جمعية البن بمنطقة عسير شريك استراتيجي في تعزيز زراعة الأرابيكا    المودة تحتفي باليوم العالمي للخدمة الاجتماعية بتأهيل 6,470 أخصائيًا    وزير السياحة يتجول في معالم المدينة    ممتاز الطائرة : الهلال يتفوق على الأهلي ويتصدّر الدوري    اكتمال عناصر الأخضر.. كنو يواصل العلاج    رئيس الاتحادين الكويتي والآسيوي للألعاب المائية الشيخ خالد البدر الصباح: الألعاب المائية في آسيا أسرة واحدة    منتخب "23" يواجه عمان في افتتاح "غرب آسيا"    التخصصات الصحية تعلن بدء التقديم على 3 برامج تدريبية    مبادرة "عون تقني" تقدم خدماتها لضيوف الرحمن    نائب أمير حائل يستقبل عددًا من أبناء مركز الدكتور ناصر الرشيد لرعاية الأيتام بالمنطقة    إطلاق الدورة الثانية لفرع هيئة الصحفيين بعسير وتوقيع شراكات استراتيجية    16 مصلى لكبار السن وذوي الإعاقة بالمسجد النبوي    الفطر سلاح فعال ضد الإنفلونزا    الإدارة العامة للأمن المجتمعي.. تعزيز الحماية وصون الكرامة    نفاد تذاكر مواجهة الأخضر السعودي والصين في تصفيات مونديال 2026    "أخضر الشاطئية" يكثف تحضيراته للمشاركة في كأس آسيا    المملكة تدين المحاولات الإسرائيلية المتواصلة لزعزعة أمن واستقرار سوريا والمنطقة    الكشخة النفسية    النقد الأدبي الثقافي بين الثوابت المنهجية والأمانة الفكرية    هدايا الخير لمرضى ألزهايمر    خطاب الإنتماء" ندوة علمية في تعليم سراة عبيدة ضمن أجاويد3    مدارس نهج العالمية تطلق مبادرة "نهجنا لمستقبل مشرق" في أجاويد 3 بعسير    20 نقطة للتطوع في مفاضلة فرص المعلمين    دعوات ومقاعد خاصة لمصابي الحد الجنوبي في أجاويد 3    440 مبتعثا صحيا وكندا الوجهة المفضلة ب33 %    موسم ثالث للتنقيب الأثري بالليث    الذاكرة المستعارة في شارع الأعشى    رسمياً... إجازة إضافية لطلاب وطالبات ومنسوبي التعليم بمدن جدة ومكة والطائف    مراكز متخصصة لتقييم أضرار مركبات تأجير السيارات    3 جهات للإشراف على وجبات الإفطار بالمدينة المنورة    منصات وزارة الداخلية تُكثّف توعية قاصدي المسجد الحرام والمسجد النبوي خلال شهر رمضان    11% انخفاض ضبطيات الدراجات المخالفة    إقبال على دورات الإنعاش القلبي    تبقى الصحة أولى من الصيام    «أوبك+» تتجه إلى إلغاء تخفيضات الإنتاج الطوعية تدريجيًا بدءًا من أبريل 2025    دول "الخليجي": إعادة إعمار سورية واستقرارها ضرورة إنسانية وأمنية    الأهلي والهلال في الإنماء والفيصل يستقبل النصر    وزير الداخلية يرأس الاجتماع السنوي لأمراء المناطق    مشروع «تعظيم البلد الحرام».. 300 ساعة تطوعية لخدمة ضيوف الرحمن    مشروع ولي العهد يُجدّد مسجد العباسة بجازان    سعود بن بندر: المملكة أولت الأيتام عناية خاصة    محافظ الطوال يشارك في الإفطار الرمضاني الجماعي للمحافظة    الشؤون الإسلامية: يمنع التسول داخل المساجد وساحاتها    مباحثات هاتفية بين ترامب وبوتين لأكثر من ساعتين    السعودية للشحن: شحنات التمور ارتفعت 64 % وننقلها إلى أكثر من 45 وجهة عالمية    تجهيز كنو لمواجهة السعودية والصين    سمو ولي العهد يُطلِق خريطة "العمارة السعودية" لتعزيز الهوية العمرانية في المملكة    مستشفى خميس مشيط العام يُنفّذ فعالية "الشهر العالمي للتغذية"    المدينة: 62 ألف غرفة ضيافة مرخصة    تأمينا لخطوط الملاحة البحرية وحركة التجارة العالمية.. أمريكا تواصل ضرباتها لإفقاد الحوثيين القدرة على استهداف السفن    أكد أن نظام الإعلام الجديد يحفز الاستثمارات.. الدوسري: لا يقلقني موت الصحافة الورقية.. يقلقني موت الصحفي    الاحتلال الإسرائيلي يواصل الاقتحامات والاعتداءات وإرهاب السكان.. 