في ظل التغيرات المتسارعة التي يشهدها قطاع الخدمات اللوجستية العالمي، كشف أحدث تقارير آرثر دي ليتل، شركة الاستشارات الإدارية الرائدة على مستوى العالم، عن الدور المحوري المتوقع للمملكة العربية السعودية في قيادة نمو قطاع خدمات سفن الروافد، الذي يعد من القطاعات الواعدة والمتوقع أن يصل حجمه عالمياً إلى 451 مليار دولار بحلول عام 2030. كما تشير التوقعات إلى استحواذ منطقة الشرق الأوسط وشرق أفريقيا وتركيا وجنوب آسيا على 8 مليارات دولار من هذا النمو، مما يجعلها واحدة من أهم الأسواق الاستراتيجية لهذا القطاع على مستوى العالم. تتصدر المملكة العربية السعودية هذا النمو الإقليمي- وفقاً لتقرير آرثر دي ليتل الأخير بعنوان "إطلاق العنان للفرص في قطاع خدمات سفن الروافد" حيث تستعد الموانئ السعودية للاستحواذ على ما يصل إلى 45% من تجارة خدمات سفن الروافد بالبحر الأحمر، بالإضافة إلى 35% من تجارة خدمات سفن الروافد بمنطقة الخليج، مدفوعة بالاستثمار في البنية التحتية، والموقع الجغرافي المميز، وأهداف رؤية 2030 الرامية إلى تطوير القطاع اللوجستي. كما يُتوقع أن يتضاعف حجم مناولة الحاويات في البحر الأحمر وحده تقريباً من 12 مليون حاوية نمطية (سعة عشرون قدماً) في 2021 إلى 23 مليوناً بحلول 2030، مما يعزز من دور المملكة كمركز رئيسي لحركة الحاويات على الصعيدين الإقليمي والعالمي. يحظى قطاع خدمات سفن الروافد، المعني بنقل الحاويات بين الموانئ الإقليمية الصغيرة والمراكز العالمية الرئيسية، باهتمام متزايد من المشغلين والمستثمرين نظراً لعائداته المرتفعة على الأصول، التي تتراوح بين 17% و23%. وهو الأداء الذي يتجاوز بشكل كبير عائدات قطاعات الشحن والخدمات اللوجستية الأخرى، مثل النقل بالسكك الحديدية، والنقل البري باستخدام الشاحنات، والنقل البحري التقليدي، وعلى الرغم من عدم الاهتمام بهذا القطاع في السابق، إلا أنه أصبح الآن عنصراً حيوياً متزايد الأهمية في منظومة الشحن العالمية. وفي سياق متصل صرح السيد/ باولو كارلوماغنو، الشريك لدى آرثر دي ليتل: "تتمتع المملكة العربية السعودية بموقع استراتيجي عند ملتقى التحولات الاقتصادية الكلية في التجارة العالمية، فتمتاز ببنية تحتية متطورة من الموانئ الإقليمية، وتشكل محط اهتمام المستثمرين بالأصول اللوجستية ذات العوائد القوية والمستقرة. كما أن قدرتها على الاستفادة من قربها الجغرافي من ممرات النمو السريع، إلى جانب استراتيجيات الاستثمار المدعومة من الحكومة، من شأنها أن توفر بيئة متميزة وقابلة للتوسع والنمو في قطاع خدمات سفن الروافد، متفوقة بذلك على أغلب الأسواق العالمية". يقدم تحليل آرثر دي ليتل سالف الذكر استراتيجية متدرجة للاستفادة من هذه الفرصة، مُشجعًا المستثمرين الجدد على السوق السعودي على تبني نماذج عمل ذات أصول منخفضة، عن طريق استئجار السفن وإنشاء عمليات تشغيلية مرنة وسريعة الاستجابة، قبل التوسع في امتلاك الأصول وتحقيق التكامل الأعمق مع شركات الشحن البحري الكبرى، ووكلاء الشحن، والمصدرين الإقليميين. هذا وتسهم تلك الاستراتيجية في تخفيض المخاطر المالية، وتمكين المشغلين من التكيف السريع مع حجم الطلب ومواءمة عملياتهم مع مسارات التجارة السعودية المحددة في البحر الأحمر والخليج العربي وبحر العرب. وبدوره صرح السيد/ ألكسندر صوايا، المدير لدى آرثر دي ليتل الشرق الأوسط قائلاً: "تتمتع المملكة العربية السعودية بمزيج فريد من الإمكانات الضخمة، والسياسات المتوائمة والموانئ عالية الجاهزية، مما يجعل منها نقطة انطلاق مثالية لعمليات تقديم الخدمات لسفن الروافد. فلم تعد المملكة طرفاً ثانوياً في التجارة البحرية، بل أصبحت مركزاً محورياً للربط الإقليمي وقاعدة استراتيجية للمشغلين الذين يسعون إلى التوسع في أعمالهم والتكيف مع تغيرات السوق". ومن جانب آخر، يؤكد التقرير كذلك على توافق قطاع خدمات سفن الروافد مع الأولويات البيئية للمملكة العربية السعودية، فصغر حجم سفن الروافد ومرونتها، من شأنه أن ييسر إعادة تأهيلها للعمل بالوقود النظيف مثل الميثانول، والديزل الحيوي الهجين، أو أنظمة الدفع الكهربائية الهجينة. كما يسهم هذا التنوع في دعم أهداف المملكة الساعية إلى خفض الانبعاثات الكربونية بنسبة 25% بحلول 2030 والوصول إلى صافي انبعاثات صفرية بحلول 2060. وفي ظل الزيادة المستمرة في أحجام الحاويات، والتوسع في البنية التحتية، وتسارع عمليات الاندماج في قطاع الشحن، فقد أشار تقرير آرثر دي ليتل إلى مكانة المملكة العربية السعودية الفريدة التي تؤهلها إلى قيادة المرحلة التالية من مراحل نمو قطاع خدمات سفن الروافد.