بينما يستمر الجمود السياسي وعدم التوافق فيما يتعلق بالملف الرئاسي في العراق، أعلن البرلمان فتح باب الترشح لمنصب رئيس الجمهورية اعتبارا من اليوم (الأربعاء) ولمدة ثلاثة أيام، فيما أعلن الحزبين الكرديين تمسكهما بمرشحيهما، في إشارة إلى أن العراقيل والخلافات التي حالت دون اكتمال النصاب القانوني في الجلسة النيابية الأخيرة لا تزال على حالها، فقد أكدت رئيسة كتلة الحزب الديمقراطي الكردستاني في البرلمان فيان صبري، أن هوشيار زيباري لا يزال مرشح الحزب الوحيد، معتبرة أن الدعوى القضائية بشأنه ستحسم خلال اليومين المقبلين، لأن لا شبهة قانونية ضده، في وقت أعلن الاتحاد الوطني الكردستاني أن الرئيس الحالي المنتهية ولايته، برهم صالح مرشحه الوحيد. وحالت الخلافات المستمرة بين الحزبين الكرديين من جهة وحلفائهما من جهة أخرى، دون اكتمال النصاب القانوني، إذ حضر فقط 58 نائبا من أصل 329، وهو أقل من العدد اللازم الذي يبلغ ثلثي النواب لاختيار رئيس جديد للبلاد. وعلى الرغم من أن هذا المنصب شرفي ولا يمتلك صلاحيات تنفيذية، فإن الخلاف بشأنه يرسم صورة عن الخلافات السياسية الأوسع، لا سيما بين التيار الصدري والإطار التنسيقي، فالصراع الأقوى دائر منذ أشهر ولا يزال بين الصدر المتحالف مع الحزب الديمقراطي، والذي يؤكد حيازته غالبية كافية في البرلمان للمضي في تشكيل "حكومة أغلبية وطنية"، وبين الإطار التنسيقي الداعم لحزب الاتحاد، الذي يضم تحالف الفتح -الممثل لقوات الحشد الشعبي المكوّن بغالبيته من فصائل مسلحة موالية لإيران-، والحاصل على 17 مقعدا في الانتخابات، فضلا عن تحالف "دولة القانون" برئاسة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي (33 مقعدا) وأحزاب شيعية أخرى، إذ يتمسك الإطار بزعمه أنه صاحب الكتلة الأكبر التي يعود لها عرفاً تشكيل الحكومة. ودخل العراق أمس الأول مرحلة جمود سياسي قد تمتد أشهراً، على جري العادة بعد كل انتخابات عامة، إذ تتنافس النخب السياسية على المناصب في الحكومة الجديدة، فيما يشعر العراقيون بخيبة أمل متزايدة من العملية السياسية، ويتهمون العديد من ساستهم بالفساد، والمحاصصة، وسط خوف من تجدد العنف والاغتيالات، التي بدأت طلائعها تلوح خلال الأيام الماضية، لاسيما بين التيار الصدري وبعض الفصائل المسلحة الموالية لإيران. إذ سرت شائعات واتهامات عدة مؤخرا حول التورط ببعض الاغتيالات المتبادلة. من جهته، أعلن النائب السني، مشعان الجبوري، صراحة أن "غالبية القوى السياسية قاطعت جلسة البرلمان بسبب عدم وجود اتفاق حول منصب رئيس الجمهورية بين بعض الكتل". بما يشبه الإقرار غير المباشر بأن المشكلة التي حالت دون انعقاد جلسة السابع من فبراير من أجل انتخاب رئيس للبلاد بعد أشهر على انتهاء الانتخابات النيابية في العاشر من أكتوبر الماضي (2021) تعود إلى عدم وجود توافق، أو عدم اتضاح شروط ومكاسب "المحاصصة" بين الأفرقاء.