كثرت الحوارات والنقاشات واختلفت وجهات النظر في تنظيم الحياة الأسرية وما ينتابها من مشكلات وصعوبات يترتب عليها آثار قد تكون غير محمودة تدمر استقرار هذه الأسرة، فلم يبق أحد من سكان الكرة الأرضية إلا وأدلى بدلوه، ما بين مستفسر وناصح ومجرب ومستشار، بما فيهم ذلك الذي ليس له لا ناقة ولا بعير إنما حتى لا يقال إنه لا يفقه شيئاً وأنه " بيهز دماغه" فقط، ونتج عن تلك النقاشات وضع مجموعة من الأسباب اصبحت مسلّمات عند البعض يتشدق بها كل من أراد أن يحارب مشكلة بحد ذاتها، فلم يسلم الأمر من العلاقة الزوجية، مروراً بتنظيم الإنجاب، ثم تربية الأبناء – إن وجدوا- ، والحقوق والواجبات والأولويات، دون النظر في أن هذه الأسرة تتكون من أفراد من البشر، وأن البشر لا يمكن تعميم الأحكام عليهم لاختلافهم واختلاف ظروفهم بتأثير المجتمع المحيط والبيئة والموروث العرقي والثقافي الذي أوجد الاختلاف بيننا، وقوفاً على موضوع الأولويات. في حلقة من حلقات برنامج حواري ما للأسرة على التلفاز .. ذكر الضيف – وكان طبيباً نفسياً – أن على الزوجة أن ترتب أولوياتها في أربعة مراكز، فتضع في المركز الأول نفسها ثم وظيفتها ثم أبناءها ثم زوجها. لا أعلم من أين أتى هذا الطبيب بهذا الترتيب، وهل له قاعدة في علم النفس أم أنه اجتهاد شخصي وإن كان الأخير فلماذا التعميم..؟ لعل السبب يعود لما عانته المرأة على مر العصور من هضم لحقوقها تجاه نفسها وتهميش اهتماماتها واحتياجاتها في الحياة، مما جعل فئة تظهر تحاول إرجاع ذاك الحق المسلوب مرسخين داخل نفوس الزوجات والأمهات مبدأ حب الذات والأنانية التي جعلتها تنظر للأمر بتطرف بحت فتحولت من سيدة تؤُثر بيتها وأبناءها وزوجها على نفسها إلى سيدة لا يهمها سوى نفسها ثم نفسها ثم نفسها ويليها الجميع بمن فيهم زوجها وأبناؤها. من منظوري لا توجد قاعدة ثابتة نستطيع أن نطبق عليها قالبا محددا فيما يخص الأسرة ومجموعة أولوياتها بل أننا قد لا نستطيع أن نجرب ذلك لنفس الأسرة في زمن آخر فلا يمكننا أن نجزم بضرورة خروج الزوجة للعمل وجعله في المقام الأول ولا أن نسلبها حقها في ذلك الشأن بحجة إن استقرار الأسرة سيختل بخروجها في الأخير لكل أسرة ظروفها التي تجعلها ترتب أولوياتها عليها.