معناه بالمفهوم العام هو: الرجاء .وهو: "شعور عاطفي يتفاءل به الإنسان ويتوقع منه نتائج إيجابية لحوادث الدهر أوتقلّباته، حتى وإن كانت تلك النتائج الإيجابية صعبة أو مستحيلة الحدوث."، إذاً يمكننا القول أنه رادار النفس الذي يعيدها إلى توازنها الصحيح بعد كل صدمة أو نكسة تحدث لها وتدخلها في عالم من اليأس والإحباط، وقد يصل الأمر للقنوط -والعياذ بالله-. من هذا المفهوم السابق نستطيع القول إننا جميعاً بلا استثناء نملك الأمل مهما كان مقداره في نفوسنا، ولا يمكن أن نجزم بفقدانه وتلاشيه إلا عند أولئك الذين اختاروا ترك الحياة بما فيها بالإنتحار سواء كان ذلك الانتحار معلناً أو داخلياً . وحتى هذه الفئة قد تتراجع ويحدوها الأمل إذا أخذت مساحة بسيطة من التفكير بعيداً عن المحفّز للإنتحار. هذا ليس قولي بل دراسة أجرتها إحدى الجهات المعنية بسلوك الإنسان النفسي ، على مجموعة ممّن كانوا على وشك الإنتحار وكيف أن نسبة لا تقل عن ثمانين في المئة من هذه الفئة ، تراجعت عن الانتحار بل استسخفت الفكرة التي طرأت عليها في حينها، وأن نسبة عشرين في المئة أو أقل أكملوا محاولاتهم وانتحروا! ما الذي جعل نسبة كبيرة ممّن زهدوا في الحياة ولم يعد يفرق معهم البقاء من الموت ،يتراجعون عن قراراتهم؟ من المؤكد ليس بهدف تحسين الموت ليكون أكثر شياكة، ولا لأن ظروفهم تعدّلت للأحسن، وإنما لأن هناك شيء إسمه الأمل أو الرجاء في حدوث تغيير يقلب الموازين، ويجعل الحياة أكثر جمالاً. في ديننا الإسلامي نؤمن بأن الحياة بين كاف ونون عنده جلّ جلاله قد تتغير من حولنا، وأنه بين ليلة وضحاها ،يمكن أن تحدث قدرة إلهية تنقلنا من حضيض اليأس إلى قمة الأمل والتفاؤل. إن ذلك الإيمان ليس مبعثه الأمل فقط أو النظرة الإيجابية كما يحب أن يسميها البعض، وإنما هناك يقين وحسن ظن بالله أنه لم يخلقنا ليشقينا بل ليختبرنا، فكلما زاد ذلك اليقين مع الرضا حظيت بما وعدك الله به من القبول في قوله تعالى:(أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ) وقوله عزّ من قائل: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ). هل هناك شرط لهذا القبول؟ من منظوري نعم، بل أكثر من شرط أهمها: ( أن ما أصابك لم يكن ليخطئك)، وأنه قد يكون في التأخير مصلحة والاستعجال مضرة، أنه ربما كان فقد ما فقدته سبباً للوقوف على الباب واللجوء إلى الله. وهذه في الحصر لا المجمل: فلو أننا تفكرنا في مفهوم العطاء والمنع ، لفُتح أمامنا باب الرجاء على مصراعيه ، ولوجدنا لذة المنع مع الفرح بالعطاء تحت مظلة إسمها الأمل. حديث لك يا من فقدت شغفك بالحياة وأصبحت تلقانا بوجه عبوس: أتظن أنك وحدك بين قبض وبسط؟ حاشاه موزّع الأقدار. فلكل واحد منا ما يهمه ،إنما نتفاوت : فمن من بيننا أتاه اليقين؟ eman_bajunaid@