لا يختلف إثنان من المهتمين بالشعر الشعبي ومتذوقيه، على تميُّز الشاعر الكبير عبدالله البيضاني، وتسنّمه هرم الشعر الشعبي في المنطقة الجنوبية ،كشاعر متألق ومبدع. ويظل إسماً ونجماً لامعاً في سماء الشعر على مستوى المملكة . نقش اسمه في صفحات العقول على امتداد نصف قرن من الزمن ،وحفظت اسمه الجبال والأودية والسهول والقرى ، التي شهدت العرضات التي كان "أبو ماجد" أحد فرسانها! بدأ قوياً من بداياته المبكرة ، وشهد بتفوقه كبار الشعراء، سواء من محبيه أو منافسيه ،،فمنهم من قال بأنه ولد شاعراً ، ومنهم من يقول بأن معه من يتكلم على لسانه ، في إشارة بأن شاعريته فوق العادة! ومنهم من يؤكد ، بأنه عملاق شعر العرضة الجنوبية، ومنهم من ينظر إلى أنه من الشعراء الأولين، وكأنه عاش مع ابن ثامرة والزرقوي ومجايليهما ، ولعلّ شهادة رفيق دربه الشاعر المثقف الدكتور عبد الواحد الزهراني ، بأن البيضاني مدرسة في الشعر -وهي شهادة محسوبة دون شك-، تؤكد المكانة الكبيرة التي يستحقها ، لرقي شعره وعلو مستواه. فقد كان اسم عبدالله البيضاني بمثابة دعاية للمناسبات التي يدعى لها في قبائل الجنوب ، لما عرف عنه من جودة في السبك، وحسن اختيار المفردات ، وتمكّنٍ في فن الشقر ،الذي يختص به الشعر الشعبي الجنوبي. إلى جانب تميّزه بقوة الطرح، وجزالة الأبيات ،وعمق المعاني ،وقدرته على بناء قصائد مكتملة الأركان ،متميّزة العناصر في البدع والردّ، ومقارعة كبار الشعراء الذين يحسبون لحضوره ألف حساب ،ومع ذلك ، فهو يحترم نفسه أولاً ، فنال احترام الجميع، يقدّر المواقف جيداً ،ويحفظ سمعته وكرامته ، وسمعة قبائله تماماً ،ويحرص دائماً على عدم النزول إلى المستويات الهابطة وينأى بنفسه عن الخوض في المهاترات التي تحدث أحيانا في أجواء العرضة بين بعض الشعراء. عرفه المجتمع بسمات جميلة ،وخصائص رفيعة ، منها الكرم والشهامة والرصانة والسمت والحكمة والحديث العميق الهادف. ساهم في رفد الساحة الثقافية بوعي واقتدار من خلال إبداعاته الشعرية ، وخدم الموروث الشعبي بكل تمكّن ، وألقى أجمل القصائد في أغلب الأغراض الشعرية والفنون الأدائية كالعرضة والمسحباني واللعب، وله قصائد لا تقل جمالاً في لون المجالسي والشعر النبطي، وقد شارك باقتدار في عدد من المناسبات الوطنية. شاعرنا الجميل الرمز والعلم عبدالله البيضاني ،حقيق بالتقدير ،جدير بالتكريم ، فهو إنسان نبيل بما تعنيه الكلمة ، كسب محبة الجميع ، لسمو أخلاقه ، وحسن تعامله، ولعل العارض الصحي الذي تعرّض له مؤخراً، قد كشف مقدار محبته في نفوس الكثيرين ، الذين كانوا يسألون عنه طوال الوقت، وسرّهم كثيراً زوال العارض بفضل الله تعالى ، سائلين الله تعالى بأن يمتّعه بالصحة والعافية ،وأن يُرى كعادته رائعاً مبدعاً متألقاً في الحياة العامة ،وفي ميدان العرضة الشعبية على وجه الخصوص.