تنطلق المملكة إلى آفاق أرحب في مختلف المجالات، وتطور بيئتها التشريعية بما يتواكب مع أحدث التوجهات القانونية والممارسات القضائية الدولية الحديثة، ولا يتعارض في الوقت ذاته مع الأحكام الشرعية، وفقا لما أعلنه ولي العهد خلال الأسبوع المنصرم، مؤكدا أن عملية تطوير المنظومة التشريعية مستمرة في المملكة، ما يشير إلى أن السعودية ماضية نحو تعزيز الضمانات والحقوق لجميع المواطنين والمقيمين، باستحداث وإصلاح الأنظمة التي تحفظ الحقوق وتُرسِّخ مبادئ العدالة والشفافية وحماية حقوق الإنسان وتحقّق التنمية الشاملة. ويرى المحامي والمستشار الشرعي والقانوني، القاضي بديوان المظالم سابقاً، الدكتور فيصل بن سعد العصيمي، أن التشريعات الحديثة منارة هداية، وركن عدالة، وبصمة تطور في الأنظمة العدلية. وقال :"في ظل التطور الذي تعيشه المملكة في شتى المجالات، أصبح من الضروري مواكبة هذا التطور في الأنظمة العدلية، بجانبيها الإجرائي والموضوعي، فكانت هذه التشريعات بصمة في التاريخ العدلي؛ لتضع الصورة واضحة أمام الأفراد والمؤسسات والشركات والكيانات الشخصية والمعنوية فيما يعرض لها من مشكلات أو متطلبات عدلية، فيصبح من الممكن بعد هذه التشريعات التنبؤ بالأحكام القضائية، ويرتفع مستوى النزاهة، وتتمكن الجهات الرقابية من متابعة الفساد بكل شفافية". وطبقا للمحامي وعضو هيئة حقوق الإنسان الدكتور عبد الحكيم بن عبد الله الخرجي، فإن هذا التوجه من قيادات المملكة حلقة في سلسلة إصلاحات المنظومة القانونية، كجزء من رؤية المملكة 2030م، على نحو يعزز من المكانة التي تحتلها المملكة في محيطها الإقليمي والدولي، لافتًا إلى أن المتطلبات الاقتصادية والاجتماعية للعصر تحتاج لمنظومة قانونية تواكب التغيرات مما يعني أن هذا التوجه من قيادات المملكة خطوة في الطريق الصحيح. ولفت الخرجي، إلى أن موجة الإصلاحات التشريعية المزمع إجراؤها تُعد توجهًا محمودًا من قادة المملكة، وتسهم بشكل فعال في تحقيق أهداف رؤية المملكة 2030م، مشيرا إلى أن توحيد القواعد يشكل حجر الأساس للمنظومة القانونية في الدول الحديثة، وهي أداة فعالة في تنظيم العلاقات الاقتصادية والاجتماعية، ولها العديد من المزايا أبرزها: وضوح الصياغة، فالتشريع يصدر في شكل مكتوب وبألفاظ محددة سلفا بواسطة المشرع مما يسهل معه تحديد المراد بالنصوص، ويسهل التنبؤ بمخرجات القضية سلفًا ويحد من الدعاوى الكيدية وعدم إشغال مرفق القضاء بنزاعات غير مبررة، وكذلك صدوره عن سلطة مختصة تتولى وحدها تفسيره وتحديد المراد بكل نص ما يسهم بشكل فعال في تحقيق الوحدة القانونية والسياسية للدولة، فضلا عن السرعة والسهولة في وضعه كون السلطة المختصة يسهل عليها إصدار النصوص الضرورية كلما دعت الضرورة لذلك، بالإضافة إلى المرونة حيث يسهل على السلطة التشريعية تعديله أو تبديله أو إلغائه. وتابع :"يضاف إلى تلك المزايا، توحيد الحلول القانونية المتبعة والتقليل من أخطاء مرفق القضاء، فالتشريع المكتوب يسهم في توحيد الحلول المتبعة والحد من الاجتهادات الفردية والتقليل من أخطاء مرفق القضاء والحد من تضارب الأحكام القضائية، كما يوفر بيئة جاذبة للاستثمار، فالتشريع يوفر الثقة والطمأنينة للمستثمر، إذ يعطيه تصورا مسبقا عن المنظومة القانونية للدولة المستهدفة لضخ استثماراته فيها، وكذلك تحقيق الأمن والسلم الاجتماعيين". إلى ذلك أكد رئيس الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان وعميد كلية الحقوق بجامعة دار العلوم الدكتور مفلح ربيعان القحطاني، أن مشاريع الأنظمة التي أعلن عنها ولي العهد، تأتي في إطار الحراك التشريعي والتنظيمي الذي يقوده سموه. ويرى القحطاني، أن هذه الأنظمة ستحقق نقلة نوعية في البناء التشريعي في المملكة بعد صدورها وستساهم في حماية حقوق الإنسان وتعزز من مبادئ تحقيق العدالة، كما ستساعد على الشعور بالأمان القانوني في المجالات التي ستنظمها، فضلا عن الحد من الاجتهادات الفردية عند إصدار الأحكام وتقليل التباين فيما بينها، وكذلك الحد من طول مدة التقاضي، وستعمل على جذب الاستثمارات الأجنبية إلى المملكة وستحافظ على حقوق المرأة والطفل والأسرة بشكل عام.