استدعت وزارة الخارجية، أمس (الأربعاء)، السفير اللبناني بالمملكة لتسليمه مذكرة احتجاج رسمية بخصوص تصريحات وزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي المسيئة والمتحيزة لمليشيا الحوثي الإرهابية. وقالت الخارجية في بيان لها: إشارةً إلى التصريحات المسيئة الصادرة من وزير الإعلام اللبناني، حيال جهود تحالف دعم الشرعية في اليمن التي تقودها المملكة العربية السعودية. فإن وزارة الخارجية، إذ تعرب عن أسفها لما تضمنته تلك التصريحات من إساءات تجاه المملكة ودول تحالف دعم الشرعية في اليمن، والتي تعد تحيزاً واضحاً لمليشيا الحوثي الإرهابية المهددة لأمن واستقرار المنطقة. وتؤكد مجددًا بأن تلك التصريحات تتنافى مع أبسط الأعراف السياسية ولا تنسجم مع العلاقات التاريخية بين الشعبين الشقيقين. ونظرًا لما قد يترتب على تلك التصريحات المسيئة من تبعات على العلاقات بين البلدين؛ فقد استدعت وزارة الخارجية اليوم سفير الجمهورية اللبنانية لدى المملكة العربية السعودية وتم تسليمه مذكرة احتجاج رسمية بهذا الخصوص". وأعرب الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية نايف فلاح مبارك الحجرف، عن رفضه التام لتصريحات وزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي حول حرب اليمن، مطالبا إياه بالاعتذار. وقال بيان لمجلس التعاون الخليجي: الحجرف أعلن عن رفضه التام جملة وتفصيلا لتصريحات وزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي، والتي تعكس فهما قاصرا وقراءة سطحية للأحداث في اليمن، واستنكر تعرض الوزير اللبناني للمملكة التي تقود التحالف العربي لدعم الشرعية اليمنية، والإمارات، خلال حديثه متهما إياهم بالاعتداء على اليمن، في الوقت الذي يعمل التحالف العربي لدعم الشرعية على إعادة الأمور إلى نصابها الصحيح قبل الانقلاب الحوثي على الشرعية في سبتمبر 2014″. وأضاف البيان: "طالب الأمين العام وزير الإعلام اللبناني بالرجوع إلى الحقائق التاريخية وقراءة تسلسلها ليتضح له حجم الدعم الكبير الذي تقدمه دول التحالف العربي بقيادة المملكة لدعم الشرعية للشعب اليمني في كافة المجالات والميادين، وذلك بهدف الوصول إلى حل شامل للأزمة اليمنية وفقا للمرجعيات الثلاث المتمثلة بالمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ومخرجات الحوار اليمني، وقرار مجلس الأمن رقم 2216". واستنكر الحجرف دفاع وزير الإعلام اللبناني عن جماعة الحوثي الانقلابية في الوقت الذي يتجاهل فيه تعنت الحوثي ضد كل الجهود الدولية الرامية لإنهاء الازمة اليمنية، وفي الوقت الذي تستهدف جماعة الحوثي المملكة العربية السعودية بالصواريخ والمسيرات، وفي الوقت الذي تستهدف جماعة الحوثي أبناء الشعب اليمني الأعزل وتمنع وصول المساعدات الإغاثية للمناطق المنكوبة، مطالبا إياه بالاعتذار عما صدر منه من تصريحات مرفوضة. وطالب لبنان بتوضح موقفها تجاه تلك التصريحات. من جهتها، استنكرت الإمارات بشدة التصريحات التي أدلى بها وزير الإعلام اللبناني، معربة عن استهجانها الشديد إزاء هذه التصريحات المشينة والمتحيزة، التي أدلى بها قرداحي والتي أساءت إلى دول تحالف دعم الشرعية في اليمن، كما استدعت وزارة الخارجية والتعاون الدولي سفير الجمهورية اللبنانية لدى الدولة، وأبلغته احتجاجها واستنكارها على هذه التصريحات التي تعد مهاترات تتنافى مع الأعراف الدبلوماسية وتاريخ علاقات لبنان مع دول التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن، وتنم عن الابتعاد المتزايد للبنان عن أشقائه العرب. بدورها، قالت وزارة الخارجية الكويتية، إنها استدعت القائم بالأعمال اللبناني للاحتجاج على تصريحات قرداحي، بينما استدعت وزارة الخارجية البحرينية، السفير اللبناني لدى المملكة، وسلمته مذكرة احتجاج بشأن تصريحات قرداحي حول الحرب في اليمن، مؤكدة في مذكرتها أن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبتها جماعة الحوثي