شعر الكثير منا بحالات اكتئاب أو إحباط من وقت لآخر. حدوث حالة وفاة في العائلة، فشل، فقدان وظيفة، حالة مرض خطير وأزمات الحياة المختلفة التي قد تسبب الشعور بالحزن، الوحدة أو الإحباط لمعظم الناس لفترة من الوقت. حدوث حالة من الحزن هي رد فعل طبيعي في مثل هذه الأحداث. ومن الطبيعي أيضاً أن تشعر بحالة من الوجوم لبعض الوقت بدون حدوث سبب محدد وبالتالي من الطبيعي أن تستعيد قوتك مرة أخرى وتشعر بتحسن وتعود إلي حالتك الطبيعية بعد فترة. عندما يستمر هذا الشعور بالاكتئاب، الحزن، الوحدة، أو اعتلال المزاج ويمنعك هذا الشعور من استمرار الحياة بشكل طبيعي، فأنت إذن هذا الشخص الذي يعاني من اضطراب في الحالة المزاجية والتي تسمى اكتئاب. الاضطراب في الحالة المزاجية للشخص هي حالة متواصلة من الخلل الذي يحدث في المشاعر الطبيعية لأي شخص. الاكتئاب هو حالة اعتلال جسدي كامل يؤثر علي الصحة العامة للشخص المريض والسلوك الذي يسلكه تجاه الآخرين. يحدث بالنسبة للشخص الذي يعاني من الاكتئاب مشاكل في النوم، الأكل، العمل والتعامل مع الأصدقاء. يتسبب الاكتئاب في حدوث حالات مختلفة من المشاعر غير السعيدة بالنسبة للشخص. يمكن أن يشعر الشخص المكتئب بحالة مستمرة من الخوف الشديد، البكاء المستمر، الشعور بالرعب، الشجار المستمر مع الأصدقاء أو زملاء العمل، عدم الثقة في النفس أو حتى حدوث حالة من الهلوسة. من ناحية أخرى، يمكن أن يشعر المريض بحالة من التخدير (تخدير للمشاعر) حيث أنه لا يشعر بحزن شديد ولكنه لا يشعر بسعادة أيضاً. الأشخاص الذين يشعرون بالاكتئاب، يلجئون في بعض الأحيان إلي علاج الاكتئاب بطرق شخصية، عن طريق بعض العقاقير المخدرة والكحول. وتزيد فقط هذه الأشياء الحالة سوءاً وذلك لأن الكحوليات هي مسببة للاكتئاب وهى الأشياء التى يمكن أن يريدها الشخص المكتئب. يمكن أن يأتي الاكتئاب بشكل مفاجئ وبدون سبب ملحوظ. أو يأتي بسبب الضغوط النفسية الشديدة. يمكن أن يأتي الاكتئاب أيضاً بشكل بطيء ويزداد مع مرور الشهور والسنوات وبالتدريج تتلاشى السعادة والأمل. يجب على أهل الشخص المكتئب وأصدقائه أن يتفهموا جيداً أن الاكتئاب مرض. والشخص المكتئب لا يتعمد الشعور بذلك الشعور ولا يستطيع التحكم في التخلص منه بسهولة. الاكتئاب هو مشكلة صحية عامة، ومعظم الأشخاص المكتئبين يخجلوا من طلب أي مساعدة طبية، أو الاعتراف بأنهم يعانون من الاكتئاب النفسي وذلك لأنهم يروا أن هذا الشعور يعد ضعف في الشخص ولذلك ثلثي الأشخاص المصابين بالاكتئاب لا يلجأوا إلى الاستشارة الطبية. الاكتئاب ليس له أي علاقة بالضعف، وعدم الاهتمام بهذا الشعور فقط يساعد علي زيادة الحالة. الاكتئاب هو خلل جسماني يتسبب في حدوث بعض التغيرات الكيميائية في المخ. وهذه التغيرات لن تتلاشى مفردها، والشفاء من حالة الاكتئاب النفسي يتطلب علاج دوائي، علاج نفسي وبعض العلاجات الأخرى. والاكتئاب النفسى هو المرض الذي يؤثر بطريقة سلبية علي طريقة التفكير والتصرف، ويصاب بالاكتئاب الذكور والإناث علي حد السواء، الصغار والكبار والمسنين لا يفرق بين مستوي التعليم والثقافة ولا المستوى المادي. الجميع عرضة للإصابة به. لحسن الحظ أن الاكتئاب النفسي من الأمراض التي يمكن علاجها، أغلبية المرضى (80-90%) من الذين يواظبون على العلاج الموصوف لهم يتم شفائهم بنسب عالية. ولكن من مشاكل الاكتئاب هو التعرف عليه وعندئذ يجب التوجه إلي الطبيب لتلقي العلاج في الوقت المناسب. حيث أن التأخر في استشارة الطبيب يكون له توابع سلبية علي سير الخطة العلاجية. فقد تحتاج الحالة إلى فترة أطول من العلاج أو كمية أكثر من الأدوية مع التعرض لنكسات في حالة عدم المواظبة علي العلاج. من أخطر أنواع الاكتئاب النفسي عندما لا يشعر الإنسان أنه مريض ويحتاج إلي استشارة الطبيب. فغالباً ما يعاني الإنسان من الاكتئاب ولكنه يستمر في حياته يتصرف بطريقة سلبية، يفكر في أفكار سوداوية، ينعزل عن الناس أو حتى يفكر في إيذاء نفسه أو المحيطين به. ما هو الاكتئاب؟ الاكتئاب النفسي مرض يصاب به الإنسان فيجعله يعاني من الأعراض التالية: شعور بالإحباط والزهق والملل - عدم الاستمتاع بمباهج الحياة - اضطرابات بالنوم وقد تكون في صورة صعوبة في النوم أو كثرته- فقدان الشهية للأكل أو الفرط في الأكل بشراهة. - سرعة التعب من أي مجهود- صعوبة في التركيز والتذكر واتخاذ القرارات . - نظرة تشاؤمية للماضي والحاضر والمستقبل - التفكير في إيذاء النفس أو المحيطين كالانتحار أو القتل . - الشعور بالذنب الدائم أو العصبية الدائمة. من الممكن أن يصاب الشخص ببعض هذه الأمراض في أي مرحلة سنية وإن كانت أكثر ما تكون في السن من 24 - 44 سنة. النساء أكثر عرضة للإصابة عن الرجال وقد فسر ذلك بأن النساء تتعرض لضغوط اجتماعية وبيولوجية بصورة دائمة. ما هي أسباب الاكتئاب؟! هناك عدة أسباب تتداخل معاً لظهور أعراض الاكتئاب: أسباب عضوية: أهمها تغيرات في بعض كيميائيات المخ من أهمها مادة السيروتونين ومادة النورادرينالين ومن المعتقد أن لهما دوراً هاماً في حدوث الاكتئاب النفسي عند نقصهما. الجينات: وجد أنه هناك عوامل وراثية لظهور الاكتئاب في بعض العائلات حيث أن الدراسات التي أجريت على التوأم أحادي البويضة وجد أن إصابة أحد التواءم بالاكتئاب يرفع نسبه حدوث الاكتئاب في التوأم الآخر إلي 70 % ويكون عرضة للإصابة بالاكتئاب في مرحلة ما من حياته الشخصية. هناك بعض الأشخاص ممن لهم سمات تؤهلهم عن غيرهم للإصابة بالاكتئاب ومنها: الروح الانهزامية، الاعتمادية على الغير، المتأثرون بالمتغيرات الخارجية والشخصيات التي لها دائماً نظرة تشاؤمية للأمور. عوامل بيئية: مثل كثرة التعرض للعنف والاعتداء النفسي أو الجسدي كذلك كثرة الضغوط الخارجية علي الإنسان دون وجود متنفس لها تدعو إلي الشعور بعدم جدوى الحياة وهي أهم المؤديات للاكتئاب. ولكن يجب مراعاة أن الاكتئاب النفسي (رغم كل المسببات السابق ذكرها من الممكن حدوثه لإنسان يعيش حياة عادية قد نعتبرها نحن مثالية وخالية من المشاكل ومن الضغوط). ولكن الأمور دائماً نسبية كما يجب ألا نغفل العامل العضوي الذي لا علاقة له بالمتأثرات الخارجية. كيف يتم علاج الاكتئاب النفسي:من المهم أن نلاحظ هنا أن الاكتئاب مرض نفسي. ولذا يحتاج إلي علاج دوائي لتعويض الخلل الكيميائي الذي حدث بالمخ. وأن ممارسة الرياضة وتغيير العادات اليومية والذهاب إلي أجازة لن يعالج الحالة وإن كان له تأثير في سرعة الشفاء. 80 - 90 % من مرض الاكتئاب النفسي يظهرون تحسن واضح وملموس باستخدام العلاج. ووفقا للموسوعة الصحية الحديثة فإن أساليب العلاج تتمثل في : علاج دوائي و لا يجوز تناول العقار دون استشارة الطبيب. لما قد يؤديه ذلك من أعراض جانبية وتعارض مع احتياج المريض. ولذا يجب استشارة طبيب نفسي في الحالة حتى يتسنى له الوقوف على الأعراض ومدى تأثيرها على حياة المريض. مع وصف العقار المناسب للفترة المناسبة بالجرعة المطلوبة. علاج نفسي: إن جلسات العلاج النفسي تتيح فرصة للتعرف على كيفية التعامل مع الضغوط الخارجية والتحدث عنها. كذلك التعرف على أفضل السبل للتعامل مع الأعراض التي يعاني منها المريض أثناء المرض وهذه الجلسات يتبع منها أساليب مختلفة للعلاج - علاج سلوكي - علاج معرفي - علاج نفسي تحليلي - علاج أسري - علاج جماعي . تحدد النوعية الأنسب للمريض بعد أخذ تاريخ المرض. الاكتئاب النفسي هو مرض العصر الحديث. ومن حسن الحظ أنه يمكن علاجه ولكن من سوء الحظ أن المريض لا يشعر به في بداياته وإنما يلجأ للطبيب بعد أن تكون الحالة قد استعصت وزادت شدتها. لذا ينصح دائماًً بعدم أخذ الأمور على أنها ضعف بالإرادة أو خذلان في النفس أو حتى قلة إيمان.