أعتقد أنها يجب أن تحيينا وتوقظ فينا حماساً من نوع مختلف وتكشف لنا حقائق بشكل آخر، العثرات التي تمر بنا مهما كانت صعبة إلا أنها تتضاءل مع الوقت إذا أدرك الشخص ماهية التعامل معها وهل هناك حياة تخلو من العثرات؟ ما من أحد ، إلا وتصادفه العقبات على اختلاف مساحتها وحجمها وسطحيتها وعمقها، وأعتقد أن المتجاوبين مع الحياة هم أولئك الذين يصنفون العقبات ويضعونها في مساراتها الصحيحة ويتعاملون معها كما لو كانت أشخاصا يحاورونهم ليعرفوا مخارجهم وكيفية التعامل معهم حتى وإن ظلت مستمرة ،تظل أضعف من مواجهته. هكذا هي الحياة كبد ومشقة (خلق الإنسان في كبد) منذ بدء الخليقة والعقبات في حياة الناس توأم التعايش، بعض الأشخاص نسمع حكاياتهم مع الحياة نقف لهم احتراماً ونتعجب من مقدرتهم على التعاطي معها والسيطرة عليها حتى صار خطامها في يدهم مستعينين بالله ومتوكلين عليه يقودون دفتها بنجاح تام بينما بعض آخر ينهار بنيانهم النفسي والجسدي وتتحطم أشرعتهم فتغرق مراكبهم في شبر عقبات أو عثرات وقد تتوقف بهم عند نقطة تجمد ذهني فلا يعودون قادرين على التفكير للخروج من الأزمة بينما نحن كمسلمين كم من نافذة فتحها لنا الله لنخرج من دائرة الهم والغم والتفكير السلبي لعل أبرزها وأهمها العلاقة بالله والتضرع إليه ثم يأتي السعي والعمل الحثيث والتفاؤل بالخير (تفاءلوا بالخير تجدوه) أبغض الله عز وجل اليأس ونهانا عنه ( ياعبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله). ينصح المختصون عند مواجهة العقبات بعدم التسرع في ردّات الفعل بل من الضروري التحلِّي بالهدوء واستيعاب الموقف للتمكن من فهمه وفهم مشاعرنا حوله وآثاره المباشرة والجانبية ثم اختيار أقرب المقربين وأكثرهم حكمة ومعرفة لتشاركه الموقف كما أنه من المهم جداً ألا يهلع الشخص من موقف صعب أو عقبة قاسية حتى لا يفقد السيطرة على حسن التصرف المؤدي حتماً لنتائج محمودة والعكس صحيح.ولعل أقسى عقبات الحياة وأشدها صعوبة هي (الموت ) هذه النهاية الحتمية لكل كائن والتي نسأل الله أن تأتينا هذه النهاية والله راض عنا ونحن في حل من حقه علينا وحقوق الناس، يعلمنا الله عزّ وجلّ عند هذه المصيبة أن نقول: (إنا لله وإنا إليه راجعون ) ليربط على قلوبنا برباط الصبر والسلوان وإن بقيت الذكريات فهي تنعشنا وآثارها إيجابية ليست كالجزع وعدم الصبر حتى يصل البعض للموت وهم أحياء . قيل في الأثر(المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف) بلا شك المؤمن القوي أحب إلى الله لأنه يؤمن بالمكتوب ويرضى بالقضاء وفي الأثر أيضاً (من رضي فله الرضاء ومن سخط فله السخط) الموت حقيقة صعبة لا نملك حيالها التغيير لكننا نملك الصبر واللجوء لله. المؤمن القوي يتأسى بالأنبياء فلم يواجه كائناً من كان ما واجهه الأنبياء من صعوبات الحياة كل ألوان العثرات والعقبات والمصائب واجهها الأنبياء صلوات الله عليهم لكنهم ثبتوا وناضلوا وصبروا وتحدوا كل الصعاب لأن إيمانهم بالله كان أقوى وإيمانهم برسالتهم كان أعظم . الأنبياء بشر ولا يملكون من عتاد الدنيا شيئاً لكنهم يملكون اليقين والحكمة والفكر السليم يهتدوا به بعد الله. في الحياة نماذج عظماء واجهوا من صعوبات الحياة الكثير مما قد يهزم ويهدم ، لكنهم واجهوها بتفكير وتحليل وروية وصبر وقد ينجح الشخص في الخروج من الأزمة وقد لا ينجح لكن من المهم ألا تتسرب هذه الأزمة لتفاصيل حياته وصحته وعلاقاته فتدمرها ومهما أسودت الأيام لابد للشمس أن تشرق ومهما أظلمت الليالي لابد للقمر أن يطل بنوره ولابد للنجوم أن تتلألأ. هكذا هي الحياة كما قالوا: ( يوم لك ويوم عليك ويوم كفاك الله شره) اللهم تولنا فيمن توليت واصرف عنا شر ما قضيت واجعل كل قضاء قضيته لنا خيراً ودمتم. (اللهم زد بلادي عزاً ومجداً وزدني بها عشقاً وفخراً).