لطالما اتسمت العلاقات السعودية العمانية التاريخية بالمتانة وذلك للكثير من الروابط وخصوصية الجوار الجغرافي، فكانت اللقاءات والزيارات الأخوية المتبادلة بين مسؤولي البلدين وتواصل قيادتي الرياض ومسقط على الدوام دليلا على عمق العلاقات الثنائية، ولعل الزيارة الأخيرة لوزير خارجية المملكة الأمير فيصل بن فرحان إلى سلطنة عمان والمباحثات الهامة التي أجراها، إضافة إلى التنسيق المستمر بين البلدين في عدة قضايا دولية وإقليمية دليل على ازدهار العلاقات. وانطلاقاً من رؤية المملكة العربية السعودية 2030 ورؤية سلطنة عمان 2040 الطموحتين، يشهد البلدان الشقيقان مرحلة جديدة من التعاون والشراكة الثنائية بدعم القيادتين وذلك تحقيقا لمصلحة الشعبين والمنطقة بأكملها انطلاقا لآفاق أوسع لتعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية مع التركيز على الأنشطة غير النفطية والسياحية، خاصة أن المملكة من أهم الشركاء التجاريين للسلطنة وشريك استراتيجي في العديد من المشاريع الاقتصادية على أراضيها. مسؤولون ومثقفون عمانيون أكدوا ل "البلاد" أن زيارة جلالة السلطان هيثم بن طارق إلى المملكة العربية السعودية كأول زيارة خارجية له تأتي تأكيدا على المكانة الكبيرة التي يوليها للمملكة وقيادتها الحكيمة، وكذلك على متانة العلاقات الأخوية الراسخة بين البلدين. كما تذكر بأول زيارة خارجية للسلطان قابوس بن سعيد، طيب الله ثراه، بعد توليه الحكم التي كانت إلى العاصمة الرياض في ديسمبر عام 1971 تلبية لدعوة تلقاها من الملك فيصل بن عبدالعزيز آل سعود، رحمه الله، أعقبها عدة زيارات رسمية شهدت مباحثات أخوية لتعزيز التعاون العماني السعودي المشترك في مختلف المجالات. قال نبيل بن محمد الهادي رئيس قسم التحرير العربي بوكالة الأنباء العمانية والمشرف على الإعلام الالكتروني:" إن العلاقات العُمانية السعودية علاقات أخوية تاريخية مميزة حافظت على متانتها وتطورها الدائم في مختلف الجوانب سواء السياسية والاقتصادية والاجتماعية، واستندت على ثوابت وأسس راسخة بين البلدين الشقيقين، وقد رأينا متانة تلك العلاقات وعمقها عند قدوم الملك سلمان بن عبدالعزيز ملك المملكة العربية السعودية إلى السلطنة لتقديم واجب العزاء في وفاة السلطان الراحل قابوس بن سعيد بن تيمور، طيّب الله ثراه، وحفاوة استقبال جلالة السلطان هيثم بن طارق لخادم الحرمين الشريفين". مؤكدا أن العلاقات بين البلدين تشهد في هذه الفترة نموًّا وتطورًا في المجالات كافة لخدمة المصالح المشتركة بينهما، كما يرى أن الزيارة المتوقعة لجلالة السلطان هيثم بن طارق، حفظه الله ورعاه، ولقاءه بخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود يحملان طموحات الشعبين الشقيقين. لافتا إلى أن الأيام الماضية شهدت العديد من اللقاءات والمشاورات إلى جانب التنسيق بين المسؤولين في البلدين من أجل وضع رؤية لتطوير مجالات التعاون الاقتصادية والاستثمارية المشتركة وتعزيز التبادل التجاري وزيادة الفرص الاستثمارية والتركيز على الأنشطة غير النفطية اللوجستية والسياحية. في السياق، قال الملحق الإعلامي بسفارة سلطنة عُمان في أمريكا مروان البلوشي:" إن العلاقات العميقة بين سلطنة عُمان والمملكة العربية السعودية تتجاوز الأحداث الطارئة والقراءات الإقليمية الضيّقة وهي أصيلة راسخة". مؤكدا صلابة العلاقات الأخوية بين البلدين الشقيقين وقوة حالة التفاهم المشترك بالقضايا المصيرية. لافتا إلى أن هذه الزيارة تذكر الجميع بأول زيارة خارجية للسلطان قابوس بن سعيد، طيب الله ثراه، بعد توليه الحكم، والتي كانت إلى الرياض عام 1971 ، مشيرا إلى أن هذه الزيارة والتعاون المشترك سيعود بالنفع على المنطقة بشكل كامل. الإعلامي العماني خالد الزدجالي أكد أن الحديث عن العلاقات الأخوية المتينة بين البلدين حديث طويل وجميل فهي ضاربة في القدم تاريخية متجذرة تمتد إلى مئات السنين. مشيرا إلى أن اللقاء الوجداني الأخوي بين