التستر التجاري من أكثر الممارسات خطورة على المجتمع والاقتصاد، حيث يتسبب في هدر كبير لمقدرات المجتمع وينهش في الاقتصاد العام، فمن جانب يتسبب التستر في التهرب الضريبي ويفوت على الدولة موارد مالية كبيرة، ويحرم المجتمع والتنمية فيه من هذه الموارد، ناهيك عن ممارسة الغش التجاري، وأيضا ضياع مئات الآلاف من الفرص الوظيفية للموطنين. "البلاد" تفتح مجددا هذا الملف لأهميته، والتذكير، من خلال عدد من الاقتصاديين، بخطورة اقتصاد الظل، وأهمية استفادة مخالفي نظام مكافحة التستر من المهلة التصحيحية واغتنام فرصتها. في البداية يقول المستشار المالي والإداري موفق الجفري: بعدما تحول التستر التجاري إلى "سرطان" ينهش في اقتصاد الوطن" كما وصفه معالي وزير التجارة الدكتور ماجد القصبي، بات يشهد طرق علاج غير تقليدية "من خارج الصندوق" وهو مانفذته الوزارة والبرنامج الوطني بالتنسيق مع الوزارات والأجهزة ذات الصلة، عندما استعانت بالذكاء الاصطناعي لمواجهة هذه الآفة الخطيرة ، بسبب بحث البعض عن طرق غير سوية للمكسب والسير في اتجاه مخالف.. حتى لو جاءت على حساب الوطن ، لكن مع سياسية "الجزرة" لفترة المهلة، تم منح فرص ذهبية للمتسترين حتى يراجعوا أنفسهم ويصححوا أوضاعهم. ويضيف: لقد استندت وزارة التجارة على جدار الدولة المتين بهيبتها وثقلها، وأطلقت نظام مكافحة التستر بثوبه الجديد، فتم تغليظ العقوبة لتصل إلى 5 سنوات سجن، وغرامة مالية تصل إلى خمسة ملايين ريال، والجديد هو ما فعلته مؤخراً خلال فترة تحديث النظام من خلال الاستعانة بالذكاء الاصطناعي بوصفه أحدث سبل التقنية الجديدة التي يأخذ بها العالم المتطور. لامجال للتحايل ويتفق المهندس والاقتصادي أحمد فلاح الرويلي مع ماسبق قائلا: لن يجد المخالفون والمتسترون حججاً أخرى، بعدما مددت الدولة ممثلة في وزارة التجارة فترة التصحيح التي بدأت منذ أكثر من عام كامل، منحت الجميع فرصة أخرى تستمر 6 أشهر تنتهي في 16 فبراير المقبل ، لإنهاء بعض الأوضاع التجارية المتشابكة لاجتثاث التستر من جذوره، وأتاحت الفترة الجديدة خيارات متعددة قبل إيقاع العقوبات النظامية الغليظة على المخالفين ، مؤكدا أنه في ظل إرادة الدولة على حماية المقدرات الاقتصادية والصالح العام ، لم يعد مسموحاً في هذا الوطن العزيز ، تمرير عمليات التحايل والتضليل التي اتبعها البعض بقصد أو بدون قصد في السوق السعودي سنوات طويلة، ولن يكون هناك مكان للفاسدين، كما أكد عراب رؤية الوطن، سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان،حفظه الله ، وستضرب الدولة بيد من حديد على جرائم المخالفين ، لذا على المتحايلين أن ينتهزوا الفرصة قبل فوات الأوان. تجفيف الدهاليز ومن جانبه أكد المحامي والمستشار القانوني ماجد الأحمري، أن قضايا التستر التجاري إحدى أهم التحديات التي ظل يعاني منها الاقتصاد السعودي؛ فهي تستنزف جزءاً مهماً من سيولته التي تحول للخارج بمئات المليارات، وتتسبب في كثير من المشكلات القانونية والمخالفات المالية المؤثرة. لم تعد القضية معزولة عن جذورها الاقتصادية والمالية والأمنية والمجتمعية. ويضيف:أحسب أن نظام مكافحة التستر الجديد الذي أقره مجلس الوزراء، سيسهم في تجفيف منابع التستر وأنشطة اقتصاد الظل ، خاصة وأن النظام الجديد المعني بمكافحة التستر، يشتمل على المعالجة القانونية والجزائية الدقيقة والحازمة للمنخرطين في عملياته التي تعد جرائم بحق الوطن. قضايا وعقوبات مؤخرا كشفت وزارة التجارة عن إحالتها 585 قضية تستر تجاري إلى النيابة العامة منذ بداية العام 2021، وحتى نهاية شهر أغسطس. فيما نفذت الفرق الرقابية للوزارة خلال الفترة ذاتها أكثر من 21 ألف جولة على المنشآت التجارية والأسواق في مختلف مناطق المملكة، وذلك للتحقق من التزامها بنظام مكافحة التستر التجاري. وأبانت الوزارة بأن التستر التجاري هو تمكين غير السعودي من العمل لحسابه الخاص بواسطة السعودي أو المستثمر الأجنبي في نشاط محظور عليه، سواءً كان ذلك عن طريق استعمال اسمه، أو ترخيصه أو سجله التجاري أو بأي طريقة أخرى. وضمن ما ينص عليه نظام عقوبات التستر التجاري، السجن مدة تصل إلى 5 سنوات، أو بغرامة تصل إلى 5 ملايين ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين، وتتعدد الغرامة بتعدد الأشخاص المخالفين، مع نشر قرار العقوبة على نفقة المخالف، وشطب السجل التجاري وإلغاء الترخيص وتصفية الأعمال الخاصة بالنشاط محل المخالفة، والمنع من مزاولة النشاط نفسه مدة لا تزيد على خمس سنوات.