بعدما تحول التستر التجاري إلى "سرطان ينهش في اقتصاد هذا الوطن" كما وصفه معالي وزير التجارة الدكتور ماجد القصبي، بات من الضروري البحث عن طرق علاج غير تقليدية "من خارج الصندوق" وهو ما لجأت إليه الوزارة بالفعل عندما استعانت بالذكاء الاصطناعي لمواجهة هذه الآفة الخطيرة التي تعد مرض العصر، بسبب بحث البعض عن طرق غير سوية للمكسب والسير في اتجاه مخالف.. حتى لو جاءت على حساب الوطن! استفحلت الظاهرة لأسباب عديدة قديمة ومتراكمة، وتحولت إلى ظاهرة عجزت وزارات التجارة المتتالية في التصدي لها أو القضاء عليها، حتى جاء الوزير الاستثنائي الدكتور ماجد القصبي، قادماً من قلب هذا السوق المليء بالخبايا والأسرار، جاء مختلفاُ في كل شيء، لأنه لم يمسك بالعصا في مواجهة المخالفين ويكتفي بتشديد وتغليظ العقوبات فقط، بل استخدم سياسية "العصا والجزرة"، منح فرص ذهبية طويلة للتجار الذين ورثوا هذه التركة الخربة من المخالفات، أعطاهم الوقت حتى يراجعوا أنفسهم ويصححوا أوضاعهم. استندت وزارة التجارة على جدار الدولة المتين بهيبتها وثقلها، وأطلقت نظام التستر بثوبه الجديد، فتم تغليظ العقوبة لتصل إلى 5 سنوات سجناً، وغرامة مالية تصل إلى خمسة ملايين ريال، لكن الجديد والمثير هو ما فعلته مؤخراً خلال فترة تحديث النظام من خلال الاستعانة بالذكاء الاصطناعي بوصفه أحدث سبل التقنية الجديدة التي يأخذ بها العالم المتطور. سيعمل الذكاء الاصطناعي بلا قلب، فهو آلة لا تعرف المجاملة أو المحاباة لأحد، وسيكون رقيباً على الحركة الاقتصادية والمال والعمال من خلال علم البيانات، كما أكد الدكتور ماجد القصبي في مؤتمره الصحفي الأخير، الذي عاد خلاله لتقديم "الجزرة" للجميع أملاً في تصحيح الأوضاع وتطهير السوق من المتسترين، فوعد بأن الجميع سيجد ما يسره في نظام مكافحة التستر، دون أن يعيد التأكيد على ضرورة أن يهب السعوديون على قلب رجل واحد لمواجهة (سرطان التستر).. كما أسماه. لن يجد المخالفون والمتسترون حججاً أخرى، بعدما مددت الدولة ممثلة في وزارة التجارة فترة التصحيح التي بدأت منذ أكثر من عام كامل، منحت الجميع فرصة أخرى تستمر 6 أشهر تنتهي في 16 فبراير المقبل 2022، لإنهاء بعض الأوضاع التجارية المتشابكة لاجتثاث التستر من جذوره، وأتاحت الفترة الجديدة خيارات متعددة قبل إيقاع العقوبات النظامية الغليظة على المخالفين والتي تصل إلى السجن 5 سنوات والغرامة 5 ملايين. لم يعد مسموحاً في هذا الوطن تمرير عمليات التحايل والتضليل التي اتبعها البعض بقصد أو بدون قصد في السوق السعودي سنوات طويلة، ولن يكون هناك مكان للفاسدين، كما أكد عراب رؤية الوطن وولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، وستضرب الدولة بيد من حديد في مواجهة المخالفين.. وعلى الجميع أن ينتهز الفرصة.. قبل فوات الأوان. حامد عمر العطاس