الخطأ الذي ترتكبه معظم الشركات والمنظمات،أنها لم تبكتر أو تقدم نموذجاً أو برنامجاً لإعداد الموظفين للتقاعد. لا أقصد هنا برامج لإعدادهم توعوياً ونفسياً للمرحلة العمرية القادمة، بل تضّمين رسالة وإستراتيجيات المنظمات والشركات مزايا وبرامج ملموسة تديرها تلك الشركات للإهتمام بموظفيها بعد التقاعد، وشغل أوقات فراغهم والإستفادة من خبراتهم وتوفير دخول مالية تساعدهم على أعباء الحياة بعد تلك المرحلة العمرية من العطاء. ورب من قائل أن هذه المسؤلية ستشكَّل عبئاً ضخماً على الشركات وهذا صحيح ،لذلك أرى أن تسند هذه المهمة إلى المؤسسة العامة للتأمينات الإجتماعية بالاشتراك مع وزارة الموارد البشرية والتنمية الإجتماعية. إن مثل هذا التوجّه التكافلي بالمتقاعدين ، سيعتبر رافداً للخبرات والإستثمارات الضخمة المكنوزة في عقول وقلوب المتقاعدين والتي عادة ما تصبح غير مستغلة وعديمة الفائدة ومهدرة. تجدر الإشارة الى المعاناة النفسية للمتقاعدين وأحاسيسهم وهم يعيشون فترة لا تقل عن 25 عاماً دون هدف أو مساهمة فعالة في الحياة بعد مرحلة من العطاء والإنتاجية. ويصبحون في خبركان أو كنت أو سابقاً. إنها مرحلة صعبة وصفة قاسية تطلق على الكثيرين من المنتجين والخبراء الذين يمكنهم مواصلة العطاء وإثراء مجتمع الأعمال ودعم الأجيال الجديدة الطموحة. هناك إعتقاد زائف لدي بعض المقدمين على التقاعد بأن المرحلة القادمة ستكون مكافأة لهم على عملهم الشاق والمضني طوال سنين تتجاوز نصف أعمارهم ولكنهم لا يعلمون ما ستخبؤه لهم الأيام من ضغوط نفسية وقلق ، يقود البعض في معظم الأحيان الى الأمراض حتي يستعيد المتقاعد نفسه وقيمته وهويته وهدفه في الحياة القادمة وهي مهمة شاقة تستدعي إعادة إكتشاف النفس. لذلك أشدّد مرة أخرى ، أنه على جهات الإختصاص التفاعل والتعامل مع تلك الثروة البشرية الممتدة أعمارهم وهم في صحة تسمح لهم بالعمل والإستفادة من خبراتهم وقدراتهم عن طريق تصميم دراسات لمشاريع صغيرة بتمويل من صندوق الشركات للخدمة الاجتماعية لدعم تلك المشاريع واسترجاع تمويلها من دخول تلك المؤسسات الفردية أسوة بما يقدمه: "باب رزق جميل" .