ولن نوفه حقاً حين نرثيه، علَّمنا البدرالذي كان يضيء ليالينا صيفاً و شتاء، أن نسهرعندما نحب . علَّمنا الحب من النظرة الأولى و البسمة الأولى و الجرح الأول. علَّمنا العشق حرفاً حرفاً . علَّمنا التغزُّل بالجمال . علَّمنا أن العيون خيررسول تنوب عنا إذا تعذر الكلام. بدر السمو ،وسمو البدر بين السحاب ، علَّمنا التلذُّذ بشوق العتاب . علَّمنا أن نقبل بالرحيل و نعيش الشوق دمعاً حين يرغمنا الغياب. في غيابه، نبكي ، وبعد البكا نبكي. وإن بكينا ،نسقي الأرض حباً،ويزهر بالورد التراب. لا تدري أهو البدر، أم البدر هو ؟ أهو العشق ،أم هو العاشق ؟ أهو الشوق ،أم هو من أشعل الإشتياق ؟ حتّى الحروف مشيت على السطر حزينة ، و الدمع من بعده بلَّل الكتاب . أيا بدراً أضاء قلوبنا عشقاً ، أنار دروبنا في الحب وعلَّمنا كرامة الأحباب .. علَّمنا ابتسامة الصباح في صوته الشجي . وعند اكتمال الشوق ليلاً لمن نحب ، علَّمنا التلذُّذ بالعذاب . سيبقى حبك ثابتاً مقيماً في قلوب من مررت بهم، و ستكون لمن يأتي بعدنا ،رمزاً لسمو العشق ، سيد الحب الجميل ،ومعلماً لما يأتي حين يبدأ الإعجاب . عندما أحببنا ،كانت أولى رسائلنا مذيَّلة بتوقيعه شاهداً ( و عند الفراق علمنا ألا نعيد الرسائل ، و ايش نسوي بالورق) ؟ سنرضى بسنة الحياة ، و نقبل بالرحيل ، و نحتمل وجع الغياب. نردِّد شعرك، حين نظمأ شوقاً إليك ،و ننظر الى السماء، ندعو لك بالجنان ، فأنت فوق هام السحاب . في كل قصائدك، هناك مرثيّة ترثيك وهناك نعيُُ لغيابك ، وهناك شوقُُ ينتظرنا عند فراقك ، و هناك صبرُُ علمتنا إياه . أبياتك ،بعدد أبيات من عشقوا بسببك، وعدد من عشقوك ، ولو وزعت أبيات قصائدك إرثاً لكل واحد منا، لنال كل أفراد وطنك الحبيب عشراً من الأبيات . أيا بدراً أضاء سماءنا سراً ، وغازل النجوم جهراً،ولم يترك للعذل حجة ولا أسباب. أيقونة العشق والجمال ، بعدك سيعقد الشوق هدنة مع قلوب العاشقين ، ستنضب كلمات الحب ، و إذا ما أتعبنا الحنين إليك ، ننشد ما تركت لنا بصوتٍ جريح ، ونبلِِّل مناديلنا بدمع ٍ باردٍ وشراب . قلت مودعاً وناصحاً لنا حين يهزمنا الفراق: ( ما نشدت الشمس عن حزن الغياب ، علمتنا الشمس نرضى بالرحيل ) نسأل الله العظيم الذي شهدت له بالحق ، بأن يتقبّلك قبولاً حسناً كما رزقك القبول في قلوبنا جميعاً . كنت بدراً وستبقى بدرا ًلا يطوله الغياب.