الإرهابية، بحق الجمهورية اليمنية وشعبها الشقيق، واعتداءاتها المستمرة على المملكة، منذ انقلابها غير الشرعي على الحكومة، تدحض هذه التصريحات غير المسؤولة التي خالفت الأعراف الدبلوماسية. وأشارت المذكرة إلى أن هذه التصريحات، مثلت أيضاً إساءة مقصودة لدول تحالف دعم الشرعية في اليمن، وتجاهلت المبادئ والقيم التي تحكم العلاقات الأخوية بين الدول العربية. إلى ذلك، أعلن وزير الخارجية اليمني أحمد عوض بن مبارك، أنه وجّه سفير بلاده في بيروت بتسليم الخارجية اللبنانية رسالة استنكار على التصريحات الصادرة عن قرداحي. من جهته، أكد السياسي والعضو السابق في البرلمان اللبناني الدكتور مصطفى علوش، أن تصريحات قرداحي فضيحة جديدة للحكومة اللبنانية من هذا الوزير المعروف بانتمائه وواقع خلفياته في السياسة، مؤكدا أن تصريحاته مصيبة جديدة على لبنان الذي يسعى للخروج من عزلته عن الدول العربية الشقيقة وليس لمزيد من الانعزال، لافتا إلى أن الأكثرية الساحقة في لبنان تعترف لدول الخليج العربي بافضالها على لبنان وشعبه، وتدين بالاعتذار للمملكة والدول العربية. وأضاف: "طريق الإصلاح يتمثل في إقالة الوزير قرداحي بأسرع ما يمكن". واعتبر النائب بلال عبد الله، أن لبنان ليس بحاجة لتراكمات سلبية جديدة، مؤكدا أن الشعب اللبناني يرفض تصريحات جورج قرداحي. وأضاف: "نحن في حزب التقدم الاشتراكي نعتبر أن ما قدمته الدول العربية وفي مقدمتها الدول الخليجية وعلى رأسها المملكة للبنان أثناء الأزمات والمحن كبير جداً ولا يقدر بثمن، فهم من ساهموا في وقف الحرب الأهلية، وأصبح اتفاق الطائف دستور جديد للبلد، كما ساهمت في إعادة إعمار لبنان بعد الحرب، وهذا مثبت ولا يمكن لأحد إنكاره"، مشيرا إلى أن أهمية المحافظة على العلاقات التاريخية بين لبنان والمملكة ودول الخليج، مبيناً أن لبنان بحاجة حالية لتعميق تلك العلاقة ولدعمها ورعايتها وأن المطلوب جهود استثنائية لإعادة ما تهدم من عامل ثقة مشترك بين لبنان وعمقه العربي. في السياق ذاته، قال المفتش العام المساعد لدار الفتوى في الجمهورية اللبنانية الدكتور حسن مرعب، إن تصريحات جورج قرداحي المسيئة مدانة، ومستنكرة، وأثارت حفيظة اللبنانيين، ففي الوقت الذي يتطلب منصب قرداحي المساهمة في تقريب لبنان من عمقه العربي لإنقاذه من أزمته اتجه للوقوف إلى جانب الإرهابيين ودعمهم، مطالبا رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي بضرورة إقالته وفي حال عدم اتخاذ هذا القرار يرى أن الحكومة ستكون بأكملها محسوبة على الحوثي، ولا تمثل اللبنانيين، وستكون معزولة. وأضاف "لايعادي السعودية وينكر خيرها وفضل أياديها البيضاء إلا جاحد، ونرى أن هذه التصريحات تشكل خيبة أمل بالنسبة لللبنانيين من هذه الحكومة ومستقبلها وما ستقدمه للبنان". ولفت مستشار رئيس حزب القوات اللبنانية للعلاقات الخارجية إيلي خوري، إلى أن هذه التصريحات مؤسفة ومعيبة خاصة مع تكرار مثل هذه المواقف من بعض المسؤولين في الحكومات اللبنانية المتعاقبة، مشيراً أن وزير الإعلام لم يعبر عن رأي اللبنانين بتصريحه الغريب، لأن الجميع لا ينكر فضل المملكة على لبنان، فهي لاتزال تقف إلى جانب الشعب اللبناني في مختلف أزماته، مشددا على أهمية محاسبة الوزير على ما اقترفه من خطأ فادح. إلى ذلك، قال الوزير اللبناني السابق إيلي ماروني: "ما أدلى به وزير الإعلام جورج قرداحي مستنكر، لما فيه من إساءات لعلاقة لبنان بدول الخليج ولا سيما المملكة، وجاء الاستنكار نظرا لما يربط لبنان بالسعودية من علاقات تاريخية ولما تقوم به المملكة من دعم دائم لسيادة لبنان واستقلاله واقتصاده وسياحته"، مؤكداً أن المملكة قدمت المساعدات للبنان وساهمت في صموده، مشيرا أن من الضرورة تقتضي إقالة وزير الإعلام جورج قرداحي كاعتذار من الحكومة عن الخطأ الجسيم الذي ارتكبه، إذ لا يعقل أن يسهم قرداحي في قيادة البلاد إلى عزلة عربية وهي في أمس الحاجة لعلاقات مميزة مع أشقائها.