في مثل هذه الظروف الاستثنائية التي ينتشر فيها فيروس كورونا في مختلف ارجاء العالم فإن العزل المنزلي يعد هو الخيار المنطقي لمواجهة هذه الجائحة العالمية. ولكن المكوث في المنزل فترة طويلة قد يولّد الملل والقلق، بالإضافة إلى فرض التواصل المستمر مع شريك الحياة، ما قد يتسبب باندلاع المشاكل الزوجية، خصوصا وأن بعض الازواج يحاولون قتل سيناريو الملل والعزل المنزلي بالتدخل في شؤون الزوجة واختصاصاتها بإدارة وترتيب بيت الزوجية الأمر الذي يفاقم من المشكلات وتصبح هذه "المناوشات" أكثر خطرا في وجود الأطفال في المنزل والذين ربما يستمعون إلى إسطوانة "الخناقات" بين والديهما مما يولد لهم حالة من القلق والخوف ، وفي سيناريوهات الدراما العربية هناك الكثير من المشاهد لأزواج يحاولون التدخل في شؤون البيت بدءا من المطبخ الى غيرها من التدخلات التي تثير المشكلات الزوجية. ( البلاد ) حملت الكثير من الأسئلة والهواجس حول العزل المنزلي وما يسببه من مشكلات بين الأزواج والتقت بعدد من المختصين والذين وضعوا "روشتات" مختصرة لتجاوز المشكلات الأسرية خلال فترة العزل المنزلي لافتين إلى أن كورونا بمثابة سلاح جديد للخلافات الزوجية كما أن العزل المنزلي عبارة عن "طلاق نفسي عند البعض" بين الزوجين كما دعوا الجميع الى ترويض النفس حتى تعبر هذه الأزمة بسلام. من الناحية الاقتصادية قال الدكتور عبد العزيز داغستاني رئيس دار الدراسات الاقتصادية بالرياض والمحلل المالي والاستشاري الاقتصادي لا شك أن هناك تأثيرات اقتصادية سلبية نتيجة جائحة فيروس كورونا طالت كل دول العالم وإن تفاوتت نسب التأثير، وإن طال التأثير الطبقات ذات الدخل المنخفض أو المحدود بشكل أكبر، ومن الطبيعي أن يكون لذلك تبعات اجتماعية وانعكاسات نفسية سلبية لدرجة أن أمين عام هيئة الأممالمتحدة طالب بحماية الزوجات من تزايد العنف الأسري. والمطلوب من الناس عامة ترويض النفس على مواجهة تداعيات هذا الوباء والإجراءات الاحترازية مثل منع التجول ولعل من ذلك الترويض التعود على بعض الأعمال المنزلية النافعة أو التي تجمع ما بين النفع والترفيه، كذلك قد تعمد بعض الأسر التي كانت تعمل في إطار ما يعرف بالأسر المنتجة على زيادة الوقت المخصص لها للعمل المنزلي وكسب الرزق، كذلك تعمل الأسر ذات الدخل المحدود على الاستفادة من المحفزات المالية التي قدمتها الحكومة لدعم المنشآت الفردية الصغيرة، وعموماً علينا التكيف مع هذه المتغيرات والتعامل معها بموضوعية بحيث لا تكون سبباً لمشكلات اجتماعية أو عائلية فيكون الوباء بلاء، وأن ندرك أن ما نتعرض له هو من قضاء الله وقدره وعلينا القبول والرضى بما كتبه وقسمه الله عز وجل. جوانب إبداعية واضاف داغستاني في كثير من الأوقات قد تكون الأزمات مفتاحاً لطاقاتنا الكامنة فنكتشف جوانب إبداعية قد نمتلكها ولم نكن ندركها، لذلك علينا أن نغلّب التفاؤل على التشاؤم. أما الدكتور طارق كوشك استاذ علم الاقتصاد بجامعة الملك عبد العزيز يرى أن الأمر لا يحتاج إلى نصائح بقدر ما هو في حاجة إلى الصبر حتى تنتهي هذه الجائحة حيث ان العالم من المتوقع ان يعاني نفسيا واقتصاديا واجتماعيا بهذه الازمة التي لم يشهد الناس مثيلا لها طيلة العقود الماضية. البيوت أسرار وعلى صعيد آخر كان من الضروري أن نتجه في هذا التحقيق إلى الجانب القانوني بالاستعانة بأحد القانونيين والمحاميين المتخصصين في قضايا الأحوال الشخصية والأسرية لنعرف إذا كان هناك قضايا طلاق أو عنف أسري في ظل هذه الأزمة، فقد أوضح المحامي والقانوني سيد الشنقيطي للبلاد قائلا: من خلال ما يردني من اتصالات الواضح أن أثر الأزمة على الوظائف أكبر من أي اثر آخر لها ، و أعتقد أن أثر الأزمة على القضايا الأسرية هو الاخف في الوقت الحالي وهذا لا يعني أنه ليس هناك حالات طلاق وعنف أسري فالبيوت أسرار غير معلومة و واضحة في هذه الأزمة ، ولم تردني أي استشارة تتعلق بقضايا الأحوال الشخصية طيلة الأسابيع الثلاث الماضية في أيام الحجر المنزلي ومنع