أعادت المفاجأة المدوية التي أحدثها المنتخب المغربي في مونديال قطر 2022، بالتأهل لربع نهائي مونديال قطر 2022، إلى الذاكرة العربية إنجاز مونديال 1986 عندما بلغ أسود الأطلس ثمن النهائي. وإذا كان رفاق بادو الزاكي وعبد المجيد الضلمي ومحمد الحداوي ومحمد التيمومي وعزيز بودربالة قد كتبوا التاريخ عندما قادوا المنتخب المغربي إلى الدور الثاني، فإن رفاق أشرف حكيمي وحكيم زياش وسفيان مرابط وياسين بونو ويوسف النصري، قد أعادوا كتابة التاريخ بعدما قادوا الأسود إلى ربع النهائي. التحديات كانت كبيرة في المناسبتين؛ إذ شارك المدرب البرازيلي وقتها "خوسيه المهدي فاريا" في مونديال المكسيك بمجموعة من اللاعبين معظمهم نتاج الدوري المحلي باستثناء 5 لاعبين يملكون تجربة أوروبية، هم" مصطفى الحداوي وعزيز بو دربالة لاعبا لوزان وسيون السويسريين، والمهاجم" كريمو" لاعب نادي لوهافر الفرنسي، ولاعب الوسط عز الدين أمان الله، الذي كان يلعب لفريق بيزنسون الفرنسي، ومصطفى ميري لاعب فالنسيان.
وقد خاض منتخب المغرب المنافسة في مونديال 1986 ضمن مجموعة قوية ضمت بولندا ثالث مونديال إسبانيا 1982 والبرتغال وصيف الأمم الأوروبية 1984 وانجلترا التي كانت تضم نجوماً كباراً مثل غاري لينيكر. بالمقابل دخل الجيل الحالي مونديال قطر تحت وطأة ضغوط كبيرة، فالمدرب وليد الركراكي استلم المُهمة الصعبة قبل عدة أشهر من انطلاق المونديال، وكان المدرب السابق وحيد خليلوزيتش قد استبعد مجموعة من النجوم على رأسهم حكيم زياش لاعب تشلسي الإنجليزي ونصير مزراوي لاعب بايرن ميونخ الألماني وآخرين، فأعاد الركراكي الثقة إلى المنتخب قبل أن يشرع بالعمل الفني خلال الفترة التحضيرية الوجيزة، هذا إلى جانب صعوبة المجموعة التي وقع بها أسود الأطلس في المونديال الحالي، التي ضمت كرواتيا وصيف العالم في روسيا 2018 وبلجيكا ثالث المونديال والمنتخب الكندي الطموح. البداية بالنسبة للمنتخبين كانت رائعة، ففي الوقت الذي تعادل فيه منتخب 1986 مع بولندا القوية آنذاك، تعادل المنتخب الحالي مع كرواتيا ونجومها الكبار، وتعادل رفاق الحارس المتألق بادو الزاكي مع انجلترا في المباراة الثانية، فيما حقق رفاق زياش الانتصار التاريخي على بلجيكا بهدفين دون رد، قبل أن تأتي الجولة الثالثة التي احتاج فيها كل جيل إلى الفوز لضمان صدارة المجموعة، فحقق خيري والبقية الإنجاز الكبير بالفوز على البرتغال وصيف أوروبا بثلاثة أهداف لهدف، وحقق أشبال الركراكي الفوز على كندا بهدفين لهدف، فعبر كل طرف إلى الدور الثاني بطلاً للمجموعة. وفي الوقت الذي لم يكتب فيه للمنتخب المغربي في المكسيك أن يواصل الإنجاز عندما خسر في الدور الثاني بهدف دون رد أمام ألمانيا التي وصلت إلى النهائي، كان المنتخب الحالي يُحقق مفاجأة من العيار الثقيل بتجاوز إسبانيا بركلات الترجيح ليعبر إلى الدور ربع النهائي، وسط أمنيات مغربية عربية بالانتصار على البرتغال ومُواصلة المسيرة بالوصول إلى الدور نصف النهائي للمرة الأولى في تاريخ العرب وإفريقيا.
ويبدو أن التاريخ قد أعاد نفسه على مستوى التألق اللافت في حراسة المرمى، ففي الوقت الذي لفت فيه بادو الزاكي أنظار العالم كواحد من أفضل حراس المرمى في مونديال المكسيك.. كان ياسين بونو يكرّر الأمر حتى أصبح أحد أفضل حراس البطولة.
وتألق عبد الرزاق خيري وعبد الكريم ميري "كريمو" وبودربالة والبقية في المكسيك ولفتوا الأنظار ليحصلوا على العروض الاحترافية، حيث انتقل الزاكي إلى ريال مايوركا الإسباني وقضى ستة مواسم، فيما انتقل التيمومي إلى نادي ريال مورسيا، بالمقابل لم يكن تألق أشرف حكيمي وحكيم زياش وسفيان مرابط صدفة وهم يلعبون في أندية كبيرة في أوروبا، لكن الأبواب قد تُفتح أمام البقية لخوض تجارب مع كبار أندية أوروبا.