تواجه النساء الأفغانيات صنوفا من التعنيف الذي ازداد مع استيلاء حركة طالبان على السلطة، إذ أكدت دراسة حديثة أن نصف نساء أفغانستان يعانين من العنف وأبلغن عن تعرضهن للاعتداء الجسدي، بينما 59 % منهن مرتبطات قسرياً، ما يخالف القانون التاريخي لعام 2009 بشأن القضاء على العنف ضد المرأة. وتقول إحدى النساء المعنفات التي تعيش في أحد ملاجئ العاصمة كابل، بعد سيطرة حركة طالبان على المدينة: : "لا أعرف إلى أين أذهب"زاري"، وذلك في ظل مصير مجهول ينتظرهن كغيرهن من النساء الأفغانيات، فبين عشية وضحاها، تحول المبنى الذي يؤوي زاري من ملاذها الآمن إلى مكان خطير، حيث تعرضت للتهديد من قبل الموظفين الجدد الموالين لطالبان الذين هددوا حياتها. وكانت زاري، وفقا لصحيفة "الغارديان" البريطانية، إحدى النساء المعنفات، تبلغ من العمر سبع سنوات عندما مات والداها، ما أجبرها على الانتقال للعيش مع عمها، لكن عندما توفي بعد أربع سنوات، تعرضت للضرب من أرملته وأجبرتها على العمل لساعات طويلة في نسج السجاد وخلال سنوات مراهقتها، حاولت زاري الانتحار. وبعد محاولتها الانتحار، انتقلت الفتاة، البالغة من العمر الآن 28 عاماً، إلى ملجأ للنساء المعنفات. وعلى مدى السنوات الثماني الماضية، كوّنت صداقات وتعلمت خياطة الملابس، وفي النهاية علمت الأخريات أن يفعلن الشيء نفسه، لكن مع سيطرة طالبان الآن على أفغانستان، فإنها تخاطر بفقدان كل شيء مرة أخرى. وبدأت القصة بعد فترة وجيزة من وصول طالبان إلى السلطة في منتصف أغسطس الماضي، حيث أرسل الملجأ الصغير العديد من قاطنيه إلى منازلهم ولم يتبق سوى زاري وأربع نساء أخريات ليس لهن أسرة، فالملجأ هذا واحد من حوالي 30 منشأة من هذا النوع في أفغانستان، أسسوا على مدار ال20 عاماً الماضية، حيث تم حل معظم قضايا النساء في غضون أشهر، لكن بعضهن أمضين سنوات في الملجأ، وتعلمن مهارات جديدة حتى يتمكنّ من إعادة الاندماج في المجتمع. وعلى مدار الأسابيع الستة الماضية، اختفى شريان الحياة في هذه الملاجئ تقريباً حيث أغلقت معظمها بناء على طلب طالبان. ويعني ذلك أن النساء أعدن إلى منازلهن، وغالباً ما يتم إعادتهن إلى المعتدين عليهن، أو نقلهن إلى أماكن سرية. وبالنسبة لأولئك اللواتي ما زلن يعملن، مثل زاري، فإن المستقبل مجهول وغير مضمون. فيما قالت الناشطة المخضرمة في مجال حقوق المرأة ومديرة ملجأ ل30 امرأة في كابل، محبوبة سراج، إن طالبان ما تزال تفكر فيما يجب فعله حيال ملاجئ النساء. وأضافت "إنهم يخشون أن تغادر النساء الملاجئ، وينتهي بهم الأمر في الشوارع". وقبل أسبوعين، زار 15 من ضباط شرطة طالبان، بما في ذلك الشرطة السرية، الملجأ الذي تديره سراج على مدار عدة أيام، وسجلوا أسماء السكان وتطفلوا حولهم. وأضافت أن النساء كن يغطين وجوههن حتى لا يمكن التعرف عليهن. وتتوالى المآسي الإنسانية في أفغانستان، حيث باعت امرأة أفغانية نزحت من إقليم بغلان إلى كابل بسبب القتال قبل سقوط العاصمة الأفغانية في يد حركة طالبان أغسطس الماضي، طفلها البالغ من العمر سنة ونصفا بسبب الفقر. وقالت الأم ليلوما، التي تعيش في خيمة في كابل، إنه لم يكن أمامها خيار سوى بيع رضيعها لعلاج ابنتها المريضة البالغة من العمر 13 عامًا، موضحة أنها باعت طفلها مقابل (335 دولارًا)، وأن زوجها مفقود منذ العام الماضي. وقالت: "لم يكن لدي خيار سوى بيع طفلي مقابل 30 ألفا بالعملة المحلية لأن لا أحد يريد شراء الصغير"، وفق تقرير نقلته قناة "طلوع نيوز" الأفغانية. وتعيش العائلات النازحة في أجزاء مختلفة من العاصمة الأفغانية تحت الخيام، وقالوا إن أطفالهم يمرضون مع برودة الطقس، مؤكدين أنهم لم يتلقوا أي مساعدة من وزارة اللاجئين، كما أشار التقرير إلى أن أشخاصا من وزارة اللاجئين زاروا المخيمات وأجروا دراسة استقصائية، لكنهم لم يقدموا أي مساعدة حتى الآن. وقالت عائشة وهي نازحة من تخار "سوف نتضور جوعا إذا استمر هذا الوضع"، بينما يعيش عدد كبير من العائلات النازحة تحت الخيام في كابل، بعد أن تم تهجيرهم قبل سقوط الحكومة في يد حركة طالبان.