تطبيع دبلوماسي ووعود مؤجلة بالحذف من قائمة الإرهاب وبالدعم الاقتصادي؛ حصاد زيارة رئيس الوزراء السوداني، عبد الله حمدوك، للولايات المتحدةالأمريكية. أولى ثمار الزيارة كانت ترفيع التمثيل الدبلوماسي بين البلدين من قائم بالأعمال إلى درجة سفير لأول مرة منذ 23 عامًا، بعدما عقد حمدوك في رحلته الطويلة لأمريكا التي استمرت 6 أيام، رفقة وزراء الدفاع والعدل والشباب والرياضة والشؤون الدينية والأوقاف، مباحثات مع وزير الخزانة الأمريكي، ستيفن تيرنر منوشين، والسفير المتجول المعني بمكافحة الإرهاب، ناثان سيلز وكبار المسؤولين في الخارجية والدفاع وأجهزة الاستخبارات، ورؤساء لجان وأعضاء في مجلسي الشيوخ والنواب، ورئيس البنك الدولي، والمديرة التنفيذية لصندوق النقد الدولي، سعى خلالها لإيفاء واشنطن بوعد سابق لمجلس الشيوخ الأمريكي، بأنه في حال تشكيل حكومة مدنية ذات مصداقية، تعكس تطلعات الشعب السوداني، سيتم العمل على إزالة السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، ورفع العقوبات المتبقية عليه وتطبيع العلاقات مع الحكومة السودانية. ورغبة في بيان أهمية زيارته، التي تعد الأولى لمسؤول سوداني على هذا المستوى منذ عقود، صرح في بدايتها أن استمرار عقوبات واشنطن على السودان قد تدفع به إلى قائمة الدولة الفاشلة، مطالبًا بقرار فوري لرفع تصنيف بلاده كدولة راعية للإرهاب، وفتح صفحة جديدة في علاقات البلدين. عقبات إجرائية وأكد وزير الخزانة الأمريكي لرئيس الوزراء السوداني على دعم الولاياتالمتحدة للحكومة الانتقالية، منوهًا إلى أنه سيجري مشاورات مع مسؤولي الحكومة في بلاده للنظر في كيفية تقديم الدعم اللازم للحكومة الانتقالية والخطوات اللازمة للإسقاط من قائمة رعاية الإرهاب. بينما امتدح، ناثان سيلز، الخطوات التي اتخذتها الحكومة السودانية مؤخرًا، كما حيا جهودها لتحقيق السلام ومكافحة الإرهاب وتعزيز الحريات والديمقراطية، مؤكدًا على التزام الولاياتالمتحدة بدعم الحكومة الانتقالية والتزامها بإسقاط اسم السودان من لائحة الدول الراعية للإرهاب، وأن العقبات في سبيل ذلك إجرائية فقط. عوامل إيجابية خلال الزيارة عرض حمدوك توجهات النظام الجديد المخالفة لأجندة الرئيس السابق، عمر البشير، التي كانت السبب المباشر في فرض العقوبات الأمريكية ودخول السودان لقائمة الدول الراعية للإرهاب، مركزًا على جهود حكومته في إقرار السلام في الداخل والخارج، ومكافحة الإرهاب والتنمية الاقتصادية والانفتاح السياسي، وفق ممارسات ديمقراطية وقيم المواطنة والعدالة وعدم التمييز الديني أو العرقي أو المناطقي، متسلحًا بإصداره قبل الزيارة قوانين وقرارات تم بموجبها حل حزب المؤتمر الوطني، الذي يعد الغطاء السياسي لجماعة الإخوان المصنفة “إرهابية” في عدة دول، وإلغاء قوانين سيئة السمعة ومقيدة للحريات، ووقف أنشطة عشرات المنظمات الخاصة المشبوهة التي كانت ستارا لجماعات متطرفة، وبعضها وفرت ملاذًا آمنًا لتنظيم القاعدة الإرهابي، وعدد من الإرهابيين الدوليين في تسعينيات القرن الماضي. خسائر”القائمة” ووفقًا لخبراء اقتصاديين، فقد تسبب إدراج السودان في القائمة عام 1993 في خسائر كبيرة للبلاد، تقدر بحوالي 250 مليار دولار، منها خسائر مباشرة تتعلق بوقف المنح والتسهيلات والقروض وفقدان أسواق وفرص تصديرية بما قيمته قرابة 130 مليار دولار، كما ترتب على أجواء العزلة والحصار الغربي على السودان خروج نسبة كبيرة من أسطوله البحري والجوي من العمل، نتيجة عدم إبرام عقود شراء وتطوير وصيانة، إضافة لعدم مواكبة التكنولوجيا الحديثة، مما عرقل مساعي التنمية، وخلف كل ذلك تبعات اقتصادية ومالية عبرت عن نفسها في تراجع قيمة الجنيه السوداني مقابل العملات الأجنبية، لتبلغ مجمل خسائر تلك التبعات قرابة 120 مليار دولار. ولم تكن الخسائر السياسية أقل ضررًا من الاقتصادية، حيث تأثرت سمعة السودان سلبًا بدرجة كبيرة، وبات موسومًا بتحالفه مع الأنظمة المارقة والجماعات المتطرفة، مما أسفر عن تقليص دوره في الهيئات والمحافل الدولية ، ويبذل اليوم جهودا كبيرة في التغيير والإصلاح.