امتداداً لمقالي السابق (من ينتصر العلم ام كورونا؟)، اكمل نقاشي هذا و المتعلق بجائحة كورونا وكيف ستؤول اليه نهاية هذه الجائحة مع الجنس البشري؟ بداية، فيما يتعلق بالكائنات الدقيقة ومنها الفيروسات و التي ستكون هدفا لحديثي. نعلم ان الفيروسات سببت العديد من الأحداث المأساوية للجنس البشري من أمراض قاتلة و فتاكة! ومنها تلك الفيروسات التي تسبب امراضا للجهاز التنفسي. سوف أتحدث هنا ايضا عن دور علم العدوى والمناعة (ذلك كوني احد المتخصصين في هذا المجال) في التغلب على شراسة وعدوانية الفيروسات الممرضة عند مهاجمتها الجسم البشري! و كيف يقوم الجهاز المناعي للانسان بالدفاع والتغلب عليها! نعم، وهب الله جسد الإنسان جهازا مناعيا يستطيع مقاومة الميكروبات الدقيقه (ومنها الفيروسات)، هذا الجهاز مكون من العديد من المكونات خارجية كانت (الجلد مثلا) او داخلية (خلايا مناعية و جزيئات تتحرك في سائل الدم)، والحديث عن مكونات الجهاز المناعي ومختلف آليات عمله يطول، ولكن لابد أن ندرك ان العاملين في هذا المجال الحيوي (العدوى والمناعة) ونتيجة لابحاثهم العلمية ومختلف دراستهم في هذا المجال استطاعوا ان يصلوا الى العديد من الحقائق العلمية في فهم مختلف آليات عمل الجهاز المناعي البشري وكيفية التغلب على العديد من الفيروسات الممرضة للجنس البشري، كيف؟ اتاح لي بحثي العلمي في مرحلة الدكتوراه بجامعة جلاسكو (خلال ابتعاثي من قبل وزارة الصحة) والتى كانت منصبة في مجال صناعة اللقاحات، فرصة كبيرة في فهم الدور الكبير الذي يمكن الوصول اليه من خلال صناعة اللقاحات ضد الميكروبات الدقيقة (ومنها الفيروسات)، وذلك سواء كان بالتغلب عليها كلية او بابطاء و التقليل من تأثيرها الضار على الأجهزة الحيوية للجسد البشري. نعم، كان التحدي الكبير دائما الذي يواجه الباحثين في عملهم هو مع الفيروسات، حيث أن هذه الميكروبات لها القدرة على إحداث العديد من التغيرات او مايسمى الطفرات الجينية سواء في مكونات سطحها الخارجي وبالتالي في شكلها العام أو في تركيبها الجينومي! هذا التغير في الشكل عموما يسبب أحداث تغيير كامل في آليات عمل مكونات الجهاز المناعي ضد تلك الفيروسات الممرضة (وهنا تكمن صعوبة التعامل مع الفيروسات). باختصار، بفضل من الله عز وجل استطاع الباحثون من خلال تطبيقاتهم البحثية في الوصول لمراحل متقدمة في فهم ميكانيكية نشاط فيروس الانفلونزا خصوصا وكيفية تفاعل مكونات واليات الجهاز المناعي معه، هذا التقدم البحثي سوف يساعد الباحثون في المدى القريب في صناعة لقاحات فعالة ضد الفيروسات التي تسبب أمراض الجهاز التنفسي (خاصة في فصل الشتاء). أما في هذه المرحلة من نشاط الفيروس، فإن الالتزام التام بالتباعد الاجتماعي واتباع التوجيهات والنصائح الصحية سوف يساعد في ابطاء نشاط الفيروس، وبالتالي يكون هناك اكتساب تدريجي وازدياد في المناعة الجماعية (القطيع كما يطلق عليها) لدي الفرد وبالتالي المجتمع. استشاري العدوى والمناعة مستشفى مدينة الحجاج بالمدينة المنورة