عاماً بعد عام ،تدير المملكة موسم الحج. وعاماً بعد عام تتفوق على نفسها في إدارته. وعاماً بعد آخر تترك السعودية لدى الحاج تجربة حج فريدة. كل عام تسخِّر الدولة أجهزتها لخدمة الحج والحجاج. بل كما يصرح كبار المسؤولين أن آخر يوم في موسم الحج هو أول يوم للبدء في الاستعداد لحج العام الذي يليه، دولة تقف كلها على قدم لصالح ستة أيام هي أيام الحج، فأين تجد هذا؟ ثم يأتي من يريد الانتقاص من هذه الجهود والتقليل منها . منذ قرن مضى هناك من يبحث عن تعكير صفو الحج وتهديد أمن الحجاج. منذ قرن مضى وهذه الدولة ترصد أمنيات جماعات مشردة وأحزاب متشردة ودول راعية للفوضى، هدفهم الأساس جعل الحج غير آمن. منذ قرن مضى وهذه الدولة المباركة تعفو وتصفح لعلهم إلى الرشد يعودون وإلى الرشاد يرجعون. توقفت عند كلمات حاسمة قالها سمو وزير الداخلية قبل موسم الحج جاء في معناها أن الدولة تتابع كل التحركات وترصد كل المؤشرات وهي متهيئة لكل أمر قد يعكر أمن الحج وأمان الحجاج ، ليس لمتابعة تداعياته بل لوأده قبل حركته الأولى. هذه الكلمات كانت حاسمة فوصلت الرسالة لكل من كان يحرّض على خزعبلات لا علاقة لها بالحج ولا بمناسك الحج بل لا علاقة لها بالدين كله. وفيما يتصل بمناسك الحج ، فإنك ترى العجب: ترى حجاج دول إسلامية مثاليين في تنظيمهم وتنقلاتهم وأداء مناسكهم، يلتزمون بالتنظيمات التي وضعتها السلطات التي ولَّاها الله أمر الحج والحرمين والمشاعر المقدسة. في المقابل تقصِّرُ دول أخرى بشكل كبير في توعية حجاجها بحرمة إتيان أي أمر مخالف للدين في الحج أو غيره ومن ذلك الحج دون تصريح والتحايل للوصول إلى المشاعر المقدسة. فهل حج هؤلاء كامل؟ وهل حجهم مبرور وذنبهم مغفور؟ إن المشاعر المقدسة مساحتها محدودة ،ومهما عملت الدولة ،تظل المساحة محدّدة ولا يمكن الخروج عن حدود ثبتت منذ العهد النبوي. ومادامت المساحة محدودة فإن استيعابها للبشر محدود أيضاً وأي تجاوز لذلك سيكون فيه أذى لبقية الحجاج. وأذى المسلم محرَّم في الدين. ولا نستبعد أن تكون هناك دول معادية وأحزاب مشبوهة وجماعات مارقة هي من تحرِّض على ذلك لهدف يتجدّد كل عام ،وهو إشغال هذه البلاد وإحراجها في مسألة تنظيم الحج لتحقيق أهداف مشبوهة. لكن الله سبحانه وتعالى يخذلهم كل عام ،ويوفق هذه البلاد في إخراج موسم حج ناجح ،وتحقيق أمنية كل مسلم وصل بشكل نظامي إلى الديار المقدّسة.