وسط مخاوف دولية، وهلع محلي مما يجري في أفغانستان عقب التغييرات الأخيرة، أطلقت حركة طالبان تطمينات للداخل والخارج بأنها لا تريد استمرار الحرب في البلاد، مع العمل على وضع نظام إسلامي شامل، وتأمين المقرات الحكومية والمطارات، على أمل الاندماج في المجتمع الدولي، الذي أبدى بعض المخاوف حيال التزام طالبان بتعهداتها. وقال المتحدث باسم طالبان ذبيح الله مجاهد في مؤتمر صحفي أمس (الثلاثاء)، إن أفغانستان مرة أخرى تمر بمرحلة حساسة، مشيرا إلى أن الحركة لا تريد استمرار الحرب، مؤكداً أنه سيتم السماح للنساء بالتعليم وارتياد الجامعات، وذلك بعد إصدار الحركة ل"عفو عام" عن كل موظفي الدولة، مبينا أن هناك استشارات ستنتهي في غضون يومين إلى 3 أيام لاختيار من سيقود أفغانستان، مشددا على أن "الحركة ملتزمة بكل التعهدات التي قدمتها"، فيما قال عضو اللجنة الثقافية بحركة طالبان: "لا نريد أن تكون النساء ضحايا"، في الوقت الذي تؤكد فيه الأممالمتحدة وجود تقارير عن انتهاكات بحق النساء في أفغانستان بعد سيطرة طالبان على معظم البلاد. وشددت الأممالمتحدة خلال مؤتمر صحفي أمس في جنيف، على أنه "يتوجب على طالبان الالتزام باحترام حقوق الإنسان"، داعية المتحدة المجتمع الدولي "لتقديم الدعم للأفغان الذين يتعرضون للخطر"، كما حث حركة طالبان على الوفاء "بوعودها"، بما في ذلك تعهداتها بمنح عفو للعاملين السابقين بالحكومة الأفغانية، ودمج النساء والسماح للفتيات بمواصلة التعليم. وقال المتحدث باسم مكتب الأممالمتحدة لحقوق الإنسان روبرت كولفيل: "أصدرت طالبان عدداً من التصريحات التي تبدو مطمئنة على السطح. لكن أفعالهم تتحدث بشكل أعمق من الكلمات، ولا يزال الوقت مبكراً جداً لإصدار حكم. وعود طالبان يجب الالتزام بها". وألمح كولفيل إلى التعليقات التي أدلى بها الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيرش حول "تقارير مروعة" عن انتهاكات حقوق الإنسان والقيود المفروضة على الحقوق – خاصة تلك المتعلقة بالنساء والفتيات – في المناطق التي استولت عليها طالبان، فيما حذرت ممثلة مفوضية اللاجئين من "انتهاكات حقوق النساء والمدنيين في أفغانستان"، بينما قالت منظمة الطفولة "يونيسف" إن 550 طفلاً قتلوا وأصيبوا في أفغانستان جراء القتال الأخير، معتبرة أن "أفغانستان أصبحت مكاناً صعباً للعيش بالنسبة للأطفال". من جهته، يرى الأمين العام لحلف الناتو أن "الوضع في أفغانستان خطير وغير متوقع"، مشددا على أهمية منع ظهور تنظيمات إرهابية في أفغانستان، لافتا إلى أن العالم يراقب ما يحدث وسيستمر في دعم الاستقرار والسلام في أفغانستان. وفيما رفضت روسيا التعامل مع حركة طالبان، أكد وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف، أن "الوضع بعد انسحاب الولاياتالمتحدة وحلف الناتو من أفغانستان ينهار"، مشدداً على أن هذا الوضع يحتاج للتعاون بين روسيا والغرب، مطالبا الحركة بإثبات تصريحاتها عملياً حول استعدادها لاحترام آراء الآخرين. بالمقابل، أعلنت الحكومة الألمانية أمس تعليق مساعداتها التنموية لأفغانستان التي باتت تسيطر عليها حركة طالبان. وقال وزير التنمية غيرد مولر في مقابلة مع صحيفة "رينيش بوست" إن "التعاون الحكومي من أجل التنمية معلق في الوقت الحالي" بين كابل وبرلين، فيما أكدت بريطانيا ضرورة التعاون العالمي بشأن الحاجة الملحة لإجلاء الرعايا الأجانب وغيرهم من أفغانستان. إلى ذلك، حذرت أوزبكستان، من أي محاولة لاختراق حدودها مع أفغانستان التي تبحث سبل تأمينها مع طالبان، في ضوء حرص الجمهورية السوفياتية السابقة على تجنب زعزعة الاستقرار في المنطقة، معلنة أنها أجبرت 46 طائرة ومروحية أفغانية عبرت الحدود على "الهبوط". وقالت وزارة الخارجية الأوزبكية: "نعلن بكل حزم أن أي محاولة لانتهاك الحدود الوطنية سيتم صدها بقوة".