قال حسني مبارك الذي يرأس مصر منذ 30 عاما ذات مرة إنه يعتزم تحمل المسؤولية "وأمانتها مادام في الصدر قلب ينبض ونفس يتردد."يبدي مبارك دائما ثقة تصل الى حد العناد ولا يظهر ذرة شك في الإنجازات التي حققها على مدى حياته ويصور نفسه كزعيم كريم لا يكل يحمي أمن واستقرار بلاده ويخدم مصالح شعبه.قد يجادل مؤيدوه بأنه أنقذ مصر من الفوضى بعد أن اغتال متشددون سلفه الرئيس الراحل أنور السادات عام 1981 وجنب مصر خوض الحروب وأعاد العلاقات مع العالم العربي بعد توقيع معاهدة السلام مع اسرائيل عام 1979 وسمح لحكومته بعد تأجيلات طويلة بفتح الاقتصاد لتحفيز النمو. كما استطاع إخماد تمرد المتشددين الذي استمر طويلا في صعيد مصر في التسعينات بعد أن أسفر عن مقتل 1200 شخص.لكن مبارك لم يتبع هذا بخطوات عملية حتى تكون مصر اكثر ديمقراطية ويوم الثلاثاء لاحقه إخفاقه المزمن في تغيير النظام السياسي الذي ورثه. وأخيرا وفي سن الثانية والثمانين اضطر أن يواجه احتمال التقاعد المبكر الذي تأخر كثيرا.وقال في كلمة ألقاها في وقت متأخر إنه سيبقى في الحكم الى أن تنتهي ولايته الحالية في سبتمبر ايلول. وفي الوقت نفسه سيطلب تعديلات دستورية حتى تكون الانتخابات الرئاسية مفتوحة ويكون عدد الولايات الرئاسية التي يستطيع الرئيس توليها محددة.وتطلب تقديمه هذا التنازل خروج مليون متظاهر الى شوارع مصر. وتبدو احتمالات استمراره في الحكم حتى سبتمبر ايلول هزيلة. خلفيته في القوات الجوية في الأيام السبعة الأخيرة من الاحتجاجات المتزايدة قتل 138 شخصا معظمهم لاقوا حتفهم على يد شرطة مكافحة الشغب التابعة للنظام. ويقول المحتجون إنهم يريدونه أن يرحل فورا هو ومن حوله. وينفذ مبارك فيما يبدو وبطريقة غريبة السيناريو الذي كتبه الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي الذي فر الى السعودية في 14 يناير بعد يوم من أعلانه بعد 23 عاما في الحكم أنه لن يخوض الانتخابات مجددا عام 2014 .غير أن مبارك أوضح أنه لا يعتزم ترك البلاد ليعيش في المنفى. وقال في كلمة بثها التلفزيون "إن هذا الوطن العزيز هو وطني مثلما هو وطن كل مصري ومصرية فيه عشت وحاربت من أجله ودافعت عن أرضه وسيادته ومصالحه وعلى أرضه أموت." ولد مبارك في الرابع من مايو ايار عام 1928 في قرية كفر المصيلحة بدلتا النيل. والتحق بالكلية الحربية عام 1947 ثم التحق بالسلاح الجوي وتلقى تدريبا بالاتحاد السوفيتي السابق حيث تعلم قيادة قاذفات القنابل. في عام 1967 أصبح مديرا للكلية الجوية وفي عام 1969 تولى رئاسة أركان القوات الجوية. واختاره الرئيس أنور السادات لقيادة القوات الجوية وإعدادها لحرب عام 1973 ضد اسرائيل. بعد ذلك بعامين عينه السادات نائبا له. ونجا مبارك من الموت بالكاد حين اغتال جنود مرتبطون بجماعة إسلامية السادات في عرض عسكري بالقاهرة في السادس من اكتوبر عام 1981 . واستهدفته عدة محاولات اغتيال منذ ذلك الحين من بينها هجوم على موكبه في أديس أبابا عام 1995 .وأبعد السادات مهندس السلام مع اسرائيل مصر عن دورها القيادي في العالم العربي واغضب الكثير من المصريين بتحالفه الوثيق مع الولاياتالمتحدة. وتكبد مبارك عناء شديدا حتى نجح في استعادة العلاقات مع الدول العربية وتمكن من إعادة مقر جامعة الدول العربية الى القاهرة. الانضمام الى حملة من أجل الديمقراطية بعد أن غزا الرئيس العراقي الراحل صدام حسين الكويت عام 1990 انضم مبارك الى الولاياتالمتحدة وحلفائها في حملة لطرد العراقيين. في المقابل استطاع إسقاط ديون على مصر قيمتها 20 مليار دولار. لكن في العلن نصح مبارك الولاياتالمتحدة بالا تغزو العراق وتكهن بأن هذا سيسبب حالة من الفوضى وقد صدق تكهنه.وبدءا من التسعينات كان بمثابة راع غير رسمي لعملية السلام في الشرق الأوسط وقام بالوساطة بين الإسرائيليين والفلسطينيين وبين الفصائل الفلسطينية المتنافسة في مسعى من أجل الوصول الى تسوية طال انتظارها.وقال مبارك "أقول بكل الصدق وبصرف النظر عن الظرف الراهن انني لم أكن أنتوي الترشح لفترة رئاسية جديدة فقد قضيت ما يكفي من العمر فى خدمة مصر وشعبها."وأضاف أنه فخور بإنجازاته وأنه خدم بلاده بأفضل ما في وسعه. وفي تصريح يعكس انشغاله الدائم بالأمن قال إن الاحتجاجات المستمرة منذ أسبوع "تفرض علينا جميعا شعبا وقيادة الاختيار ما بين الفوضى والاستقرار."