كما تحيي تونس اليوم هذا الحدث التاريخي البارز في مسيرتها، لتقيم الدليل على أن العهد الجديد يظل دوما وفيا لكل من ناضل واستشهد من أجل الوطن ، وعلى أن الرئيس زين العابدين بن علي، يدرك حتما أهمية هذا المكسب وضرورة الحفاظ عليه، إذ قال سيادته في بيان السابع من نوفمبر «إن استقلال بلادنا وسلامة ترابنا ومناعة وطننا وتقدم شعبنا مسؤولية كل التونسيين» وذكر أيضا في مناسبة أخرى « إنّنا مدينون بفضل هذا اليوم المجيد لرجال بررة كرام تعاقبوا جيلا بعد جيل منذ أواسط القرن الماضي وعاهدوا الله على الجهاد في سبيل حماية الوطن من أسباب الضعف ومطامع الاستعمار، وفي سبيل تخليصه من الحماية التي فرضت عليه واستعادته لكرامته واستقلاله» لذلك كان التغيير في تونس، تكريسا لهذا المكسب وترسيخا لمقوماته وفاتحة عهد جديد في تاريخ بلادنا، وحرص الرئيس زين العابدين بن علي على أن تكون الصّلة وثيقة بين نضالات الأمس من أجل السيادة والحرية وتحقيق الاستقلال، ونضالات اليوم من أجل تثبيت مكاسب الاستقلال والحفاظ على السيادة والشخصية الوطنية، في إطار الوفاء لجملة المبادئ التي انبنى عليها مشروع التغيير، الذي أنقذ تونس وأعاد للاستقلال بريقه ومعانيه العظيمة لتنشأ الأجيال عليها وتتوارثها وتصون المكاسب والإنجازات. فلقد أدرك التونسيون باكرا أن الاستقلال لا يهدى لذلك هبّ الشعب التونسي في كلّ شبر من أرض الوطن، يناضل ويجاهد من أجل بلوغ هذا الهدف النبيل، وطبع نضاله تاريخ تونس، لتسجّله ذاكرة أبنائها جيلا بعد جيل، صورة ناصعة لصموده، وتعلقه بالحرية والكرامة ووقوفه صفّا واحدا للدفاع عن حرمة الوطن وللمطالبة بالاستقلال ولقد كان للحزب الحر الدستوري انذاك «الدور الريادي في النضال والكفاح عبر عقود متوالية، وفي قيادة القوى الوطنية بمختلف مكوناتها في معركة التحرير بما أكسبه الشرعية التاريخية بكل جدارة فكان حزب الاستقلال». تجديد الرهان.. إذا كان تحقيق الاستقلال تحديا كسبته تونس، فإن التحدي الأكبر يظل دائما، القدرة على إثراء مضامين هذا المكسب «لأن صيانة الاستقلال لا تقل بذلا ونضالا وإعلاء شأن الوطن والحفاظ على سيادته عن نيله» وهي مسؤولية يحمّلها الرئيس زين العابدين بن علي لكل التونسيين دون استثناء أو إقصاء لفئة أو جهة وفي مقدمتهم التجمع الدستوري الديمقراطي من موقعه الريادي منذ انطلاق الكفاح من أجل الاستقلال إلى اليوم، والذي ائتمنه رئيسه، على مسيرة التغيير والإصلاح، والتحديث في تونس وكان في مستوى الرهان، وفي طليعة القوى المبادرة والفاعلة من أجل الحرية وتحقيق المزيد من النجاحات. الاستقلال في فكر رئيس الدولة رهان متجدد على مدى التاريخ، لكن جوهره ورموزه واحدة، وقد تحوّل النضال اليوم إلى حركة لا تهدأ وعمل دؤوب ومثابرة وإصلاح من أجل الرقي والتقدم والمناعة وتحقيق المزيد من النجاحات، لذلك كانت سنوات التحول زاخرة بالمكاسب، متشبّعة بالماضي واعية بالحاضر ومدركة لمقتضيات كل مرحلة وأقوى وأكبر من كل التحديات، وقد غذّى طموح أبنائها لمواجهتها، إيمان الرئيس زين العابدين بن علي بقدرة الإنسان التونسي على تثبيت قدم تونس ضمن كوكبة الدول المتطورة وعلى مسار النماء والتقدم ويعلي شأنها أكثر فأكثر، لتبقى منارة حضارية وقلعة منيعة الأسوار، فانصرفوا إلى الكدّ والبذل والعطاء في كل المجالات والقطاعات، نساء ورجالا، ينعمون بمناخ الأمن والاستقرار الذي تحقق منذ التغيير و بالرفاه الاقتصادي الذي تدل عليه الشواهد والمؤشرات وبالعدالة