عند دخولك لأي حي حتى إن كان متناهي في الصغر ، يسرك منظر انتشار البقالات في أرجائه التي من المفترض أنها تغطي خدمة المنطقة و الساكنين بجوارها ، وتلبي حاجتهم في شراء المشتريات اليومية ، وتوفر عليهم عناء الذهاب للأسواق المركزية لشراء الخضروات و الفواكهة أو المواد الغذائية الأخرى ،وعند ارتيادك لنفس الحي وفي فترة وجيزة، تتفاجأ بأن عدد تلك البقالات قد تقلّص وتم إغلاق الكثير منها ، ويعود السبب في ذلك هو عزوف سكان الحي عن الشراء من تلك البقالات بسبب الارتفاع المبالغ في الأسعار مقارنة بأسعار الأسواق المحلية الكبرى وربما يصل الارتفاع إلى ضعف السعر الأصلي للمنتج ، الأمر الذي ينفر المستهلك من الشراء ويفضل بقالة عن غيرها ، و هذا مايدعو التاجر بأن يقرر الانسحاب و الإغلاق وتدارك الخسارة التي ستترتب عليه . فوعي المستهلك أصبح ناقوس الخطر الذي يهدد التجار والمتلاعبين في الأسعار ،فليس من المنطق أن يكون إجمالي المشتريات اليومية البسيطة من البقالة في الشهر الواحد يعادل أو مايقارب فاتورة المستلزمات الشهرية بالكامل من المتاجر الأخرى، ناهيك إن كان هناك حساب شراء بالدين للأطفال في تلك البقالة ستجلد عقلك باللوم لا محالة نهاية الشهر عند السداد، و في بعض الأحيان لايكون قلة الوعي هي المعضلة الأساسية ،بل الظروف الصعبة، والضرورة هي التي تحتم على البعض وتجبرهم على الشراء من تلك البقالات مع العلم بفارق الأسعار،وذلك لعدم قدرتهم على الذهاب للمتاجر الكبيرة أو أسواق الجملة بشكل يومي، أو بسبب عدم توفر بقالات أخرى قريبة في الحي، مايجعل أصحاب البقالات يبيعون ضمائرهم و جشعهم مع بضائعهم ، واستغلالهم في وضع الأسعار الفلكية بحجة الضريبة المضافة. نتذكر بأنه كان هناك حملة رقابية على البقالات والتموينات وفق اشتراطات اشترطتها الجهة المعنية -وفقها الله- ، لكننا نأمل بتكثيف تلك الحملات والمتابعة المستمرة على تموينات الأحياء، مع فرض غرامات جزائية على المتلاعبين بالأسعار ، حتى لاتكون مجرد ضوابط يتم الإعلان عنها فقط ولا يتم تطبيقها على أرض الواقع ، وترك المجال مفتوحاً دون رقابة لضعاف النفوس لاستغلال البشر .