لقي مقال الأسبوع الماضي، أصداءً إيجابية واسعة، وكشف عن وجود ضحايا كُثر لمن يسمين "خطّابات". هؤلاء اللائي يتخفين وراء ظلام حسابات وهمية لا يُعرف من هنّ، ولا أماكن تواجدهن، ولا عناوين لهن، ولا أسماء حقيقية واضحة، ولا أرقام حقيقية. إحدى الضحايا فتاة دفعت 2500 ريال للخطّابة ثم اختفت الأخيرة؟! تقول صاحبة الحكاية:( ذهبت لقسم الشرطة لتسجيل شكوى، فاكتشفت أن هناك ضحايا كثيرات غيري تم النصب عليهن، والاستيلاء على أموالهن، على أمل الخِطبة.) وتضيف: (قبل قسم الشرطة، أردت الاتصال هاتفياً بالخطّابة، فقالت لي إنها لا تتحدث مباشرة، وهذا ما يؤكد أن الخطّابات يمارسن النصب، ويتخفين خلف حسابات السوشيال ميديا. ويبدو أن الشق صار أكبر من الرقعة، وأن خطر هؤلاء الخطّابات، صار من المتعيّن مواجهته بحزم، والضرب بيد من حديد، على من تتلاعب بعواطف البنات على أمل الزواج. إن ما وجدناه من ردود فعل متفاعلة مع ما طُرِح، يشير إلى حاجة المجتمع الضرورية، لتقنين مهنة الخطّابات، ونقل ممارستهن من وسائل التواصل، ومن الظلام إلى النور، والعمل بوضوح على أرض الواقع. كما تبين، أن الناس تلقفت الفكرة، بما يؤشر، إلى أن ما تم طرحه، يعبِّرُ عن حاجة ضرورية للمجتمع، وأنه يلامس واقعاً مريراً يحدث في سوق الخِطبة، والخطّابات عديمات الذمم.. إن ما تم طرحه، فتح العيون على تجارة مسكوت عنها، تجارة تمارس في ظلام السوشيال ميديا دون أن تجد جهة تتدخَّل، وتعمل على نقلها إلى النور، وتقنين العمل فيها. كما دعا متضررون، إلى جعل مهنة الخطّابة "مهنة مصنَّفة"، تخضع للأنظمة والقوانين. إن المرء ليتساءل: لماذا السكوت على مثل هذه المهنة، التي تمارس خلف حسابات وهمية، لا هوية لها، ولا جنسية لمن يحركها، ولا يُعرَف من يمارسها؟ إن ما جعل هؤلاء النصابات يتكاثرن، أن من يلجأ إليهن، يُقدِم رجلاً ويؤخر أخرى، يتوجس خيفة، ويظل يتردد، حتى يقع ضحية لكذبهن، بعد أن يستولين على دفعات مالية، من كل من الرجل والمرأة، حتى إذا ما وقع أحدهما، ضحية استغلال من الخطّابات، إنكفأ على نفسه، وتستَّر على فعلته، وكأنه أقدم على فعلة مشينة، أوعملٍ غير مباح، مع إن الشرع أباحه، والدين لم يُحرّمه، لكن الطريقة التي يمارس بها، وتخفيه خلف حسابات وهمية، جعلت منه عملاً تحوم حوله الريبة والشبهات والشكوك. إن المطلوب عاجلاً حفاظاً على حقوق الناس، وتقنيناً لهذه المهنة، هو أن يتم تصّنيفها لتصبح عملاً يمارس في النور، وليس في الخفاء، وظلام الميديا. ما الذي يحول دون أن يتم سنّ نظام يتم فيه الترخيص لمكاتب التوسُّط في الزواج، والتوفيق بين الناس، ويكون لدى هذه المكاتب، قاعدة بيانات، واضحة، منظمة، ومحوكمة، وذات سرية، ومصداقية، تتجمع فيها رغبات الناس، الراغبين في البحث عن شريك، أو شريكة حياة، ومن ثم التوفيق بينهم، وإتاحة سبلٍ مشروعةٍ لالتقائهم ببعض، وبحث فرص بناء أسر، وإتمام ارتباط زواجي، في وضح النهار، ووفق أنظمة وقوانين، تحفظ حقوق كافة الأطراف، وتحول دون أي تجاوزات، أو ارتكاب مخالفات. ولا ضير في تطوير عمل هذه المكاتب، لكي تمارس أيضاً الصلح بين طرفي العلاقة الزوجية، عندما يبدر شقاق بين الطرفين، أو عندما تفتر العلاقة وتكون مهدَّدة بالإنهيار، بحيث تكون هذه المكاتب، مكاناً قانونياً، لردم الهوَّة بين الطرفين، وإذابة جليد العلاقات الزوجية، وإعادة الوئام والسلام إلى العلاقة الزوجية، قبل الوصول إلى طلاقٍ، أو خُلعٍ، تكون نتائجهما سلبية على الأسرة بكاملها، بخاصة إن كان هناك أطفال ضمن تكوين الأسرة. إن الأمل يحدو الغيورين، باتجاه تقَّنين مسألة الخِطبة، والتوسُّط في الزواج، وأن تكون مهنةً مصنّفةً، ومعترفاً بها، مهنة تخضع لقوانين ضبط وربط تحفظ حقوق الأطراف كافة.