل في فكر حكومتنا الرشيدة أولوية متقدمة وذلك اقتناعاً بدوره في إعداد الكوادر الملتزمة بالمبادئ الرفيعة، والمحافظة على القيم الفاضلة والمواكبة لأحدث مستجدات العصر، والواعية لدورها في نهضة الوطن والإسهام في إثراء المعرفة الإنسانية والمساهمة في مسيرة التحديث والنمو . ومن جانبها، حرصت جامعة الملك فهد للبترول والمعادن على استثمار هذا الدعم الحكومي اللامحدود في تحقيق إنجازات متميزة كانت فيها وفيةً لوطنٍ عظيمٍ يأخذ بأسبابِ الحضارةِ الحدِيثة، ويحافظُ على القيمِ والثوابتِ الأصيلة، ويعتمد على بناء الإنسان كمرتكزٍ أساسٍ لمسيرة التنمية والتقدم . وفي فيض هذا الدعم تشرفت الجامعة بزيارة كريمة من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز يحفظه الله خلال العام الحالي، وتفضل يحفظه الله خلالها باطلاق مجموعة من مبادرات الجامعة الأستراتيجية التي تهدف إلى تطوير الأداء الأكاديمي والبحثي وتقوية العلاقة مع قطاعات المجتمع والمؤسسات الأكاديمية والصناعية المرموقة دولياً، كما افتتح ووضع حجر الأساس لمشاريع حالية ومستقبلية لتطوير المدينة الجامعية، وكرم يحفظه الله الأفراد والجهات الداعمة للجامعة وبرامجها . واستطاعت الجامعة في الآونة الأخيرة تحقيق عدد كبير من الإنجازات كان أبرزها تأسيس المجلس الاستشاري الدولي واستمرار جهوده ومباحثاته عبر نخبة من الشخصيات المحلية والدولية البارزة في القطاعين الأكاديمي والصناعي، لغرض تعزيز انفتاح الجامعة على الجامعات ومراكز البحث العلمي في العالم، ولما يمثله من رافد جديد يستهدف تعزيز العلاقة بالمراكز العلمية والقطاع الصناعي، ويسهم في تحسين الأداء الجامعي وتطوير رسالة الجامعة في خدمة الوطن والمواطن . ومع الدعم السخي والكبير للجامعة من حكومتنا الرشيدة إلا أن الجامعة ومن خلال استقراء التجربة الإسلامية الفريدة في الأوقاف، وكذلك دراسة اوقاف الجامعات العالمية، انشأت وقفاً للجامعة بمسمى صندوق دعم البحوث والبرامج التعليمية " وقف الجامعة " ، الذي يسعى لتوفير موارد مالية بديلة لمواجهة ارتفاع تكلفة التعليم العالي، وينطلق من الوعي الشديد بأهمية الدور الاجتماعي لرأس المال، ويشجّع الحس التطوعي عند المتفهمين لدور البحث العلمي، ومازال هذا المشروع يلقى المزيد من الدعم والأزدهار كما تستمر الجامعة في دعمها لنجاح وادي الظهران للتقنية الذي يعزز الارتباط بين الجامعة والقطاع الصناعي من خلال تدشين مراكز بحوث متخصصة لشركات عالمية تستفيد من المخزون الثري لقدراته البحثية في تطوير تقنيات جديدة في المجالات الحيوية كان آخرها مركز شركة يوكوجاوا اليابانية الذي تم تدشينه لهذا العام، كما تستمر في دعم تنفيذ البنية الأساسية للوادي على أفضل وأحدث المواصفات العالمية . كما تبدأ الجامعة تنفيذ التجربة الرائدة التي تبنتها وزارة التعليم العالي بتمويل إنشاء مراكز تميز بحثي بالجامعات، ومنها أربعة مراكز بجامعة الملك فهد في تكرير البترول والبتروكيماويات والطاقة المتجددة وبحوث وهندسة التآكل وتقنية النانو . وتسهم المراكز في تحويل الجامعة إلى بيت خبرة وطني في هذه المجالات . كما يواصل معهد البحوث جهوده في خدمة قضايانا التنموية ومساندة القطاعين العام والخاص بمشاريع تمويلية ضخمة، وفي الآونه الأخيرة أنهى المعهدُ إعدادَ مشروعِ الخطة المستقبلية للتعليم الجامعي " آفاق " الذي يرسخ مجموعة من الأسس التطويرية التي تسهم في تعزيز كفاءة التعليم العالي كماً وكيفاً وتنمية الدور الرائد للجامعات السعودية، كما وتسارع الجامعة في خطاها نحو التعلم الإلكتروني وإدماج الإمكانات الكبيرة التي تتيحها تقنية المعلومات في إضافة أبعاد جديدة للعملية التعليمية من بينها السرعة والدقة وسهولة التفاعل والاتصال دون قيود زمنية أو مكانية . وتستمر الجامعة في تطوير رسالتها البحثية من خلال ربط البحث العلمي باحتياجات التنمية واختيار الأساتذة المتميزين . وقد أثمر هذا النشاط البحثي زيادة كمية ونوعية في البحث والابتكار والتطوير حيث نجحت الجامعة في تسجيل براءات اختراع مميزة للغاية، إضافة إلى براءات اختراع مميزة اخرى تنتظر التسجيل، كما أن الجامعة مستمرة في نجاح تعاونها مع كبرى القطاعات الصناعية عبر تمويل الكراسي العلمية، فضلاً على أنها مازالت في ضمن الجامعات المتميزة عالمياً في البحوث الهندسية، وهي الأولى على مستوى دول العالم الإسلامي . وأخيراً فإنني أدعو الله أن يديم على بلدنا الغالي عزه وأمنه واستقراره وأن يحفظ خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين إنه سميع مجيب الدعاء .