ابدأ هذا الاسبوع مقالي بمفردات لشاعر المرأة نزار قباني،، وليعذرني الغائب الحاضر في مفردات العشق والوصف الانثوي ان بدأت اليوم مااريد بتلميح فرضته علي اشعاره فقد تعودنا ان يكون للجمال ملكة فسميت ملكة الجمال واعتدنا ان تتربع على عرش الفتنة فتاة قيل عن فتنتها انها تأسر الالباب ولا نستغرب عندما نسمع عن بنية ترتدي وشاح الحسن لتُنادى بأنها بنية لا حسن كحسنها في الزمان، ولعلها مئات الافكار وملايين الخطط التي لا تمت لثقافتنا بصلة لكننا نتبناها كنوع من المسايرة لمجريات الاحداث من حولنا او لمواكبة التطور السريع في المجتمع او لنكتفي من ذلك بالتقليد الاعمى لكل ما تجود به ايادي البعض وعقولهم الخاضعة لقوى اختزلت جمالا في جسد يشيخ يوما وتعلوه الندب متجاهلين خُلقا يبقى للابد، وهذه المسابقات التي تخرج علينا بين الحين والآخر تتغنى بالحسن الظاهر والجمال الفاضح ونتابع نحن هذه المسابقات وكأننا نلهث خلف اعجوبة متجاهلين ان الجمال يتعلق بالروح والاخلاق قبل كل شيء ومنذ خرجت على الملأ اول مسابقة جمال عام الف وتسعمائة وواحد وخمسين في المملكة المتحدة عبر مؤسس المسابقة ايريك مورلي حين تم انتخاب السويدية كيكي هاكسون لتتربع على عرش جمال يزول، والى يومنا هذا حيث بات المتابع للشأن الجمالي والمظهر الحسن يلاحظ اننا في مجتمعاتنا العربيه نتقن ابراز جمالنا العربي بالمقاييس ذاتها فمن قال ان الجمال يكمن في جسد سبحان من ابدعه وحسن تغنت به الاسماء من شاعر او كاتب او مبدع بالكلمه ومن اعتبر ان المرأة حسنها يتعلق بخصر وصدر وكحلة عين وشفاه مرسومه باتقان تتمايل الكلمات عليه دون فكر او منطق بل افتقار للقيم وكثير مما يعتبر اساسيا وتكامليا للفرد. " الله جميل يحب الجمال " هذا صحيح وجميعنا نرغب في الحصول على مظهر جميل وشكل جذاب ولكن هل تهتم بناتنا بجمال الاخلاق وحسن الفضائل تماما كاهتمامهن بجمال الاجساد وحسن الملامح؟ فنحن نعيش اليوم في عمق المدينه وقمة التحضر "ان شأتم تسميتها بذلك" نتطور ثقافيا وفكريا وعلميا وما زلنا نطالب بفتح قنوات عديده نلمس من خلالها مدى تفاعلنا مع المجتمعات التي نراها مثلا ونطمح ان نكون قد انشأنا مجتمعا على غراره ونصل لما وصل اليه افراده هناك، اذا هي فعاليات عديده تخرج علينا بين الفينة والاخرى بعضها يندرج تحت عنوان الاجدى والاهم للمرأة والمجتمع وبعضها الآخر والاكثر عددا يسمى عرضا يُحول المرأة لسلعه يُعلن عنها ويُستثمر من خلالها لذلك يأتي حديثي هذا الاسبوع حيث اتخذت احدى مناطق المملكه العربيه السعوديه وتحديدا الشرقيه منها مفهوم مسابقة ملكة الجمال ووظفته بما يخدم المجتمع المبني على اسس مستمده من الدين الاسلامي وبالوقت ذاته مواكبة للتطور الحاصل في المجتمعات عامة لكن بما لا يخدش المجتمع الخليجي اولا والعربي ثانيا، ولعلنا نؤمن ان كل فكره جديده لها الاعداء والانصار وهذا امر طبيعي حيث نجد من يحاول احباط الفكره بمجرد الافصاح عنها ووأدها في المهد قبل ان تكبر لتترك اثرا ايجابيا نبتغيه، ولكن من مبدأ انه لا يصح الا الصحيح فان هناك من يدعم ويبارك مثل هذه الخطوات الايجابيه على ارض الواقع. اذا كان هناك معيار لتتوج فتاة مابتاج ملكة