التجول، مع العلم انه كان يردني ما لا يقل عن خمس مكالمات من أشخاص لم يسبق معرفتهم تتعلق بتلك القضايا أسبوعيا. التحليل النفسي الدكتورة فاطمة كعكي استشاري طب نفسي وإدمان بمستشفى الأمل بجدة تؤكد بقولها: نعم العزل المنزلي أو الحجر المنزلي أدى الي أمور ومشاكل نفسية عديدة. الحالة النفسية للزوجين في التعامل مع هذه الحالة، بين مفرط في التشاؤم ومفرط بالتفاؤل. القلق والتوتر سينعكس على السلوكيات والألفاظ في الغالب بطريقة سلبية. تواجد الأبناء في البيت طوال ساعات الليل والنهار من دون أية مهام يومية، يخلق إرباكاً للوالدين، وربما يقودهما إلى استخدام وسائل عقاب غير معهودة للأبناء. عدم تعود الزوج على البقاء في البيت فترة طويلة «من دون مهام» سيدخل الملل عليه ويجعله ينتبه إلى أمور كان غافلاً عنها، ويمارس سلوكيات تضايق الزوجة والأبناء مما يولد حالات الشجار وتنفيس الغضب فيما بينهما. هذه الحالة قد ترفع حدة التوتر والصدام بين الزوجين لأقصى حد، ولكنها بإذن الله لن تقود إلى الفراق الفوري، تقديراً للأوضاع العامة، ولكنها قد تقود إلى الانفصال النفسي والجسدي بين الزوجين، وتأجيل قرار التفكير بالانفصال الفعلي إلى ما بعد انقشاع غُمة كورونا. وتعطي كعكي أهم النصائح النفسية للزوجين موضحة: للخروج من هذه الحالة بصحة نفسية واجتماعية جيدة وقوية على جميع أفراد الأسرة، نرجو اتباع التوجيهات الآتية: قيام الزوجين بالاتفاق على توزيع المهام داخل البيت خلال هذه الفترة الطارئة. والاتفاق بينهما على أنشطة يومية للجميع ويشارك بإدارتها الجميع، وتشمل: «الحوار الإيجابي، والتوعية، والقراءة المفيدة، وصلاة جماعة، والصيام أيام محددة، وقيام الليل وقراءة القرآن وحفظ آيات منه، الصدقة، ممارسة أنشطة رياضية داخل المنزل، ومزاولة ألعاب تسلية كالشطرنج وورق اللعب، الرسم والموسيقي، والكتابة ونظم الشعر، كل حسب ميوله وهوايته. سيكلوجيا الأوبئة ومن الناحية الأسرية في تعديل وتهذيب السلوك بين الزوجين تقول الدكتورة ناديا نصير مستشارة تربوية واسرية حاصلة على دكتوراه في الصحة النفسية العلاجية: سيكلوجيا الأوبئة تحدث للمجتمعات عند تعرضها لوباء مفاجئ فيصاب المجتمع بنوبة من القلق والخوف والتوتر، ومع ذلك في الازمات يرتبط مصير الفرد بمصير المجتمع لأن الكل تحت تهديد واحد فيظهر التضامن الاجتماعي بصورة واضحة، وبالتالي على الأسرة أن تتفهم هذا الوضع جيداً من الناحية النفسية وكيف يؤثر انتشار الوباء الحالي كورونا على كل فرد من الناحية النفسية، حيث يتملك الإنسان الخوف والقلق والتوتر وعدم النوم ويكون تحت ضغط نفسي مما يؤدي في بعض الأسر إلى الخلافات الزوجية المستمرة والمشاحنات او صب الغضب علي الابناء ومعاقبتهم علي أتفه الأسباب وبناءً على الحجر ومنع التجول يزداد التوتر في المنازل وخصوصاً المنازل الصغيرة والخوف من المجهول يزيد الضغط النفسي على الافراد وخصوصاً متابعة الأخبار التي تُنشر عن الوباء وانه لم يكتشف له دواء وعلاج، ونجد أنفسنا كل ما نملكه فقط هو خطوات الوقاية ولكن هناك عدة طرق لتخفيف الضغط النفسي أهمها حسن الظن بالله والدعاء من الصغار والكبار، الثقة التامة بما تقوم به الدولة نحو شعبها بالمعونات المادية والمعنوية ، تجنب الخلافات الأسرية والروية والتعقل ومراجعة النفس ونشر المحبة والسلام داخل الاسرة فهذا وقت صعب يجب أن يشترك أفراد الأسرة فيه بالتعاون داخل المنزل، وعدم تصديق الشائعات لأنها تزيد من توتر الإنسان وعدم متابعة الأخبار بصورة مستمرة لان الانسان لا يستطيع التخلص من التفكير السلبي اذا ظل يستمع لقنوات الاخبار عليه الفصل بمشاهدة اشياء مرحة فقد ثبت علمياً ان الافلام المضحكة تقلل من حدة التوتر والقلق، والعلم بأن الوباء منتشر في كل بلاد العالم المفروض ان يخفف العبء على كل المجتمعات في الكرة الارضية والايمان بأن هناك حكمة لا يعلمها الا الله تخفف التوتر والقلق ولننظر الى الناحية الايجابية لوباء الكورونا الا يكفي توقف الحروب والعيش في سلام.