الاجتماعية بين كل الفئات والجهات بعيدا عن كل أشكال الإقصاء أو التهميش أو التمييز، وبالالتفاف حول خيارات قائد المسيرة الذي يؤمن أنّ صون الاستقلال يعدّ من أقدس الواجبات وأنبلها وأنّ كرامة المواطن من كرامة الوطن. شباب الاستقلال شباب التحدّي «إننا نريد من شبابنا أن يكون مدركا لدوره في صيانة الاستقلال وإثراء مضامينه غيورا على مكاسب الوطن وإنجازاته مواكبا لمستجدات عصره، متمكنا من المعارف والعلوم الحديثة متحلّيا بالطموح وروح المغالبة». ومن أجل تحقيق هذا الهدف كان الترابط متينا بين عيدي الاستقلال والشباب، ترابط أراده الرئيس زين العابدين بن علي، وثيقا مفعما بالمعاني والرموز ومقترنا بمسؤوليات وطنية جسيمة ملقاة على عاتق الشباب، لصيانة مكاسب تونس والعمل على إثرائها، وقد وفّر رئيس الدولة لشباب تونس كل ممهّدات النجاح في هذه المسؤوليات، ليكون حصن الاستقلال وحامي حماه، كما أحاطه بفائق العناية وكبير الرعاية على امتداد أكثر من عقدين، ورسم له ومعه معالم المستقبل وهو ما يؤكده قول سيادته: «إنّنا نتطلع إلى المستقبل ونستشرف آفاقه بعيون شبابنا وطموحاته حتى نؤدي الأمانة، أمانة تضحيات آبائنا وأجدادنا، أمانة الاستقلال» فالشباب كان دوما حاضرا في فكر ووجدان الرئيس زين العابدين بن علي وهو الذي عبّر عن التفافه حول سيادته في أكثر من مناسبة ومنذ التحول، فخصّه بإجراءات ومبادرات رائدة ليصون أمانة الاستقلال، ويسهم في بناء تونس الحديثة المتطلعة إلى المستقبل، متمسكا بهويته وفيّا لنضالات المناضلين والشهداء، محتفظا في ذاكرته بوقائع الكفاح الوطني وبالأسماء التي طبعت تاريخ تونس،وفي مقدمتها الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة، مخلصا لمبادئ التحوّل،مثابرا،متميزا طموحا ومتحدّيا كل الصعاب. اليوم يحقّ لكل التونسيين وهم يحتفلون بعيدي الاستقلال والشباب أن يفخروا بالمنجز منذ التغيير، مع الرئيس زين العابدين بن علي ، وأن يثابروا أكثر على العمل والبذل والكدّ ، لأن الاستقلال مكسب يتدعم بالاجتهاد، وصرحه يرتفع ويرتفع بالإنجازات التي تكتب اسم تونس بأحرف من ذهب في كل المحافل، واليوم أيضا يحق لكل التونسيين، الذين استلهموا العبر من تاريخ بلادهم الزاخر بالنضالات، وتشبّعوا بالقيم النبيلة والمبادئ السامية التي جاء بها التحول المبارك أن يزدادوا إخلاصا لوطنهم، وتمسّكا بقائدهم وأن ينشدوا المستقبل في أمن وأمان، مخلصين للماضي، فاعلين في الحاضر مستشرفين المتغيرات مستبقين الأحداث. تونس تحتفل بالذكرى 54 الاستقلال بنخوة واعتزاز ويمثل الاحتفال بهذا الحدث التاريخي الكبير دلالة خاصة لدى كل التونسيين، بما يرمز إليه من استرجاع لحرية الوطن وتركيز لمقومات سيادته التي يتعين المحافظة عليها بمضاعفة الجهد ومراكمة الانجازات والتطوير والإضافة في كل الميادين وقد بين ذلك الرئيس زين العابدين بن علي في مختلف المناسبات الوطنية بالتأكيد على أن “صيانة مكاسب الاستقلال جهد يومي لا يقل شرفا عن النضال من أجله”، وان “الاعتزاز بالإرث النضالي لتونس الزاخر بالأمجاد لا يوازيه إلا إدراك المسؤولية.. من أجل الحفاظ على هذا الإرث وترسيخ قيمه باستمرار”. ومنذ بيان السابع من نوفمبر دخلت تونس طورا تحديثيا متواصل الحلقات كما حث البيان على معاني التفاني في خدمة البلاد، صونا لاستقلالها ولحرية قرارها الوطني. وتتميز ذكرى الاستقلال الخالدة باقدام تونس على مرحلة هامة تقترن بالشروع في تنفيذ برنامج الرئيس زين العابدين بن علي