45 ألف نازح في جنين وطولكرم بالضفة الغربية    جهاز داخل الرحم (2)    العلم الذي لا يُنَكّس    وكيل وزارة الداخلية لشؤون الأفواج الأمنية يتفقّد قوات الأفواج بمنطقة نجران    طويق جازان في مبادرة إفطار مرابط بالحد الجنوبي    وفاة الأميرة نورة بنت بندر آل سعود    نائب أمير منطقة مكة يستقبل رئيس المحكمة الجزائية بجدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حوار عن هوية فرنسا أم هوية مسلميها؟
نشر في البلاد يوم 18 - 01 - 2010

تحول النقاش الفرنسي الذي تنظمه وزارة "الهجرة والهوية الوطنية الفرنسية" من الإجابة عن سؤال مركزي هو "من هو الفرنسي؟" إلى المطالبة ب"اندماج المسلمين بفرنسا" و"احترام القيم المسيحية للبلاد"، وبالتالي كشف هذا المنعرج الجديد في النقاش عن الوجه الحقيقي لغاية الحوار، كما شكل تحولاً ينبئ بعدم براءة السؤال المطروح منذ البداية والنتائج الخطيرة التي يمكن أن يؤدي إليها.
جدل حول الهوية
ومن أجل فتح باب النقاش حول الهوية الوطنية اقترح الوزير "إريك بسون"، وزير الهجرة والهوية الوطنية، طرح سؤال بسيط على الصفحة الرئيسية للموقع الإلكتروني المخصص لتلقي الآراء حول قضية الهوية الوطنية، يقول: "بالنسبة إليكم ما معنى أن تكون فرنسيا؟". غير أن إجابات الفرنسيين، وردود المعارضة الغاصبة، كانت معقدة ومتشابكة ومتنوعة، الأمر الذي أدى إلى نتيجة غير متوقعة، وهي أن بساطة السؤال ولدت قناعة بأن الفرنسيين أنفسهم غير متفقين حول معنى "أن تكون فرنسيا".فإذا كان أنصار اليمين الحاكم يحاولون أن يقدموا إجابة تختصر الهوية الفرنسية في "اللغة الفرنسية" و"المارسياز" (النشيد الوطني الفرنسي) و"الثورة الفرنسية" و"ماريان" (المرأة التي تمثل شعار الجمهورية)، فإن أنصار اليسار والمثقفين الفرنسيين بغالبيتهم يعتقدون أن "الهوية الفرنسية هي أوسع من كل هذا، وأن حصرها في رمز أو معطى معين من شأنه أن يحبسها ويقصي أطرافا أخرى من الهوية الفرنسية".وذهب البعض الآخر إلى نفي وجود "هوية فرنسية"، وتحدث عن "هويات فرنسية" متنوعة بتنوع الفرنسيين واختلاف أصولهم وتوجهاتهم وطبقاتهم الاقتصادية والفكرية، وبالتالي اعتبر أن السؤال يحمل "إرادة الحصر والحبس والتحديد"، كما يقول المفكر الفرنسي "ميشال إفري"، بينما الهوية الفرنسية وبعيدا عن الشكليات هي هوية "منفتحة وعلمانية لا تنظر إلى قناعات الناس وقناعاتهم الشخصية أو الدينية والسياسية الخاصة".ووصل الغضب بالنخبة الفرنسية المثقفة إلى إصدار بيان جماعي على أعمدة جريدة "ليبراسيون" يوم الخامس من ديسمبر الجاري -أطلق عليه (بيان ال 25 مثقفا)- يطالب ليس فقط بالتوقف عن "هذا النقاش العديم الجدوى"، والذي يخفي توجهات يمينية متطرفة، بل أيضا بإلغاء الوزارة ذاتها التي تنظم النقاش، أي وزارة الهجرة والهوية الوطنية، على اعتبارها وزارة -وكما يقول المؤرخ الفرنسي الشهير "جيرار نواريل"- "مخالفة لتقاليد الجمهورية وقيم التسامح التي تحملها".
