تتوقع لاعبة كرة القدم، رباب توغة أن تنجح سيدات المغرب"مثلما نجح الرجال" في مونديال قطر، عندما يخضن أول مشاركة عربية في مونديال السيدات لكرة القدم الصيف الحالي، في خضم طفرة اللعبة بين الفتيات في المغرب. كانت توغة (14 عامًا) بصدد خوض تمارين إعدادية رفقة نحو 12 من رفيقاتها على ملعب مدرسة "أفاداس" لكرة القدم بضواحي الدار البيضاء، حيث كنّ يصغين بانتباه لمدربهن محمد جيدي. تعرب اللاعبة عن سعادتها بعد انتهاء المران، قائلة: "أتخلص من الطاقة السلبية عندما ألعب الكرة، وأشعر أنني في أحسن حال، هذه الرياضة تعطيني ثقة بالنفس". كرة القدم ليست مجرد هواية بالنسبة لتوغة؛ إذ تطمح إلى أن تصبح لاعبة دولية: "خصوصًا بعد إنجاز سيدات الأطلس" اللواتي تمكنّ من التأهل للمشاركة في كأس العالم بأستراليا ونيوزيلندا بين 20 يوليو الحالي و20 أغسطس المقبل. جاء ذلك بعدما حققت سيدات المغرب المفاجأة في كأس أمم أفريقيا الأخيرة، التي أقيمت بالمغرب في يوليو 2022م، عندما بلغن النهائي وخسرن أمام جنوب أفريقيا (1-2) في مباراة تابعها نحو 50 ألف متفرج بالرباط. تعبِّر ملاك المسواري (15 عاماً)، زميلة توغة، عن إعجابها بسيدات المنتخب "اللواتي لا يدخرن جهداً لتمثيل المغرب أحسن تمثيل. نحن فخورات بهن"، مؤكدة أن ممارسة كرة القدم هي "متنفسها الوحيد". أمل كبير يتغذّى الأمل في إنجاز مشرف بمونديال السيدات، بالإنجاز التاريخي لمنتخب الرجال في قطر نهاية العام الماضي، عندما بات أول منتخب أفريقي وعربي يبلغ المربع الذهبي في تاريخ كأس العالم. وإذ لم يكن عدد المسجّلات في نادي "أفاداس" يتجاوز نحو 10 لاعبات فقط العام الماضي، أصبحن اليوم أكثر من 50 لاعبة في مدرسة النادي الذي يستهدف خصوصًا الأسر المتواضعة. ويوضح المدرب جيدي (63 عاماً) أن "الإنجازات التي حققها منتخبا الرجال والسيدات، حفّزت الفتيات للتدرّب على الكرة". ويضرب مثالًا على "هذا التأثير المؤكد، بحالة فتاة كانت مسجّلة في فرع الكرة المستطيلة (الرجبي) بالنادي، وأخريات كنّ يلعبن كرة السلة أو ألعاب القوى فضّلن التحوّل إلى كرة القدم، ويرين مستقبلهن فيها". ولا يزال وقع ملحمة "أسود الأطلس" في قطر كبيرًا في المغرب، ومبعث أمل في تكراره، ذلك أن "منتخب الرجال لم يعتبر أبدًا أن بلوغ نصف نهائي كأس العالم أمر صعب، لقد حدّدوا فقط هدفًا وصمّموا على تحقيقه"، حسب ما ترى اللاعبة هدى خلطي (16 عامًا) التي لا تخفي إعجابها بحارسة مرمى منتخب السيدات خديجة الرميشي. وتستطرد زميلتها توغة بالقول:" إنه كان من الممكن أن تمر مشاركة منتخب السيدات (المرتقبة) في كأس العالم مرور الكرام، لولا الإنجاز الذي حققه أسود الأطلس، لأن المغرب لم يسبق له أن بلغ مستوى مماثلًا". وتضيف أن "هذا النجاح يغذّي ثقتنا في لاعبات المنتخب" اللواتي سيواجهن ألمانيا حاملة اللقب مرتين، وكوريا الجنوبية وكولومبيا، على أمل التأهل إلى الدور الثاني. تغيرت العقليات تؤكد قائدة المنتخب المغربي غزلان الشباك بدورها، في حوار أجرته أخيرًا مع موقع الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) أن "منتخب الرجال أظهر لنا ألّا شيء مستحيل إذا قاتلنا وبقينا محافظات على تركيزنا". وتضيف أن "المشجعين المغاربة لديهم شغف غير معقول بكرة القدم، تماماً مثلنا نحن اللاعبات واللاعبون، لذلك سنبذل كل ما في وسعنا لإسعادهم". إلى جانب الحماسة التي ولّدتها مشاركة "أسود الأطلس" في مونديال قطر، تعود الشعبية التي باتت تحظى بها الكرة النسوية أيضاً إلى الإستراتيجية التي وضعت في العام 2020م لتطويرها. وتوضح رئيسة الرابطة الوطنية لكرة القدم النسوية (خديجة إلا) أن "الجامعة (الاتحاد) استثمرت في الكرة النسوية، وتغيّرت العقليات، اليوم هناك اهتمام وتطور ملموسان". وتشرف الرابطة منذ العام 2021 م على بطولة احترافية من قسمين، وتلزم أعضاءها وهم 42 نادياً في المجموع، بتوفير فرق للفئات العمرية الصغرى لأقل من 15 و17 عاماً. وتتكفل الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم بنحو 70 % من مصاريف كل ناد، خصوصاً أجور اللاعبات التي لا يجب أن تقلّ عمّا يقارب 360 دولاراً شهرياً في القسم الأول، و250 دولاراً في القسم الثاني، علماً أن متوسط معدّل الأجور الشهري في المغرب يقارب 395 دولاراً. وتضيف خديجة، وهي لاعبة محترفة سابقاً، أن "النجاح يعتمد على سياسة رياضية ناجعة ودعم مالي، كلما كان هناك استثماراً كانت النتائج أفضل". ويسعى المغرب اعتباراً من العام المقبل، إلى الإسراع في التكوين لبلوغ هدف تهيئة 90 ألف لاعبة و10 آلاف من الجهاز الفني والمساعدين.