الحمد لله المنفرد بالبقاء الواحد الأحد الفرد الصمد ذي العزة والستر، ولاند له فيبارى ولا معارض له فيمارى ولا شريك له فيدارى، كتب الفناء على أهل هذه الدار وجعل عقبى الذين اتقوا وصبروا الجنة،قرر مقادير الخلائق وارزاقها وخلق الموت والحياة ليبلوهم أيهم أحسن عملاً. قال الله تعالى: الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون* أولئك عليهم صوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون" سورة البقرة الآية : 156-157 *** بالأمس القريب رحل عنا الشاب الأغر " إباء" ابن عبد المقصود خوجة الذي اختطفته يد المنية فجأة بينما كان يؤانس ريعان شبابه فكانت الصدمة أقوى من الاحتمال لولا الاستغفار والرجوع الى الله الذي أوجد الابتلاء ليمتحن صبرنا ورضانا بقضائه وقدره. *** عزاؤنا فيك يا "إباء" أنك غادرت أرض الفناء إلى أرض البقاء بروحك الطاهرة التي سمت معك - بإذن الله- إلى جنات الخلد، فقد كانت خصالك حميدة ونفسك أبية وأخلاقك نبيلة وروحك زكية ودواخلك بريئة وأعمالك سخية وخشيتك من ربك كبيرة وحياؤك وحسن أدبك سجية ومحبتك عند الناس عظيمة ومشوار حياتك القصير غنيمة.. كنت يا "إباء" نقي القلب والسريرة.. طلعتك بهية مثل قمر ساطع بين النجوم والكواكب.. معروف بسماحة خلقك وجميلاً كاسمك.. كنت شمعة لا تنطفئ لو لاقدر الله الذي إذا جاء لا يؤخر .. فإلى جنات الخلد يا "إباء" مع الصديقين والشهداء. *** أخي العزيز أبا "إباء" أعزك الله وأبقاك، فأنت عالم بالدنيا وما خلقت له من الفناء، وأنها لم تعط إلا لتأخذ ولم تسُرْ إلا لتُحزنْ وإن الموت حق على الأولين والآخرين، لادافع عنه ولا مؤخر وإنا لله وإنا إليه راجعون. فماذا تصنع أخي المكلوم والقضاء نازل والموت حكم شامل، وإن لم نلذ بالصبر فقد اعترضنا على مالك الأمر ، فيا أخي نوائب الدهر لاتدفع إلا بعزائم الصبر، فاجعل بين هذه اللوعة الغالبة والدمعة الساكبة حاجباً من فضلك ودافعاً من دينك وعزيمة من يقينك، فإن المحن إذا لم تعالج بالصبر كانت كالمنح إذا لم تقابل بالشكر وبهكذا حال يكفينا لوعة وحزناً. فصبراً صبراً جميلاً أبا "اباء" ففحول الرجال - وأنت واحد منهم - لا تستفزها الأيام بخطوبها ومتون الجبال لاتهزها العواصف بهبوبها.. وعزيز على نفسي الجريحة أن أخاطبك في ليلة حالكة السواد معزياً نفسي قبلك وأنا في حزني وألمي ولوعتي وهول الفاجعة يؤرق جفني. *** رحل "إباء" فجأة وهو في ريعان الصبا.. الفاجعة أبكت مآقينا .. وفي رحيله جرح يبقى ما بقي الدهر وليس لنا سوى أن نحتسب الله فيه وعيوننا تذرف الدمع السخينا.. إذا ما دعونا الصبر بعدك والبكاء أجاب البكاء طوعاً ولم يجب الصبر فإن انقطع منا الرجاء فإنه سيبقى عليك الخزن مابقي الدهر *** اللهم أقل العثرة وأغفر الزلة وَجُدْ بحلكم من يرجوك ولا يرجو أحداً سواك اللهم أحسن إلى فقيدنا الراحل المقيم "إباء" مثلما أحسن هو في دنياه، وزده خيراً ونوراً كما فعل هو بأهله وبالناس أجمعين، اللهم أغفر له ماتقدم وما تأخر، اللهم أدخله مع الصديقين والشهداء وألهمنا وأهله وذويه الصبر والسلوان وأدخل السكينة والطمأنينة في قلوبنا وقلوب والديه وإخوته الحزينة واجعلنا واجعلهم داعين له بالمغفرة وحسن الثواب وألزم الجميع الصبر والسلوان يارب العالمين. "إنا لله وإنا إليه راجعون"