ساركوزي يغير الوجهة
ولم يتأخر رد فعل السلطة كثيرا، بل جاء من الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ذاته عبر مقال مطول له على أعمدة جريدة "لوموند" يوم التاسع من ديسمبر الجاري، والذي فاجأ فيه الجميع بتحويله لوجهة الجدل عن طريق ربط بين النقاش الجاري حول "الهوية الوطنية" وعلاقة فرنسا بالإسلام، وتوجه الرئيس الفرنسي برسالة غريبة إلى حد ما إلى الفرنسيين المسلمين، فرغم محاولته طمأنتهم بالقول إنه "سيبقى ضامنا لحرية ممارسة عقائدهم في أماكن عبادة لائقة بهم"، فإنه دعاهم إلى احترام "قيم البلاد المسيحية"، وعدم استفزاز مشاعر المضيف (أصحاب البلاد) على اعتبارهم أنهم "قادمون" من بعيد.ووضع ساركوزي رسالته هذه في سياق تعليقه على القرار السويسري الشعبي بحظر بناء المآذن عبر استفتاء يوم 29 نوفمبر الماضي.. وأكد في مقالته على أهمية النقاش حول الهوية الوطنية وأن الاستفتاء السويسري، كما يقول، قد بيّن الحاجة إلى تحديد هوية فرنسا الوطنية.ويثير مقال ساركوزي تساؤلات عديدة من قبيل: هل كشف الرئيس الفرنسي بمقاله المطول الهدف الأساسي من نقاش الهوية الوطنية بفرنسا؟ وهل كان الإسلام والمسلمون هم المستهدفون بهذا النقاش وأجندته ونتائجه؟ وهل يتعلق الأمر بإعادة صياغة التواجد الإسلامي بفرنسا بشكل عام؟ وما هي آليات عملية إعادة الصياغة وإلى أين ستؤدي؟ .. أسئلة كثيرة لا يملك الإجابة عنها حتى المسئولون المسلمون بفرنسا ذاتهم، فلئن استقبل "دليل أبو بكر" رسائل ساركوزي بارتياح، فإن رئيس المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية "محمد موساوي" بدا أكثر حذرا، لكنه ركز في الوقت ذاته على المطالب الشرعية والحقوقية لمسلمي فرنسا بضرورة بناء المزيد من المساجد وحمايتهم من ظاهرة الإسلاموفوبيا التي ازدادت وقعا بفعل الاستفتاء السويسري.ومن المفارقات أن مقالة نيكولا ساركوزي التي ارتكزت على استفتاء المآذن السويسري، قد تواكبت مع حملة استطلاعات رأي في الجرائد الفرنسية خلصت في مجملها إلى وجود روح من الارتياب والشك تسود علاقة الفرنسيين بالإسلام والمسلمين.وإذا كان الهدف الأساسي من النقاش الوطني الفرنسي حول "الهوية الوطنية" هو تأكيد هوية فرنسا "المسيحية الكاثوليكية" كما يراها ساركوزي أمام هؤلاء القادمين من بعيد (المهاجرين المسلمين)، فإن العديد من المراقبين لم ينسوا أن يذكروا ساركوزي (الذي يمثل جيل أبويه المهاجرين القادمين من هنجاريا) بأن هناك أجيالا من المسلمين الذين يعيشون في الجمهورية أقدم منه في هذه البلاد، وأن الكثير منهم يعيشون باندماج وتسامح في البلاد، ولا يفهمون لماذا يثار كل هذا الجدل حولهم.يمكننا أن نخلص إلى أن النقاش الوطني الفرنسي حول الهوية الفرنسية، والذي انحرف أو كشف وجهته الحقيقة في الحديث عن الإسلام والمسلمين باعتبارهم "غرباء وافدين" لن يكون نقاشا ذا فائدة ترجى إن كان القصد منه التشكيك في وطنية الفرنسيين المسلمين وسعيهم نحو الاندماج، بل إن ما يجري في الساحة السياسية والشعبية الفرنسية حول مآل هذا الحوار أصبح محل ريبة وشك من قبل المواطنين الفرنسيين؛ لأن نتائجه تصب في التشكيك في جزء من الفرنسيين وحبهم لهذه البلاد، وإراداتهم في العيش المشترك مع بقية المواطنين.
ولهذا السبب بالذات فإن هذا الانحراف في توجه النقاش ذاته أصبح محل ريبة من النخبة المثقفة ولن يمر هكذا؛ إذ إنه يذكر النخبة المثقفة الفرنسية المتشبثة بقيم الجمهورية والحرية والتسامح بفترة كالحة في تاريخ فرنسا وأوروبا.. إنها تذكرهم بليلة "الكريستال" التي سبقت القرار النازي بتصفية وإهانة اليهود قبيل الحرب العالمية الثانية، مع فارق جوهري هو أنه لن يكون هناك هولوكوست (محرقة)، فطبيعة المسلمين ليست كطبيعة اليهود الذي اقتيدوا للذبح بسهولة ودون مقاومة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.