فعلاً وحقاً وواقعاً، هذا ما حدث لجوالي الذي اقتنيته منذ سنوات، وكان وقتها من أحدث ما نزل في الأسواق، لذلك دفعت فيه مبلغاً كبيراً، من أجل ذلك حافظت عليه بالحماية والتحّديثات المهمة ،ووثقت فيه ، وأعطيته كل أسراري الخاصة قبل العامة ،فهو الصاحب في السفر وفي كل مكان ووقت وحين، فتعوَّدت عليه وعلى ذكائه الإصطناعي، كذلك يلبّي كل طلباتي بمجرد كتابة حرف ، أو قول كلمة، حتّى صارت بيني وبينه علاقة متزامنة ، خاصة هو القريب إلى قلبي وعيوني واهتماماتي ، ففيه الأحباب والأصحاب والمعلومات والقروبات ووسائل الإتصال الحديثة. وتمرّ الأيام وأنا محافظ عليه حتّى لم تظهر عليه علامات الشيخوخة كصاحبه. ولكن هي تقلُّبات الدنيا وأحداثها : ففي يوم توقفت فيه فجأة الوسيلة المهمة في وسائل الإتصال الإجتماعي الحديثة ،حاولت ان أجدّد تحّديثاته ،وأعمل له إصلاحات، ولكن لم أفلح في إعادة الإتصال لها، وفي اليوم التالي ،ذهبت به لعدد من المهندسين فجميعهم استغربوا من جودة الجوال رغم سنوات صنعه! وجميعهم كذلك، أجمعوا أن الخلل في الشركة المصنِّعة التي أوقفت التطبيقات ،والحل في نظرهم ومعرفتهم وخبراتهم، أن أستبدله بجوال حديث. عندها تأثرت وقررت أن أستمر معه وأواصل الممانعة ضدّ الشركة المصنِّعة لعلّ وعسى، وقررت أدخل مكتبتي وأقرأ من الكتب القيَّمة، ولكنني لم أستطع مواصلة القرآءة ،فالمرحلة تغيّرت ،وصار تدفق المعلومات والعلم عن طريق الوسائل الحديثه أسرع وأفضل، أضف إلى ذلك أن كثيراً من الأصحاب المحبين استغربوا عدم إتصالي ، فاتصلوا عليّ للإطمئنان على صحتي ،وذلك لغيابي عن المشاركة في القروبات الإجتماعية . والبعض كذلك أخذ موقفاً مني لأنني لم أتواصل معه أو أردّ على مشاركاته. وكذلك من أجل العمل وماسبق ،ولمواصلة الوجود الإنساني الاجتماعي، قررت أن أشتري جوالاً جديداً إرضاءً لنفسي والأصحاب والأحباب، ومن أجل أن أكون فعّالا في مجتمعي وأفيد من تدفّق المعلومات والتي فيها الفائدة المعلوماتية الحديثة والسريعة ، ختاماً، من الغلطان: الشركة المصنِّعة أو جوالي؟ ومَن المتضرّر: أنا أو الإتصال الإجتماعي وقروباته؟ وهل من حل ؟ وهل ماحدث لجوالي من الصواب، وهل يحق للشركة المصنِّعة أن تحدّد عمراً أفتراضياً لمنتجاتها؟ سؤال مازال مطروحاً ولم أجد له إجابة.