نظمت اللجنة المنبرية في نادي حائل الأدبي مساء الأحد الماضي في القاعة القافية بمقر النادي محاضرة بعنوان:"مفهوم الإنسانية.. قراءة شرعية في الثقافة المعاصرة" للأستاذ حسان بن إبراهيم الرديعان، وأدار المحاضرة رئيس مجلس إدارة النادي الأستاذ عبدالسلام الحميد الذي بدأها بتقديم عن سيرة الضيف وسط حضور كثيف اكتظت به القاعة. وبدأ الرديعان محاضرته بالترحيب بالأطروحات الفكرية حتى وأن كان فيها صدام، وقال في مقدمة لمحاضرته: أرى النادي الأدبي بحائل خصم لي، ولكل متمسك بالكتاب والسنة، ولكن يجب علينا جميعا أن نستحضر كلام الإمام القصاب: (من لم ينصف خصومه في الاحتجاج عليهم، لم يقبل بيانه، واظلم برهانه)، وكما أن على المثقف أن يصون الناس عن الدنس الفكري، فعليه أن يصون مروءته عن الكذب والتدليس والاستفزاز وان يكون صادقا في كل ما يطرحه، وأن يكون صادقا مع خصومه. وأضاف المحاضر: لا شيء اخطر على المجتمعات المسلمة من التلبيس الثقافي وجر الناس الى ما يسلب من دينهم وأخلاقهم باسم الثقافة، وقال الرديعان: إن كان الخطاب الدعوي يُتهم بأنه يستجر الناس عبر ما يثير عواطفهم، فإن الخطاب الحداثي الموجود قد لعب دورا اكبر باسم الإنسانية وحقوق الإنسان، وأكد انه لا إشكال شرعي في الإنسانية كمفردة اصطلاحية وإنما الإشكال في التفسير الخاطئ لمفهوم الإنسانية والغايات التي ينطلق إليها الحداثيون عبر مصطلح الإنسانية. وتساءل الرديعان: عن الاتفاق والاختلاف في مفهوم الإنسانية، وأورد مقولة في محاضرة لأحد ضيوف أدبي حائل ذكر فيها أن جميع ثوابتنا ليست كاملة الحقيقة، وقال: إن الأعلام المنتسبون للإسلام كابن سينا والكندي يرون أن العقل فيه الغريزة التي تعصم الذهن من الخطأ والزلل، وأورد أقوال العالم الفرنسي اوغوست كونت الذي يرى بأن الإنسانية ديانة وأن الإنسان هو الذي يجب أن يُدان له وليس الله، وكيف عدد كونت مراحل ارتقاء الفكر الإنساني. وأضاف الرديعان: إن الفيلسوف العربي عبدالرحمن بدوي الذي تاب وأعلن إسلامه صراحة قبل وفاته بشهر كان يرى نفسه بكل ثقافته خارج إطار الإسلام، وحاول بدوي أن يمزج الإنسانية بالوجودية وجاء بتفسيرات معقدة للإنسان، واستدل المحاضر بأن تفسيرات علماء عصور النهضة أسهل بكثير من تفسيراته للإنسان والوجود. ثم فُتح باب المداخلات للحضور وكانت أولى المداخلات من المهندس حسني جبر الذي تساءل عن انطباق مقومات الحوار على ما يبرز حاليا من أنماط الحوار كالحوار الوطني والحوار مع الغرب؟ ولماذا نستعمل المفهوم الغربي للإنسانية ونحن لدينا البديل، وترديد المفهوم الغربي للإنسانية يعتبر مظهرا انهزاميا. وعلق الشيخ محمد عبدالله النونان على أن استشهادات المحاضر كان اغلبها حول استضافات أدبي حائل، وقال النونان في مداخلته: إن الحداثيين يزعمون خطأ أن القرآن جاء لزمن معين وأنهم يرون أنه يجب أن يفسروه تاريخيا لأنه مجرد نص لغوي، إذن فكيف نأمنهم على تفسيره؟ وهم يرون بشرية القرآن وانه نص ثقافي وتاريخي وتجاوزه التقدم الحضاري؟ وقال النونان لقد مس الحداثيون ثوابت الأمة فهم يتناقضون مع مبادئ السلف الصالح. وفي مداخلة لرئيس لجنة سلمى الثقافية خلف الحشر أشاد فيها بالمحاضر وتمنى من أدبي حائل الاستمرار في هذا النهج وإفساح المجال أمام أبناء المنطقة، وتساءل الحشر عن سر الحملة التي يقوم بها بعض المتشددين على مآثر حاتم الطائي وقبره (حاتم كان وثني الديانة أو نصرانيا) قبل الإسلام، واستغرب الحشر من محاولات طمس اسم حاتم من الشوارع ومن المدرسة التي تحمل اسمه؟ ونفى الرديعان أن يكون قد شارك في أي حملة ضد حاتم الطائي، وقال: كل ما حصل هو أني كتبت مقالا في جريدة الجزيرة عن قبر حاتم الواقع في قرية توارن، وكاد مسار المحاضرة أن يتحول الى النقاش عن موضوع حاتم الطائي وموقع قبره، إلا أن رئيس مجلس إدارة النادي عبدالسلام الحميد أكد على أن ذلك الموضوع مستقل ويفضل تناوله لوحده بعد المحاضرة. وتطرق الأستاذ ناصر الهواوي الى أقوال الفرق الإسلامية في العقل والنقل، وان هناك من وضع العقل ندا للوحي، وكما أن هناك سلف صالح فهناك سلف للحداثيين كالمرجئة وغيرهم. فرد الرديعان: العقل يوافق الفطرة عندما يتم تلقي النص تلقيا صحيحا، وتطرق الرديعان الى قانون الكل للغزالي وابن العربي وأقوالهم حول الأدلة العقلية، فهم يجعلون العقل دليلا قطعيا.. وأورد الرديعان بعض أقوال المعتزلة والاشاعرة، وطلب إعفائه من بقية تساؤلات الهواوي. ووجه براك البلوي أسئلة للرديعان منها: جعلت من كل مثقف خصما لك، وأعلنت أن النادي خصما لك، لماذا كل هذا التوتر؟ فرد الرديعان: ولماذا نجعل من معارضة توترا؟ وهل يريد النادي المديح؟ وقد منحني رئيس النادي الحميد حرية أن أقول كل ما أريد، وقال: أحييه على شجاعته، وقد ألمحت في بداية المحاضرة أني سأقول وجهة نظري الشخصية، وهذه هي المرة الثالثة فقط التي تطأ فيها قدماي ارض النادي، مع إنني أتتبع كل اللقاءات، وقال الرديعان: أنا لست كالمتشددين الذين يوصفون بان سياستهم سياسة قطيع، من جانبه علق رئيس النادي مدير المحاضرة عبدالسلام الحميد بقوله أن أدبي حائل مفتوح لكل الأطياف ونبحث عن المشاركين في أي مكان، وقال: اشكر حسان على متابعته لأخبار النادي. وقال الدكتور عبدالله البطي يبدو أن هناك تحامل على أدبي حائل، ويشكر النادي على ما يقدم من طروح نتفق أو نختلف معها، ونعتب أحيانا على النادي حول بعض الاستضافات، وأشيد بإعطائه الفرصة لأبناء المنطقة، ووقفنا اليوم أمام محاضر مثقف وعالم، بأسلوبه الذي لا يحرج ولا يتوانى عن إظهار الحقيقة، وختم البطي: في الوقت الذي ننتقد فيه التنويريين يجب فيه أن نميز بين فئاتهم، والواقع الثقافي متدن ويجب أن ننهض به. ثم ختم مدير المحاضرة رئيس مجلس إدارة النادي الأدبي بحائل عبدالسلام الحميد هذه الأمسية الثقافية، وقام بإهداء المحاضر حسان الرديعان درعا من النادي وحقيبة تضم أحدث الإصدارات. ويشكر النادي على ما يقدم من طروح نتفق أو نختلف معها، ونعتب أحيانا على النادي حول بعض الاستضافات، وأشيد بإعطائه الفرصة لأبناء المنطقة،