القيادة السعودية والعمانية ترجمة لعمق العلاقات بين البلدين إضافة إلى العلاقة المميزة بين البلدين الشقيقين. وأضاف: "اليوم تشهد العلاقات منعطفا آخر من هذه العلاقة القوية بين البلدين بقيادة جلالة السلطان هيثم بن طارق، وخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وتطورا كبيرا وتقاربا رائعا في مختلف المجالات، واليوم تتوج هذه العلاقة الأخوية بين البلدين وبين القيادتين بزيارة أخوية لجلالة السلطان هيثم بن طارق إلى المملكة العربية السعودية ولقاء خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، ولا شكأن هذه الزيارة لها منافع كثيرة على مختلف الأصعدة في البلدين وستتوج هذه الزيارة بتوقيع عدد من الاتفاقيات". من جانبه، أكد الدكتور محمد العريمي رئيس وكالة الانباء العمانية(سابقا) رئيس مجلس إدارة جمعية الصحفيين العمانية، الباحث والمهتم بالشأن السياسي الخليجي، أن العلاقات بين السلطنة والمملكة العربية السعودية اتسمت خلال الخمسين سنة الماضية " بالنضج السياسي العالي " بل والفريد من نوعه في المنطقة، التي أرسى دعائمها جلالة السلطان قابوس بن سعيد " طيب الله ثراه" و الملك فيصل بن عبدالعزيز، رحمه الله، في سبعينيات القرن الماضي و بالتحديد عام 1971م والتي تكللت بتوقيع اتفاقية الحدود بين البلدين الشقيقين عام 1990 م بحفر الباطن، ثم تبادل الوثائق لتلك الاتفاقية الموقعة في عام 1991 م أثناء زيارة المغفور له، بإذن الله، جلالة السلطان قابوس إلى المملكة، بحضور خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز، رحمة الله عليه. مؤكدا ل"البلاد" أن هذه الزيارة تأتي لتوثيق العلاقات المتينة بين البلدين والشعبين الشقيقين بالإضافة إلى تعزيز العلاقات الثنائية ذات الاهتمام المشترك بين السلطنة والمملكة، وهي كثيرة ومتعددة وفي شتى المجالات؛ أهمها ملف العلاقات الثنائية المشترك بين البلدين في المجالات السياسية والاقتصادية وغيرها من المجالات التي تهم مواطني البلدين الشقيقين. وتابع: "لا يختلف اثنان بأن السلطنة والمملكة العربية السعودية بثقليهما السياسي والاقتصادي والعسكري؛ إقليميا ودوليا يمثلان صمام الأمان لمنطقة الخليج بل و للعالم في المجموع، وهذه حقيقة ثابتة و معروفة لدى الجميع" . منوها إلى أن تعزيز وتطوير هذه العلاقات في المرحلة القادمة بلا شك سوف يسهم وبشكل كبير في تقديم المزيد من المساعدة في الملفات في المنطقة لافتا إلى أن الدولتين الشقيقتين قادرتان على تقديم وتحقيق الكثير لصالح مجلس التعاون ولصالح الأمن والاستقرار والازدهار لكل دول وشعوب المنطقة. وأوضح سالم بن حمد الجهوري نائب رئيس جمعية الصحفيين العمانية، أن زيارة جلالة السلطان هيثم بن طارق، حفظه الله، إلى المملكة العربية السعودية، تلبية لدعوة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، حفظه الله، التي تعد أول زيارة له منذ توليه مقاليد الأمور في السلطنة تعكس تلك المكانة الرفيعة بين البلدين والعلاقات التاريخية المتجذرة . سالم الجهوري وأضاف أن الشعبين ينتظران ما ستسفر عنه هذه الزيارة التاريخية من نتائج ليساهما في إكمال المسيرة المشتركة بينهما التي انطلقت قبل عقود، وشهدت العديد من الإنجازات الثنائية، وعلى مستوى دول المجلس وعربيا وعالميا. وقال: إن السلطنة والمملكة ركيزتا السلام في المنطقة ومؤثرتان على صعيد السياسة الدولية ويتمتعان بالحكمة والاتزان ولديهما القدرة على حلحلة العديد من الملفات الاقليمية والدولية، وهذا ما شهدته السنوات الماضية، كما أنهما متكاملان في العديد من المسارات السياسية والاقتصادية والاستثمارية والأمنية والعسكرية، ويملكان من الخبرة والحنكة في إدارة العديد من تلك الملفات. وتابع" افتتاح الطريق البري بين البلدين قريبا يعتبر الشريان الذي سيضخ الكثير من الإيجابيات، ولعل أبرزها التواصل الاجتماعي والاقتصادي والسياحي، وهذا ما سينعش الحركة والتواصل ويعظم المصالح بين الشعبين".