للخماسية الجديدة 2009-2014 بعنوان “معا لرفع التحديات” للارتقاء بالبلاد إلى مصاف الدول المتقدمة وبمشاركة كافة مكونات المجتمع والأطراف الفاعلة وفي مقدمتها الأحزاب والمنظمات والجمعيات الوطنية. وتتزامن الذكرى الرابعة والخمسين للاستقلال هذه السنة مع التحضير لموعد سياسي هام يتمثل في الانتخابات البلدية الرابعة عشرة في تاريخ تونس المقررة ليوم 9 ماي 2010 كمناسبة جديدة لتأكيد عمق الأشواط التي قطعتها تونس في تأصيل الممارسة الديمقراطية السليمة على أوسع نطاق بعد أن توفقت البلاد بشهادة الملاحظين في تنظيم انتخابات رئاسية وتشريعية يوم 25 أكتوبر 2009، عبر فيها الشعب التونسي بكل وضوح وشفافية وحرية عن إرادته. وشهدت تونس إصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية كبرى منذ تحول 1987، بدءا بتنقيح مجلة الأحوال الشخصية في أوت 1992، مرورا بالإصلاح الجوهري للدستور سنة 2002، ووصولا إلى دعم حضور كافة الحساسيات السياسية في الحياة العامة وصلب المؤسسات الانتخابية والهياكل الاستشارية. ويأتي الحرص الدؤوب على الارتقاء بمستوى عيش كل التونسيين، ولا سيما الفئات الاجتماعية ذات الاحتياجات الخصوصية، وتطوير برامج التربية والتكوين والتعليم العالي والبحث العلمي، والاستثمار في الذكاء، وبناء مجتمع المعرفة وتفعيل قيمة التضامن لإرساء مجتمع متوزان ومتماسك ومستقر ينعم فيه الجميع بأسباب الرفاه الاقتصادي والاجتماعي، ضمن مقاربة تضامنية مرجعية أثبت قدرة التجربة الوطنية على الإشعاع عالميا من خلال اعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة بمبادرة الرئيس زين العابدين بن علي الخاصة بإحداث الصندوق العالمي للتضامن ومكافحة الفقر. كما شهدت تونس، ضمن خياراتها الحداثية، إقرار الآليات وتعزيز التشريعات الرامية إلى الارتقاء بمكانة المرأة في الأسرة والمجتمع وفي الحياة العامة لتجسم على ارض الواقع ما نادى به رواد حركات الإصلاح والتنوير حيث أصبحت المرأة التونسية شريكا فاعلا في التنمية. ويعكس اقتران ذكرى الاستقلال بعيد الشباب الموافق ليوم 21 مارس من كل سنة الحرص على تأمين الترابط بين الأجيال ومواصلة المسيرة التنموية الشاملة بالتعاون والتكامل بينها أسوة بالأجيال السابقة التي ضحت من اجل تحرير البلاد ووضعت أسس دولة الاستقلال الحديثة، وقد شكل الحوار الشامل مع الشباب سنة 2008 خطوة جادة باتجاه تنمية الحس الوطني لدى هذه الفئة، إذ أفضى إلى ميثاق تاريخي غير مسبوق يحفز على الالتزام الدائم بالولاء للوطن دون سواه والمشاركة في تنمية البلاد والدفاع عنها وإعلاء شأنها بين الأمم. وتبرهن المصادقة الأممية على مبادرة الرئيس زين العابدين بن علي بالدعوة إلى وضع سنة 2010 تحت شعار السنة الدولية للشباب على صواب رؤية سيادته في الإحاطة بالشباب والاهتمام بقضاياه ودعم الحوار معه، بما يسهم في تعزيز تمسك الشباب بهويته وتراثه وخصوصياته وتجذيره في أصالته الثقافية والحضارية والدينية، دون قطيعة مع العصر، وفي تواصل مع الآخر. وعلى الصعيد الخارجي، لم تدخر البلاد جهدا في دعم العلاقات الثنائية ومتعددة الأطراف على أساس الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة كما أنها ما فتئت تؤكد انخراطها الفاعل في المبادرات الهادفة إلى تعزيز الأمن والسلم والتضامن في العالم ومناصرتها للقضايا العادلة وفي مقدمتها قضية الشعب الفلسطيني ووقوفها إلى جانبه في كفاحه المشروع من أجل إقامة دولته المستقلة على أرضه.