بعد أن سلط التقرير السنوي لوزارة الخارجية الأمريكية، الضوء على حملات قمع غير مسبوقة في تركيا، شملت عمليات قتل تعسفي ووفيات مشبوهة لأشخاص محتجزين واختفاء قسريا وتعذيبا واعتقالا واحتجازا وطردا من العمل لعشرات الآلاف من الأشخاص، وإغلاق عشرات الآلاف من الشركات والمؤسسات والمواقع على شبكة الإنترنت، ما يحول تركيا لدولة قمعية، ويجعل نظام أردوغان غارقًا في الفوضى، أكد الكاتب والمحلل السياسي عماد الدين الجبوري، أن التقرير فضح نظام أردوغان المهترئ وكشف انتهاكاته الضخمة لحقوق الإنسان، خصوصًا ما يتعلق بممارساته عقب الانقلاب المزعوم منتصف يوليو 2016، وخلال الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في 2018. ولفت الجبوري إلى أن أردوغان سعى بكل هذه التجاوزات إلى تثبيت سلطته وسطوته على السلطات الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية، منوهًا إلى أن لغة الأرقام مفزعة عما يقوم به أردوغان تجاه معارضيه، الذي يمثلون نخبة الشعب التركي. وأشار إلى أن التقرير جاء اتهام واضح وصريح لأردوغان وسياسته القمعية غير المبررة، خاصة وأن جرائمه تجاوزت الجغرافية التركية؛ حيث ما زال يرتكب مزيدًا من الحماقات في سوريا وليبيا، إذ إنه يدعم الجماعات الإرهابية في البلدين والمنطقة التي يعمل على تقسيمها وفقًا لمخططات تنظيم الإخوان الإرهابي. وتابع بأن جرائم أردوغان البشعة تتواصل في سوريا من خلال القصف العشوائي والهمجي، الذي قتل المدنيين من أطفال ونساء ورجال وشرد الآلاف من منازلهم ومناطقهم، من دون اكتراث لحقوق الإنسان أو القوانين الدولية والأعراف الإنسانية، كما عمد إلى تهريب الدواعش من السجون واستخدامهم في عمليات إرهابية، وكذلك إرسالهم للقتال في ليبيا دعمًا للإخوان هناك. ورأى الجبوري أن التدخل العسكري السافر لأردوغان في سوريا وليبيا يروم إلى إحياء العثمنة بغطاء إخواني، كما يفعل النظام الإيراني بمحاولاته الفاشلة لإحياء الإمبراطورية الفارسية برداء طائفي. واعتبر الكاتب والمحلل السياسي توقيت تقرير وزارة الخارجية الأمريكية دال على أن أردوغان قد تمادى في سياسته الخاطئة والسلبية في الداخل والخارج على حد سواء، وأن كل الأساليب الوحشية التي يتبعها لا يمكن أن تستمر على هذا المنوال، إذ إن نتائجها التدميرية ستنعكس على تركيا والمنطقة أيضًا. وأكد مدير المنتدى الإقليمي للاستشارات والدراسات خالد حمادة أن هذه ليست المرة الأولى التي يصدر فيها تقرير أمريكي يتحدث عن انتهاكات للديمقراطية والحريات والقانون لنظام أردوغان، ولكن المهم في ذلك أن الخارجية الأمريكية هي إحدى الأسس التي يبنى عليها قرار واشنطن، وهذا يعني أنه في أي وقت أو مرحلة ما من الممكن أن يتحول هذا التقرير إلى أداة للإدانة الأمريكية لاتخاذ قرار ضد نظام أردوغان. وأضاف، أن التقرير إحدى رسائل واشنطن إلى أنقرة المراد منها إشعارها وحلفاءها الآخرين بأن العلاقة معهم تحت المجهر والرقابة، والتأكيد على ضرورة وجود شروط لاستمرار التحالفات. ونوه إلى أن علاقات تركيا الدولية والعربية تتعرض لأزمات صعبة ناتجة عن محاولات أردوغان الدائمة للعب دور إقليمي عابر للحدود أكبر من حجم تركيا خاصة في سوريا وليبيا، حيث يواصل أردوغان العدوان في الأولى وإرسال المرتزقة ودعمهم على أرض الثانية، ما يقوض الجهود الدولية والإقليمية للتهدئة وإحلال السلام في البلدين .