صراع بلا حدود بين جبهات الإخوان الثلاث، فكل يريد قيادة التنظيم الذي أصبح يتهاوى يوما بعد آخر ولم يعد قادرا على تنفيذ مخططاته الخبيثة، بعد أن أشبعته دول العالم بالعقوبات وفرضت عليه حصارا مشددا لمنع إرهابه، ولم يعد أمامه سوى التآكل من الداخل بالخلافات المستمرة، حيث طرحت مجموعة إبراهيم منير القائم بأعمال مرشد الإخوان، المعروفة ب"جبهة لندن"، وثيقة قديمة في محاولة للرد على مؤتمر الجبهة الثالثة؛ مجموعة المكتب العام "الكماليون"، التي طرحت السبت الماضي وثيقة سياسية تعبر عن رؤيتها الخاصة في تطور مثير داخل حلبة صراع الجبهات الثلاث. وسارعت جبهة إبراهيم منير وقبل عقد المؤتمر بإصدار وثيقة سياسية تكشف ملامح توجهها في المرحلة القادمة، وحملت الوثيقة تاريخ 18 سبتمبر 2022، وكأنها جاءت قبل مؤتمر "الكماليين"، بينما يفسر بعض المراقبين سرعة نشر وثيقة جبهة منير بأنها رد فعل وخطوة استباقية لاحتمال تموضع "المكتب العام" كجبهة مستقلة قادرة على اجتذاب أعداد من الإخوان الذين لا ينتمون للجبهتين (إسطنبولولندن) ويكثر عددهم، ومن ثم يصبح لهم الحق في الحديث باسم الجماعة والحصول على تمويل من الجهات المانحة والموظفة للإخوان، وبالتالي مزاحمة منير أو إعاقته في خطته للسيطرة على الجماعة. وتظهر الخلافات التنظيمية بين الجبهات الثلاث، على الرغم أن الفكر واحد والأساليب للوصول للحكم هي نفسها، غير أن ثمة خلافات متجذرة، أبرزها زعم جبهة منير التوقف عن المنافسة السياسية على الحكم وعلى البرلمان، وهو ما يخالف الفكر الإخواني. وقد خفت صوت جبهة منير قليلًا لانشغالها بالترتيبات الداخلية والعمل على السيطرة على أكبر عدد ممكن من المكاتب الإدارية في الداخل المصري، حتى يكون له شرعية الحديث باسمهم واسم السجناء من أعضاء الجماعة، حتى ظهرت مجموعة المكتب العام أو الكماليون بعقد مؤتمرهم، مما دفع جبهة منير بالإسراع إلى إصدار تلك الوثيقة، التي رغم كونها جاءت على عجالة إلا أنها تحمل عدة رسائل متعددة المستويات، قد تكون ليست جديدة، ولكنها واضحة ومميزة لهم عن باقي الأجنحة والجبهات الأخرى. وتابعت الوثيقة المضي في الأكاذيب الإخوانية المعتادة قائلة "إننا مسؤولون، مع غيرنا من شركاء الوطن، عن بذل الجهد اللازم لبناء توافق وطني يليق بتضحيات المصريين، بينما الواقع يقول إن الإخوان هم السبب الأساسي في الفساد والتدمير لا الإصلاح والبناء في كل الدول التي تواجدوا فيها، ما دفع الشعوب إلى لفظهم بغير رجعة، كما هو الحال الآن في تونس إذ يرفض الشعب عودة الإخوان مجددا، ويقول الرئيس قيس سعيد إن الشعب هو صاحب السيادة وسيقرر مصيره بنفسه، في إشارة إلى الانتخابات التشريعية المقررة في 17 ديسمبر المقبل وترفضها حركة النهضة الإخوانية. وقال سعيّد من محافظة بنزرت شمال البلاد: "سأواصل على نفس النهج وسنعيد المجد لتونس وننقذ الدولة من براثن من يحاولون العبث بمقدرات الشعب"، ويعني تنظيم الإخوان الإجرامي.