الجمال المنشود فهناك معيار لتتسيد قرينتها الاخلاق ولعله معيار ثقافي يكشف المستوى الثقافي في الفتاه والمعيار السلوكي الذي يدرس علاقتها بالاسرة والمجتمع على حد سواء وايضا المعيار الديني الذي يعني التزام تلك الفتاه وعلاقة الثقافه والسلوك بالجانب الديني الذي يعد عمودا اساسيا في تهذيب النفس، وسيسأل احدهم ان كان حسن ملكة الجمال ظاهرا ويمكن الحكم عليه من جسد لا يغطيه الا ما تيسر من القماش وملامح تباهت بالالوان التي اختلطت بابتسامة توزعها هنا وهناك او ضحكة تُدير الاعناق وجسد يتمايل أمام لجنة من الخبراء في تفاصيل الجمال والثقافة التي تترنح على كتف الاغراء يتكلمن لغة واحدة هي لغة الجسد، تذهب الكثير من الآراء للقول بأن إقامة مسابقات ملكات الجمال إهانة واضحة للمرأة، بينما يرى البعض الآخر إنها فرصة للاحتفال بالجمال والاحتفاء بالحسن الفتان. دعونا من ملكة الجمال لنتحدث عن سيدة الاخلاق " ويكفي المسمى لتلاحظوا الفرق في اهداف كلتا المسابقتين " فالاخيرة تُعزز القيم الاخلاقية في نفوس الفتيات وتشجعهن على التحلي بالسمات الفاضله في محاولة لجذبهن ناحية الاخلاق السامية بدلا من الانجراف والتخبط الاخلاقي وراء ما يطل عليهن عبر الفضائيات المبتذلة والمشاهد الهابطه التي تضع الجمال معيارا للخلق والنجاح والتفوق والكمال دون ادراك ان الجمال الحقيقي في المعنى لا الشكل عبر تخصيص مقاييس اخلاقيه بدلا من جماليه وبالتالي تمر الفتاه عبر دورات تؤهلها للتطور الفكري والثقافي مع مراعاة ما تقدمه بعد ذلك للمجتمع عبر التطوع والواجب لا عبر الجمال والتنازلات ولربما تستغربون ان تفوز بلقب سيدة الاخلاق فتاة في عمر الزهور مقبلة على الحياة وهدفها ان تكون نموذجا لفتيات جيلها وقد استطاعت الرد بثقة وثقافة عالية على سؤال لجنة الحكم في حين ان الحضور ابصر قامتها الصغيره وتابع بصيرتها عبر اجابتها العالية المستوى وبالمقابل لم تبصر هي الا الرغبة في ان تكون مثالا يُحتذى به في حياة يملؤها المبصرون حولها ويفتقدون لما انعم الله به عليها وهي التي فقدت البصر منذ ولادتها فأي ارادة واصرار تُمكن فتاة كزينب بأن تكون سيدة للاخلاق بما تملك من حس اخلاقي عالي جدا اهلها لنيل اللقب، والفكرة لم تكن واضحة في البدء والآن بلغت المسابقه عامها الثالث ونجحت في فرض نفسها بعد ان كانت محصورة في نطاق محافظة واحدة وعدد محدود لتكون هذا العام شاملة لعدة محافظات تمثل الشرق السعودي والطموح بأن تشمل البلد وتتخطى الحدود الجغرافية كما فعلت ملكة الحسن والمظهر الزائل مع الايام،، فان كانت للاخيره سفيره فللاولى سفيره فوق العاده، وفيما يتعلق بأن الاخلاق فطرة وتربية فبلا شك ان هذه الاخلاق بحاجة لتهذيب وتوظيف في المسار الصحيح خاصة مع الحروب التي يشنها الآخرون على الاخلاق ومن تتحلى بها لذلك نقول ان بالامكان الالتفات للاخلاق وتعزيزها او تركها تضيع بين ما هو مقبول واقل قبولا في المجتمع. والكلام في حضرةِ الخلق،، قليلُ ان خطف بريق التاج انظارنا هنا وهناك وان كانت امنيات بعض الفتيات نيل وشاح تتحلى به ملكة الجمال،، فان تاج الاخلاق وشاحه عفةٌ وحياء ودمتم وبشهد الكلام نواصل اللقاء.. *كاتبة وإعلامية سعودية