تلعب جودة التعليم العالي في الجامعات دورًا محوريًا في النهوض بالعملية التعليمية والأعمال والمؤسسات والمجتمعات، كما يعزز نشر ثقافة الجودة في المجتمع المحيط بالجامعات مسيرة الدول في طريق التقدم والتنمية المستدامة وتحديث وتطوير القطاعات كافة وفق أعلى المعايير العالمية. لذلك يحتفل العالم خلال شهر نوفمبر من كل عام بالمساهمات القيمة للجودة في النهوض بالتعليم والمجتمعات، وتولي جامعة الأعمال والتكنولوجيا ممثلة بوكالة الجامعة للتطوير والجودة فعاليات شهر الجودة العالمي أهمية بالغة، لتعزيز وترسيخ ثقافة الجودة داخل وخارج الجامعة، عبر لقاءات افتراضية وندوات وجلسات حوار وورش عمل، بمشاركة خبراء محليين ودوليين بارزين ومهتمين بمجال الجودة والتميز في التعليم العالي. وفي السياق، ناقشت ندوة بعنوان "رحلة التميز لمؤسسات التعليم العالي في عصر المتغيرات"، بمشاركة خبراء محليين ودوليين، دور استراتيجيات مؤسسات التعليم العالي في الوصول الى التميز المؤسسي وبالأخص في زمن المتغيرات، لتحقيق أهداف مؤسسات التعليم العالي في توفير بيئة وتجربة تعليمية ثرية للمتعلمين، من خلال طرق حديثة وابداعية تراعي الثورة التقنية الحالية والمستقبلية. تعزيز ثقافة الجودة وأكد الدكتور وئام تونسي، وكيل الجامعة للتطوير والجودة وأستاذ إدارة الموارد البشرية المساعد بالجامعة، أن الجامعة من خلال احتفالها السنوي بفعاليات شهر الجودة تسعى إلى تعزيز ثقافة الجودة في مجتمع الجامعة والمجتمع المحلي، وفي هذا العام حرصت على استقطاب مشاركات نوعية لخبراء محليين ودوليين في مجال التعليم العالي، والتي من خلالها ساهمت في وضع توصيات تكاملية لكيفية المحافظة على رحلة التميز لمؤسسات التعليم العالي في عصر المتغيرات. وشدد على أهمية التفكير لما بعد الجائحة وكيفية العمل على خلق ممارسات وآليات عمل ونظم جودة مؤسسية تحولية تساهم في اندماج منسوبي مؤسسات التعليم العالي لإثراء التجربة التعليمية للمتعلمين بما يتناسب مع متغيرات ومتطلبات سوق العمل والمستقبل. آلية عمل لمتطلبات الاعتمادات ونوه الدكتور مارتن هينسون، المستشار الدولي في مجال الجودة والتميز المؤسسي ومراجع أكاديمي دولي لعدد من مؤسسات الاعتماد الوطنية والدولية، إلى أهمية إطلاع جهات الاعتماد الأكاديمي على أحدث الدراسات والبحوث المتخصصة في مجال الاعتمادات المؤسسية والبرامجية لمؤسسات التعليم العالي، وفتح قناة حوار دائم وبناء بينها وبين مؤسسات التعليم العالي للتواصل والتنسيق بخصوص إيجاد آلية عمل لمراجعة الإجراءات والمتطلبات المجهدة للإعتمادات. كما حث جهات الاعتماد الأكاديمي لمؤسسات التعليم العالي على تبني نهج حديث أكثر مرونة ومواءمة للمرحلة لإتاحة المجال للجامعات لتكون مرنة للتكيف مع المتغيرات والابتكار والإبداع والتميز. تحقيق التميز المؤسسي ودعت الدكتورة وفاء الكارح، الأستاذ المشارك وعضو منظمة (EFMD) ومديرة مركز الأعمال بجامعة الاخوين بالمملكة المغربية، مؤسسات التعليم العالي للعمل على خلق بيئات عمل تساهم في اندماج منسوبيها من موظفين وأكاديميين للتفاعل والمشاركة الفاعلة والبناءة في تبني استراتيجية وخطط وتوجهات المؤسسة التعليمية، والذي يساهم بشكل مباشر في تحقيق الأهداف المرجوة للمؤسسات التعليمية، التي تسعى إلى تحقيق التميز المؤسسي ورحلة تعليمية متميزة للمتعلمين. تحسين التجربة التعليمية وناشد الدكتور أحمد الكويتي، المشرف العام على عمادة الجودة والاعتماد الاكاديمي في جامعة الإمام عبدالرحمن بن فيصل، المؤسسات التعليمية بالحرص على معرفة ما يحفز ويحسن التجربة التعليمية التي يمر بها المتعلم، حيث أصبح الطالب مطلعًا على أحدث وسائل التكنولوجيا بسبب الانفتاح العالمي والرقمنة ومتغيرات الفترة التي نمر بها. ولفت إلى ضرورة حرص مؤسسات التعليم العالي ومنسوبيها في المملكة على الاطلاع على أحدث طرق الخدمات التعليمية، التي أصبحت تعتمد أكثر وأكثر على التقنية والتحول الرقمي والذكاء الاصطناعي، داعيًا إلى ترسيخ مبادئ ضمان الجودة والتطوير والتحسين المستمر المبني على ثقافة مؤسسية تساهم في تحقيق تجربة تعليمية متميزة. التعليم العالي ما بعد الجائحة وأثارت الدكتورة ناريمان حاج حمو، المديرة التنفيذيّة والمؤسسة لمركز الابتكارات التعليميّة وحلول المعرفة المتخصّصة في دولة الإمارات العربية المتحدة، تساؤلات عن مستقبل التعليم العالي ما بعد جائحة كورونا، وكيف يجب على المؤسسات التعليمية والهيئات الأكاديمية الحكومية والخاصة ، بعد الجائحة، التنبه لضرورة التحضير والتجهيز المسبق وتدريب الكفاءات التعليمية على أحدث وسائل التكنولوجيا وتوفير جميع الإمكانيات لخدمة العملية التعليمية، والاستثمار الأمثل للظروف الحالية في إعادة هيكلة العمليات والإجراءات أتمتتها بما يتناسب مع التطلعات المستقبلية للتجربة التعليمية. وطالبت بتكييف ممارسات الجودة العالمية مع المتطلبات المحلية، لمراعاة الفروقات الخاصة بمؤسسات التعليم العالي، وانتقاء الممكنات التي تتناسب مع الثقافات المحلية ومخرجات البيئة التعليمية المحلية. تغيير نمط التلقين المعلوماتي وكان الدكتور ويليام سبادي، صاحب نظريات ومؤسس لما يعرف ب "التعليم المبني على المخرجات"، والتي تتبناه العديد من مؤسسات التعليم العالي عالميًا، قد تحدث في محاضرة بعنوان "ماذا بعد التعليم المبني على مخرجات التعلم"، عن ضرورة تغيير نمط التفكير الحالي القائم على التلقين المعلوماتي بشكل كبير، و التركيز على كيفية تحقيق السمات الأساسية للخريج، والمخرجات الدائمة والتي تتواءم مع احتياجات العصر وسوق العمل والحياة بشكل عام، وذلك بمراعاة الفروقات التعليمية بين المتعلمين، وخلق بيئة تعليمية تمنح الفرص لاكتساب المهارات اللازمة للتطور اثناء المرحلة التعليمية، واكسابهم مهارات التعلم المستمر ما بعد التخرج، ليكونوا عناصر فعالة في المجتمع.