إن الطفرة العلمية والمعرفية التي يشهدها العالم الراهن قد جعلت المكتبات أمام تحديات التعامل مع ثورة المعلومات والتطورات المعاصرة على صعيد الإنترنت ونقل المعلومات والاتصال وغيره، فالمكتبات باعتبارها ركيزة عمليات البحث العلمي يقع على عاتقها توفير وحفظ ونشر المعلومات ووضعها أمام الباحثين والمستفيدين منها، وهي في ظل التقدم العلمي والمعرفي الراهن بحاجة لوضع سياسة تطوير شاملة سواء في الجانب الإداري أو في خدماتها على اختلاف نمط المكتبات سواء كانت تقليدية أو إلكترونية. وفي المملكة فقد تم تأسيس هيئة المكتبات في العام 1441ه بغرض تنظيم قطاع المكتبات في المملكة وتطويره والنهوض به ودعم العاملين فيه من خلال تطوير استراتيجيات القطاع اتساقاً مع الاستراتيجية الوطنية الثقافية بجانب اقتراح الأنظمة والتنظيمات التي تضمن تحقيق أهدافها وغيرها من الأهداف، وقد أطلقت الهيئة استراتيجيتها وفق رؤية جديدة ترمي إلى تطوير قطاع المكتبات في المملكة وتحويلها من وعاء معلوماتي إلى منصات ثقافية شاملة للأنشطة الجاذبة لأفراد المجتمع وغيره من الأدوار والمبادرات الرائدة الأخرى للهيئة التي لا يتسع المقام لذكرها بغية تحقيقها الأهداف المنوطة بها. وهنالك عدة مقترحات لتطوير المكتبات العامة منها على سبيل المثال وضع خطط لتطويرها في سائر مناطق المملكة وتأسيس شبكة معلومات تختص بموارد المكتبات والتعاون والتنسيق المهني بين تلك المكتبات ومؤسسات التعليم العالي بشأن توفير مراجع حديثة للطلاب وتأسيس مكتبة عامة في كل مدينة والنظر في كيفية توزيع خدماتها ووضع آلية لتبادل الإصدارات بين المكتبات بشكل دوري منتظم، كما يمكن وضع مواد أساسية ترسخ أهمية المكتبات والمعلومات لدى الطلاب من قبل أساتذة متخصصين ليتم تدريسها في المدارس، بجانب تطوير تخصص المكتبات والمعلومات في الجامعات بحيث يشمل عدة أقسام متخصصة ليكون المتخرج من المرحلة الجامعية الأولى (البكالوريوس) متخصصاً في مسائل مكتبية فنية مثل الفهرسة والتصنيف وغيرها أو في مكتبات توعية أو خدمات المكتبات أو إدارة المكتبات مع مراعاة التدريب العملي للمتخرج في آخر السنتين الدراسيتين، مع أهمية العمل على التحول الرقمي لكافة خدمات المكتبات. وإضافة إلى الدور المعرفي الذي تضطلع به المكتبات في أوساط المجتمع، فإن هنالك دوراً آخر لها يكمن في اكتشاف المواهب والمبدعين في مجالات شتى من بينها التصوير والرسم والموسيقى وغيره واستنباط إبداعات تلك المواهب في المكتبة العامة من خلال محفزات كفيلة بجذب الموهوبين والمبدعين لإبراز مواهبهم وإبداعاتهم وبذا تصبح المكتبات صروحاً لشتى أنماط الإبداع والموهبة بجانب رسالتها المعرفية. بقيت الإشارة للأدوار الكبيرة التي تضطلع بها هيئة المكتبات للنهوض بها ولا غرو في ذلك فإن كل تلك الجهود تهدف إلى جعل الثقافة نمط حياة للمجتمع بجانب الوصول إلى مجتمع معلوماتي قادر على تحقيق أهداف التنمية المستدامة. J_alnahari@