يعيش العراق حالة من الانسداد السياسي على خلفية عدم التمكن من انتخاب رئيس جديد للبلاد، وتشكيل حكومة بسبب الصراعات بين الفائزين بالانتخابات النيابية التي جرت في العاشر من أكتوبر الماضي، لذلك حذر الرئيس العراقي برهم صالح من "متاهات خطيرة" تترصد العراق في حال استمرار انسداد سياسي ناجم عن عدم استكمال تشكيل الحكومة الجديدة. وقال صالح في كلمة ألقاها خلال احتفالية أقيمت ببغداد، إن "الانسداد السياسي الراهن في إنجاز الاستحقاقات الدستورية وتشكيل حكومة جديدة بعد خمسة أشهر على إجراء الانتخابات، بات أمراً مقلقاً وغير مقبول، ويؤدي، لو استمر، لانزلاق البلد في أتون متاهات خطيرة". وأضاف أن "هناك من يريد أن يشغل العراقيين بصراعات داخلية تستنزف قوتهم وتضعف كيانهم، ولا يمكن للعراقيين أن يقبلوا بذلك، ولن يتنازلوا عن حقهم في دولة وطنية، فالعراق المستقل ذو السيادة يمثل مصلحة العراقيين وأساس مشروعهم الوطني". ولفت برهم صالح إلى إن "الانتخابات المبكرة التي أرادها الشعب وقواه الوطنية حلاً لتحقيق الاستقرار السياسي والاجتماعي، اصطدمت بعوائق لا ينبغي تجاهلها"، معتبرا أنه "من الممكن تجاوز هذه العوائق بوحدة الكلمة وتغليب المصلحة الوطنية العليا في هذا الظرف من التحولات الإقليمية والدولية المعقدة"، مشددا على أن "حماية البلد تتطلب وقفة جادة لمعالجة الأخطاء التي تراكمت بفعل ظروف وعوامل أدت لتصدع منظومة الحكم، وتستوجب الإقرار بضرورة الإصلاح ومعالجة مكامن الخلل من خلال عقد سياسي جديد يُمكّن العراقيين من بناء حقيقي لدولة ذات سيادة كاملة". وفي السياق ذاته أكد رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي، أن العراق يمر بأزمة سياسية جراء الإخفاق الحاصل في تشكيل الحكومة الاتحادية الجديدة رغم مرور أشهر على إجراء الانتخابات البرلمانية المبكرة. وقال الكاظمي، بالمناسبة نفسها: "نحن نجتهد في إيجاد الحلول، وأحيانا نجتهد وللأسف في ابتكار العوائق والانسداد السياسي"، منوها إلى أن "الشعب قلق من المستقبل من نتائج الانسداد السياسي مما يعرقل الحياة"، مشيرا إلى أن "شعبنا مؤمن بالنظام الحالي والديمقراطية الحقيقية والتداول السلمي للسلطة وبالدولة". وأضاف: "هناك أزمة سياسية في البلاد، ويجب أن نعترف أن هناك خلافات دستورية وتضارب في إدارة الدولة". وشدد الكاظمي بالقول: "قبل المضي إلى الحل السياسي علينا أن نفكر باستعادة الثقة وخلق الأجواء الممهدة لذلك"، داعيا القوى السياسي إلى الكف عن الاتهام والتخوين بالانتماء إلى الوطن والدين والمذهب، مشددا على أن العراق لن يعود إلى الفوضى والديكتاتورية والصراعات مرة أخرى. ويحتدم الصراع السياسي في العراق جراء ظروف تشكيل الحكومة الجديدة طبقاً لمخرجات الانتخابات التشريعية المبكرة المقامة في أكتوبر الماضي، بينما لا يزال الانقسام السياسي سائدا منذ انتهاء الانتخابات النيابية التي جرت في العاشر من أكتوبر 2021، فعلى الرغم من مرور عدة أشهر على تلك الانتخابات التي أتت بنتائج مفاجئة، إثر تراجع واضح للأحزاب والفصائل الموالية لطهران، ما زالت الخلافات تلقي بظلالها الثقيلة على المشهد العام في البلاد، بحيث بات أفق الانفراج بعيداً إلى حد كبير.