ترتبط القهوة بالإرث الثقافي السعودي عبر تاريخ حافل بالعادات والتقاليد، وقيم الكرم والضيافة، والحضور الإنساني والجمالي والفني في الأغاني والقصائد واللوحات، حتى أصبحت عنصراً رئيساً في الثقافة والموروث الشعبي السعودي، وعلامةً ثقافيةً تتميز بها المملكة، سواءً من خلال زراعتها، أو طرق تحضيرها وإعدادها وتقديمها للضيوف، ومن منطلق المكانة العالية لهذا الرمز الثقافي والوطني، جاءت تسمية عام 2022م ب"عام القهوة السعودية" وانطلق المهرجان الذي تنظمه هيئة فنون الطهي بالتعاون مع وزارة الثقافة متضمناً أنشطة تجسد الرحلة الثقافية التي تعكس الدلالات الحضارية المرتبطة بعنصر القهوة السعودية ومدى ارتباطه بهوية المجتمع السعودي، حيث استقطب مهرجان القهوة في محطته الثانية بجدة مرتاديه؛ مستهدفاً نشر تاريخ القهوة السعودية وكيفية زراعتها، وأدواتها وطرق تحضيرها وتقديمها، وإبرازها وتوريثها إلى الأجيال. ووثق المهرجان الذي يأتي بدعمٍ برنامج جودة الحياة، أحد برامج تحقيق رؤية المملكة 2030؛ من خلال القهوة السعودية علاقتها الوثيقة بالتاريخ الثقافي للمملكة عبر تاريخٍ حافل بالعادات والتقاليد وقيم الكرم والضيافة، والمعبرة عن عراقة المجتمع السعودية وأصالته على مر الأزمنة؛ مما جعل منها رمزاً باقياً لهذه العادات والتقاليد العريقة،
حيث ضم أربعة أقسام رئيسية؛ تبدأ بقسم "فنجال الضيف" المكون من فعاليات شجرة البن، والبيت الأخضر، ومنطقة العارضين، ومتحف الذهب الأخضر، ومنطقة للأطفال. أما الثاني "فنجال الكيف" فيشتمل على فعاليات تعاليل، وخبير القهوة، وتجربة التذوق، والقدوع، ويحتضن القسم الثالث "فنجال السيف" فعاليات؛ حوار القهوة، وورش عمل، ومسابقة القهوة السعودية "درب الفنجال"؛ كما خصص المهرجان قسماً للمطاعم المشتملة على عربات الأطعمة، وجلسات مخصصة للأكل، بينما بدأت الرحلة الثقافية داخل أروقة المهرجان، والتي تنطلق عبر قسم "فنجال الضيف" ليجد الزائر أمامه أنشطة وفعاليات تتخذ طابعاً أثرياً وبمحتوى ثقافي يدور حول تاريخ القهوة السعودية، إلى جانب التجول بين أروقة المعرض، وبعدها ينتقل إلى قسم "فنجال الكيف" ليستمتع بالتجارب التفاعلية، قبل أن يصل إلى قسم "فنجال السيف" وهو بمثابة منصة مختصة لتمكين وتدريب المهتمين بمجال القهوة السعودية عبر مجموعة من الجلسات الحوارية، وورش العمل الإبداعية، إضافةً إلى الاستمتاع بمشاهدة المتسابقين المشاركين في مسابقة القهوة السعودية "درب الفنجال". جذور عريقة ووثق زوار مهرجان القهوة السعودية في محطته الثانية بجدة؛ رحلتهم الثقافية بين نفحات المشروب العربي الأصيل ذي الجذور التاريخية العريقة؛ وذلك عبر أجهزتهم وكاميراتهم الخاصة؛ بالتقاط الصور المعبرة في أقسام وأجنحة المهرجان المختلفة. واستوقفت الزوار تذوق القهوة السعودية الأصيلة وطرق تحضيرها؛ وفقاً لكل منطقة ومدينة من مدن المملكة؛ وسط تقديم ألوان من العروض الشعبية المختلفة، باعتبار أن مهرجان القهوة السعودية يهدف لتعميق المخزون الحضاري الثقافي في نفوس مختلف الأجيال ويعكس عمق التراث للزوار القادمين من الخارج، حيث يستمر المهرجان في محطاته ب"الظهران إكسبو" في مدينة الظهران خلال المدة من 13 إلى 15 أكتوبر، بعد أن بدأ في الرياض ومرّ بجدة، كأحد أنشطة مبادرة "عام القهوة السعودية 2022" التي أطلقتها وزارة الثقافة بالتعاون مع هيئة فنون الطهي، وبدعمٍ من برنامج جودة الحياة احتفاءً بالقهوة السعودية، وعلاقتها الوثيقة بثقافة المملكة عبر تاريخٍ حافل، جعل منها رمزاً أصيلاً للعادات والتقاليد، وقيم الكرم والضيافة للمجتمع السعودي. تأهيل كفاءات وتعمل مختلف الجهات ذات العلاقة بالقهوة السعودية في المملكة على تأهيل الكفاءات المتخصصة في تحضيرها، وتشجيعا لهم أعلنت وزارة الثقافة إطلاق مسابقة "درب الفنجال" التي تهدف إلى التعريف بطرق إعداد القهوة السعودية، وتعزيز دور ومهنة خبير القهوة، وذلك بمجموع جوائز يبلغ 100 ألف ريال، بالإضافة إلى دعمٍ لوجستي للفائز بالمركز الأول. وتستهدف المسابقة صانعي القهوة السعودية والعاملين في هذا المجال، والمهتمين بتفاصيل صناعتها كتاريخ وموروث ثقافي للمملكة، بالإضافة إلى مختلف شرائح المجتمع. وتمر المسابقة بثلاث مراحل، تبدأ بالتقديم عبر المنصة الإلكترونية وتعبئة النموذج، بينما سيتم الفرز حسب استيفاء الشروط، على أن يُرشح من كل مدينة من المدن الثلاث 3 متسابقين، وسينتقل الفائزون إلى المرحلة النهائية التي ستقام في جازان، حيث سيتم اختيار ثلاثة فائزين، يحصل الأول منهم على مبلغ 60 ألف ريال واعتماد خلطته الخاصة للقهوة السعودية في بعض المقاهي، أما الثاني فسيحصل على مبلغ 30 ألف ريال، والثالث 10 آلاف ريال. وتقام المسابقة على مدار ثلاثة أيام في كل مدينة، وسيُطلب من كل متسابق تحضير القهوة في كل مراحلها من الحمس إلى التقديم، ويتم التقييم بناءً على طريقة حمص القهوة وتبريدها، وطحن البن، وغليها على طريقة كل منطقة مختارة، ومذاق وجودة فنجال القهوة النهائي. الأكثر استهلاكا إلى ذلك، كشفت إحصائية حديثة، استهلاك السعوديين للقهوة بما يساوي مليار ريال سنوياً، في الوقت الذي صنفت فيه المملكة ضمن أكثر 10 دول استهلاكا للقهوة. وبحسب وزارة التجارة السعودية بلغ استخراج السجلات التجارية بنشاط القهوة خلال العام الجاري 35,494 سجلًا، مما يؤكد الانتعاش الملحوظ في نشاط المقاهي وإعداد القهوة، والتي يتسابق عليها الشباب يوميًا في احتساء أنواع القهوة المختلفة. وأكدت الإحصائية نفسها، أن الكميات المستوردة من القهوة سنوياً للأسواق السعودية تقدر بنحو 70 -90 الف طن، ومقابل ذلك تنتج أكثر من 400 ألف شجرة بُن في السعودية أجود الأنواع على مستوى العالم، في ثلاث مناطق "جازان، عسير، الباحة"، حيث يوجد في منطقة جازان 340 ألف شجرة تنتج 2040 طن سنويًا و 340 طن من البُن الصافي، في حين يوجد في عسير 40 ألف شجرة تنتج 240 طن سنويًا، كما ويوجد في الباحة 18 ألف شجرة وتنتج 108 طن سنويًا. وتعتبر القهوة منتج ثقافي مميز ارتبط بالهوية السعودية منذ القدم، وتجد خصوصية لدى المجتمع السعودي من حيث الزراعة والتحضير والتقديم، حتى أصبح رمز للكرم والحفاوة، فيما تقدم وزارة البيئة والمياه والزراعة في السعودية، عددا من البرامج والمبادرات الداعمة لزراعة البُن والإكثار من إنتاجه، شملت مبادرة تأهيل المدرجات الزراعية، وتطبيق تقنيات حصاد مياه الأمطار، كما وتم إنشاء وحدة أبحاث للبُن بمركز الأبحاث الزراعية في منطقة جازان، والتي تعد الأولى من نوعها، بعدما جاءت الموافقة على استحداثها لنجاح جازان في زراعة البُن.